وزير البيئة اليمني لـ«الرياض»: خزان صافر ينذر بأكبر كارثة بيئية في العالم

  • 11/11/2022
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

طالب وزير المياه والبيئة اليمني المهندس توفيق الشرجبي، الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، بالإفصاح عن طبيعة الشحنة الموجودة على متن الناقلة صافر والتي لم تخضع لأي صيانة منذ بداية حرب الانقلاب الحوثي في اليمن قبل سبع سنوات. وقال وزير البيئة اليمني في حوار خاص لـ"الرياض" إن الميليشيات الحوثية حتى اللحظة ترفض السماح لأي من مفتشي الأمم المتحدة والمعنيين بالوصول للسفينة للتأكد من طبيعة الأضرار الناجمة عن توقف صيانة السفينة طوال هذه السنوات. وإلى نص الحوار: ما تداعيات احتجاز ميليشيا الحوثي الإرهابية خزان صافر النفطي؟ قضية خزان صافر تعد من بين أهم القضايا البيئية بل تعد قنبلة موقوتة تنذر بأكبر كارثة بيئية على مستوى العالم، حال تسرب النفط المخزن فيها لأي سبب من الأسباب وسوف تؤثر على بيئة البحر الأحمر بأكمله وليس اليمن فقط، وعلى الرغم من ذلك تستثمر الميلشيات الحوثية الإرهابية هذه الكارثة لتهديد دول المنطقة والملاحة الدولية. وكورقة لابتزاز دول الإقليم والمجتمع الدولي. ولهذا سعينا منذ فترة طويلة وتابعنا هذه القضية بصورة مستمرة لإدراكنا مدى خطورة هذه المسألة. وقد أثمرت تلك الجهود بالتوصل إلى خطة لمواجهة هذه الأزمة بالتنسيق مع الأمم المتحدة وبعض الدول الشقيقة والصديقة من بينها المملكة العربية السعودية، حيث تكفلت الحكومة الهولندية بالمبادرة لمتابعة تنفيذ هذه الخطة، وتم رصد وتوفير التمويل المطلوب لحل هذه الأزمة. ونظراً لقناعتنا بأهمية حل هذه القضية وبالرغم من إمكانياتنا الشحيحة فقد وفرت وزارة المياه والبيئة مبلغ خمسة ملايين دولار كمساهمة منا لحل هذه القضية. ونأمل أن تفي جميع الأطراف بما فيها الميليشيات الحوثية الإرهابية بالتزاماتها للوصل إلى الحل المتفق عليه. كيف يمكن وقف تلاعب الحوثيين ومماطلتهم بشأن قضية صافر؟ نود هنا التأكيد فيما يتعلق بخزان صافر، بأن الخطة الطارئة للأمم المتحدة والتي تبناها الممثل المقيم للشؤون الإنسانية في اليمن السيد ديفيد غريسلي وكذلك المبادرة من الأصدقاء الهولنديين هي مبادرة دعمتها الحكومة اليمنية وأكدت المصادقة عليها كخطة عاجلة لإنقاذ خزان النفط صافر -الراسي قبالة سواحل محافظة الحُديدة- وفي هذا الصدد أود التأكيد على أن ثمة أهمية بالغة للإفصاح عن طبيعة الشحنة الموجودة على متن السفينة، حيث مازالت الميليشيات الحوثية حتى اللحظة ترفض السماح لأي من مفتشي الأمم المتحدة والمعنيين بالوصول للسفينة للتأكد من طبيعة الأضرار الناجمة عن توقف صيانة السفينة لأكثر من 7 سنوات. ونحن هنا نطالب بوضوح الأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية وكافة المعنيين بتنفيذ خطة الأمم المتحدة الطارئة لإنقاذ صافر، بضرورة الإفصاح عن محتوى الناقلة من المشتقات النفطية، وأن يتم السماح الوصول إلى السفينة المتهالكة من قبل مفتشي الأمم المتحدة، والتأكد من أن السفينة لا تزال تحوي الكمية البالغة حوالي مليون و144 ألف برميل من النفط الخام. وأؤكد هنا أن مطالبتنا ليست من فراغ، بل انطلاقاً من شكوك لدينا بأن المليشيا الانقلابية الحوثية تحاول التعتيم على هذا الجانب وترفض السماح للمفتشين من الوصول إلى السفينة للتأكد من أن هذه الكمية مازالت بالفعل موجودة أم تم تفريغها أو جزء منها من قبل الانقلابيين الحوثيين خلال السنوات الماضية، فمن غير المعقول أن يتم حشد كل هذه المبالغ والإعلان عن خطة وتقديم تبرعات والعمل على كل تلك الإجراءات ومتابعة المانحين