واشنطن – يشهد مجال التكنولوجيا حاليًا ركودا خطيرا بحيث أعلنت عدة شركات كبيرة تسريح أعداد كبيرة من الموظفين لديها. وتعيش تويتر، فيسبوك، أمازون، سترايب، وصولا الى نتفليكس أجواء غير مريحة مع بدء عمليات تسريح غير مسبوقة ترسم توقعات متشائمة بالنسبة لسوق العمل في قطاع التكنولوجيا، فما هي اسباب هذا التوجه؟ وقبل اسبوع، قال رئيس إدارة السلامة والنزاهة في شركة تويتر يوئيل روث الجمعة في تغريدة على تويتر إن الشركة استغنت عن 50 بالمئة من موظفيها. وقال روث إن 15 بالمئة من موظفي تويتر في فريق السلامة والنزاهة، المسؤول عن منع انتشار المعلومات الخاطئة والمحتوى الضار، قد تم تسريحهم. وأضاف أن عمليات التسريح على مستوى الشركة أثرت على 50 بالمئة من الموظفين، وهو أول تأكيد من تويتر حول حجم عمليات التسريح. والاربعاء، أعلنت مجموعة ميتا المالكة لشركة فيسبوك أنها ستسرّح أكثر من 11 ألف من الموظفين لديها في ما اعتبرته "أصعب التغييرات في تاريخها"، وفق ما قال رئيس المجموعة مارك زاكربرغ الأربعاء. ولفت زاكربرغ إلى أن هذه التسريحات تطال 13% من القوى العاملة في ميتا وستؤثر على مختبر الأبحاث فيها الذي يركّز على ميتافيرس، بالإضافة إلى تطبيقاتها بما فيها انستغرام وفيسبوك وواتساب. وقال زاكربرغ في رسالة إلى موظفي ميتا "أريد أن أتحمل مسؤولية هذه القرارات وكيف وصلنا إلى هنا". وأضاف "أعلم أن هذا صعب على الجميع، وأنا آسف بشكل خاص لمن تأثر" بهذه القرارات. وتعاني عدة منصات مدعومة بالإعلانات، مثل فيسبوك وغوغل، من تخفيضات ميزانية المعلنين في ظل معاناتهم من التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. وقال زاكربرغ للموظفين إنه كان يتوقع استمرار الطفرة في التجارة الإلكترونية والنشاط عبر الإنترنت خلال جائحة كوفيد-19، موضحًا "لكنني أخطأت في تقديري، وأنا أتحمل مسؤولية ذلك". وانخفضت أرباح ميتا إلى 4.4 مليار دولار في الربع الماضي من العام، أي بتراجع 52% على أساس سنوي. وففي الثالث من نوفمبر/كانون الاول، أعلنت شركة "سترايب" المتخصصة في التكنولوجيا المالية، أنها ستستغني عن 14 في المئة من قوتها العاملة. وفي نفس اليوم أعلنت "ليفت" تسريح عدد كبير من موظفيها. وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن مؤسسي شركة "ليفت" جون زيمر ولوغان غرين قالا إن الشركة ستخفض 13 في المئة من الوظائف، أو نحو 700 وظيفة. وسلط المؤسسون الضوء، في مذكرة، على الركود المحتمل. ولدى "ليفت" أكثر من 5000 موظف من دون شمل السائقين. وقامت الشركة في يوليو بتسريح نحو 60 شخصا، وأشارت في وقت سابق إلى أنها تخطط لإبطاء التوظيف وتقليل الميزانيات في بعض الإدارات. كما حددت "سترايب"، الخميس، أن عمليات تسريح العمال تستهدف 14 في المئة من الموظفين. وفي مذكرة للموظفين، أشار الرئيس التنفيذي باتريك كوليسون إلى "التضخم المستعصي، ومعدلات الفائدة المرتفعة، وميزانيات الاستثمار المنخفضة، والتمويل الضئيل لبدء التشغيل". والخميس، قالت "دابر لابز" التي تنشئ رموزا غير قابلة للتلف من المحتوى في الاتحاد الوطني لكرة السلة والدوري الوطني لكرة القدم، إنها تسرح 22 في المئة من الموظفين. وتخلت شركة "كوين بايز غلوبال" المشغلة لتبادل العملات المشفرة هذا الصيف عن 18 في المئة من موظفيها، وخفضت شركة "روبين هود ماركت" التجارية 9 في المئة من العمالة لديها. من جهتها قالت "أمازون" إنها ستجمد عمليات التوظيف لأشهر، وفق تقرير لـ"وول ستريت جورنال". قالت نائبة الرئيس الأولى في "أمازون" بيث غاليتي في مذكرة للموظفين هذا الأسبوع "إننا نواجه بيئة اقتصادية غير عادية، ونريد أن نوازن بين التوظيف والاستثمارات لدينا مع التفكير بالظرف الاقتصادي". وأخطرتهم المذكرة بخطة "أمازون" التي تنص على إيقاف توظيف القوى العاملة في الشركة، والتي تشمل موظفين في فرق رفيعة المستوى. وكانت معظم تخفيضات الوظائف في نتفليكس في مايو/حزيران، في مجال التسويق. في حين أن الجزء الأكبر من نسبة 20 في المئة من الموظفين سرحتهم شركة "سناب"، كانوا يعملون في فريق مبيعات الإعلانات وقسم تجريبي يصنع أجهزة الواقع المعزز. وطلبت "غوغل" التابعة لشركة "ألفابيت" من بعض الموظفين التقدم لوظائف جديدة للبقاء في الشركة. وجاءت هذه الأخبار القاتمة بالتوازي مع قيام الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، ما يشير إلى أخطار أكبر بأن الاقتصاد الأميركي ينزلق إلى الركود. وفي مواجهة هذا الاحتمال، يحذر المسؤولون التنفيذيون في شركات التكنولوجيا من المرحلة العصيبة المقبلة. وبعد سنوات من النمو غير المسبوق والأرباح القياسية، تتراجع العديد من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم مع تغير أنماط التسوق بعد كورونا، واضطرت الشركات إلى دراسة الإنفاق على كل شيء من الإعلانات إلى الاستثمارات، حسب "وول ستريت جورنال". ويشير تحليل "إيكونوميست" إلى أن اللوم يقع جزئيا على التوسع الكبير الذي نفذته شركات التكنولوجيا خلال جائحة كورونا، واعتمدت على توقعات متفائلة، بدا في النهاية أنها كانت خاطئة. على سبيل المثال، زادت "ميتا" من قوتها العاملة بنسبة 60 في المئة تقريبا على مدار عامي 2020 و2021. وبعد أن كان تطبيق "روبنهود" لتداول الأسهم شائعا خلال الوباء، قلص أيضا قوته العاملة بنسبة 30 في المئة. واعترف مؤسسو "سترايب" في رسالتهم للموظفين التي أعلنوا فيها عن تسريح بعض الموظفين أن الشركة كانت "متفائلة للغاية" بشأن النمو، الذي ارتفع في العامين الماضيين بفضل إقبال المستهلكين على التجارة الإلكترونية التي تباطأت خلال العام 2022.
مشاركة :