ظروف دولية معقدة تلك التي تعقد فيها قمة المناخ في مصر، حيث يواجه العالم وباء كورونا وكذلك تداعيات حرب روسيا على أوكرانيا ليأتي ملف المناخ ضاغطاً على العالم بتحديات من نوع مختلف له تأثير على احتمال وقوع أزمات غذاء عالمية، وجفاف يتأثر به مئات الملايين من البشر، ورغم ما يحمله ملف المناخ من سخونة إلا أنه أيضًا يطرح كثيرًا من الحلول المقترحة، رغم المناكفات الحادة بين الدول الأوروبية وأميركا من جهة وبقية العالم من جهة أخرى فهم يريدون تحميل فاتورة معالجة هذا الملف على كل الدول، والتركيز كثيراً على أن الوقود الأحفوري سبب التغير المناخي وزيادة انبعاثات الكربون وهو ما يمثل انحرافاً خطيراً عن مسار المعالجة الذي يجب أن يشمل كل ما يؤثر على المناخ خصوصًا أنهم كدول صناعية كبرى عليهم جل المسؤولية بزيادة الانبعاثات الكربونية. في المقابل تطالب بقية الدول وخصوصاً منتجي النفط والغاز بالموضوعية في معالجة هذا الملف، فكان حضور مبادرة السعودية الخضراء خطة المملكة العربية السعودية لمستقبل مستدام لها وقع مميز، كخارطة طريق وعامل مؤثر بحلول المناخ، فقد قال ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء أمام قمة المناخ بشرم الشيخ إن «مبادرة السعودية الخضراء»، و»مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» اللتين سيتم إطلاقهما قريباً، سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة، وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية. وقد أوضح ولي العهد: إنه بصفتنا منتجاً عالمياً رائداً للنفط ندرك تماماً نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وإنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة، وسنعمل على تقليل انبعاثات الكربون. أعلنها رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء، الأمير محمد بن سلمان عن انطلاق الدورة الثانية من «قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» يوم 7 نوفمبر، و»منتدى مبادرة السعودية الخضراء» يومي 11 و12 نوفمبر المقبل في مدينة شرم الشيخ، تحت شعار: «من الطموح إلى العمل»، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP27). وتخصيص 2.5 مليار دولار لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر. ويستمد المؤتمر أهميته بإلزام المسؤولين في الدول الصناعية بتعهداتهم ودفع ثمن خسائر الدول الفقيرة من تغييرات مناخية مثل باكستان، وإيفاء الدول الغربية الصناعية بوعودها التي قطعتها منذ زمن، ولا شك أن تنظيم الأولويات والأدوات يساعد على طرح حلول لأزمات متعددة مترابطة تهز العالم، وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم التضخم العالي، وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء لعدد سكان ضخم يقدر بثمانية مليارات نسمة، فهل تتعهد الدول الصناعية بالوفاء بوعودهم ودفع ما عليهم للدول المتضررة؟ وبعد العديد من اللقاءات والاجتماعات وافقت الوفود المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) بعد محادثات جرت في ساعة متأخرة من مساء السبت على إدراج القضية الحساسة المتعلقة بما يجب على الدول الغنية تعويض الدول الفقيرة الأكثر تضررًا من تبعات تغير المناخ على جدول الأعمال الرسمي لأول مرة. فالعالم اليوم يواجه تداعيات التغير المناخي التي تشمل الجوانب البيئية وأيضًا الجوانب الاقتصادية، وتعثر ينبئ بظروف أسوء لها تأثير مباشر على الزراعة والأمراض والبنية التحتية، إضافة إلى الإنفاق الحكومي وغيره، وتقدر خسارة الاقتصاد العالمي 23 تريليون دولار، أي 10 في المئة من قيمته، بحلول عام 2050، كل ذلك يحدث تحولاً عميقاً لا يُطاق إذا لم تتكاتف دول الغرب والشرق وتنفذ المهام المترتبة عليها تجاه هذا الملف البالغ الأهمية.
مشاركة :