لاستيفاء التعهدات التي التزمت بها تلك الدول، والتي تم استكمال المرحلة الأولى منها بالفعل، دون أن يكون واضحاً وبشكل قطعي من قبل الأمم المتحدة بأن صهاريج السفينة لا تزال تحوي الكميات المُعلن عنها من المشتقات النفطية، بل وفي ظل عدم وصول أي فريق أممي أو موظف واحد حتى الآن إلى سطح الخزان النفطي العائم، وحتى الآن لم يصلنا أي تأكيد موثق بأن النفط ما زال موجوداً فيها، وهذا أمر حيوي ينبغي البتّ فيه بصورة عاجلة، فما زلنا حتى الآن ننتظر أن يتم الإبلاغ رسمياً من قبل جهة مسؤولة وموثوقة تتبع الأمم المتحدة عن تمكنها من الوصول إلى متن السفينة، والإفصاح عن الكمية الموجودة من النفط المخزن داخل صهاريج الناقلة صافر، ليتم البدء بعملية التفريغ واتخاذ باقي الإجراءات والتدابير الوقائية التي نصت عليها خطة الإنقاذ الأممية. يشارك اليمن حالياً في قمة المناخ المنعقدة بشرم الشيخ.. هل لعبت التغيرات المناخية دوراً في تفاقم الأزمة الإنسانية الواقعة حاليا؟ وما التحديات التي ساهمت في صعوبة اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ؟ الأزمة الإنسانية في اليمن ازدادت إلى حد كبير، وبالفعل لدينا تحديات رئيسة في هذا الشأن؛ أولاً خلقَ الصراع الحالي نتيجة التمرد الحوثي حالة إنسانية صعبة نتيجة التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة من قبل الانقلابيين، وهو ما أثر سلباً على كافة قطاعات الدولة، ما جعل الحكومة التي فقدت معظم مواردها نتيجة الفوضى والدمار اللذين خلفتهما الحرب، وتوظف كافة إمكانيتها الشحيحة لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة، كقضايا النازحين، والصحة، والفقر. وفوق كل ذلك، ازدادت حدة التغيرات المناخية السلبية على البلد، خلال سنوات الصراع، حيث شهدت اليمن عدة كوارث مناخية، من الأعاصير المدارية والفيضانات، وعواصف الغبار الشديدة، وموجات الجفاف في بعض المناطق. كما أثرت التغيرات المناخية بشكل واضح على أهم القطاعات الحيوية في البلد، كالزراعة التي تعد عصب الدخل الرئيسي للمجتمعات المحلية، وأثرت على قطاع المياه في عدة مناطق، وهو ما زاد من استنزاف موارد المياه الشحيحة، ورفع من مستوى التهديد القائم بخطر الجفاف، كما تأثر الصيادون في المناطق الشرقية بصورة بالغة نتيجة الأعاصير المدارية التي أيضاً طالت البنى التحتية لمحافظات المنطقة الشرقية في اليمن وانعكس ذلك في التأثير السلبي على إدارة الموارد البحرية في جميع المناطق الساحلية. لذلك الوضع الإنساني الحالي هو أصعب التحديات التي تعيق الدولة من اتخاذ أي إجراءات بشأن تغير المناخ، على الرغم من الجهود المستمرة لوزارة المياه والبيئة عبر الهيئة العامة لحماية البيئة. ولهذا، تعد قمة المناخ المنعقدة في مصر فرصة لحل وحسم الكثير من القضايا البيئية في اليمن ومعظم الدول النامية، التي تسعى للوصول إلى المساعدة في التكيف مع التغيرات المناخية، وبحث سبل توفير تمويل الخطط المتعلقة بالمناخ في الدول النامية والفقيرة باعتبارها الأكثر عرضة للآثار السلبية للتغير المناخي، والضغط من أجل تنفيذ تعهدات الدول المتقدمة عام 2009 بمنح 100 مليار دولار سنوياً لتعويض الدول المتضررة من أجل مواجهة أضرار التغير المناخي ووضع خطط طويلة الأمد للحفاظ على البيئة، ومواصلة العمل مع بلدان العالم لخفض الاحترار العالمي والوصول بمستوى الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050 وفقاً لاتفاقية باريس عام 2015. ما أبرز أوجه التعاون بينكم وبين البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن؟ لدينا برامج مشتركة كثيرة على مدى سنوات فيما يتعلق بتنفيذ عدد من المشروعات في مجال المياه والإصحاح البيئي في كثير من المناطق اليمنية؛ عدن والمهرة وسقطرى ولحج والساحل الغربي وتعز، وهناك برنامج المسار السريع الذي تم الاتفاق بشأنه مع الحكومة اليمنية ويتم تمويله من البرنامج السعودي بحوالي 400 مليون دولار، وفي هذا الإطار هناك عدد من المشروعات الاستراتيجية في قطاع المياه والإصحاح البيئي، تتمثل في تزويد حقول آبار المياه بالطاقة الشمسية، للمساعدة في تغطية عجز الطاقة -شبه الكلي- فيما يتعلق عدم القدرة على توفير المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل مضخات المياه الحكومية. كما يوجد برنامج لتنفيذ طاقة مستدامة عبر الألواح الشمسية وإعادة تأهيل عدد آخر في بئر أحمد وبئر ناصر وحفر آبار جديدة في الحقلين لتزويد مدينة عدن وتأمين المياه للسكان، وهناك أيضاً مشروع تجريبي لتحلية مياه البحر بقدرة 10 آلاف متر مكعب يوميا، ويجري الإعداد لتنفيذ هذا المشروع بالإضافة إلى عدد من المشاريع المتعلقة بنقل خط الضخ الرئيسي من الحقول إلى مدينة عدن من أجل تقليل الفاقد واستبدال هذا الخط القديم الذي كان يشكل ضغط كبير على الموارد في عمليات الصيانة، بالإضافة إلى عدد من المشروعات ذات الصلة بالصرف الصحي مثل إعادة تأهيل محطة "خور مكسر" بعدن وكذلك عدد من المشاريع الأخرى. قدم المشروع السعودي "مسام" لنزع الألغام في اليمن تجربة إنسانية على مدار 5 سنوات.. كيف ترى ما حققه حتى الآن من نتائج؟ للأسف الشديد دأبت الميليشيات الحوثية على زراعة الألغام على نطاق واسع وبشكل عشوائي في معظم المناطق التي دخلتها أو حتى فشلت في دخولها، وذلك على مدى سنوات الحرب، حيث إن معظم هذه الألغام زُرعت في مناطق آهلة بالسكان، وفي الطرقات والأراضي الزراعية والقرى والحقول بل وزرعت الألغام في باطن الأسفلت والصحاري المتاخمة للطرقات السريعة، في صورة أشبه ما يكون بنشر وباء فيروسي. ولا يخفى على أحد أن زراعة الألغام هذه الصورة الوبائية الكارثية، دون وجود أي ضرورات عسكرية مباشرة لذلك، وفي مناطق مدنية مكتظة بالسكان، وبلا خرائط، إنما تكشف عن طبيعة هذه الميليشيات من خلال هذا العمل الذي يستهدف المدنيين الأبرياء، وكأنها تسابق الزمن في حرب إبادة مستمرة للقضاء على أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا. وقد أثرت هذه الألغام بشكل كبير على حركة المواطنين ومنعت الكثيرين من الوصول إلى حقولهم ومزارعهم وأراضيهم، بسبب ألغام المليشيات الحوثية، وبالتالي، تعطل وتوقف عملية الزراعة في هكتارات واسعة من الأراضي الزراعية التي أصبح بعضها أرضاً بوراً بسبب توقف الفلاحة فيها، وآثار ذلك من الناحية الاقتصادية والمعيشية، حتى بلغت نسبة انخفاض الأراضي الزراعية في اليمن قبل نحو عامين إلى ما يزيد على 20 % من إجمالي الأراضي الزراعية المنتجة قبل الحرب. ولقد كان لهذه المعضلة آثار كبيرة طالت عدة مجالات إنسانية من بينها إعاقة عملية التنقل، ووفاة وجرح الآلاف من المواطنين وتوقف الحركة الاقتصادية في بعض المناطق، وتعطل النشاط الزراعي.. إلخ ذلك من الآثار والتداعيات. ومن ثم فقد ساهم برنامج مسام لنزع الألغام بالتعاون مع الحكومة اليمنية في التخفيف من آثار وتداعيات الكوارث الإنسانية والبيئية التي افتعلتها الميليشيات من خلال زراعة الألغام، وذلك في المناطق المحررة، حيث نجح برنامج مسام السعودي بالتعاون مع الحكومة اليمنية في نزع كميات كبيرة من الألغام في مناطق الساحل الغربي ومحافظات تعز ومأرب وشبوة وحريب وغيرها من المناطق اليمنية، ونحن نوجه تحية لجهود مركز مسام السعودي لنزع الألغام كونه بالفعل قدم خدمة كبيرة في هذا الجانب وله جهد كبير يستحق منا كل التقدير.

مشاركة :