كيف تساعدنا التكنولوجيا على التحدث إلى الحيوان؟

  • 11/11/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن أن يتواصل البشر قريبا مع الحيوانات، حيث يستخدم العلماء في دول عدة الذكاء الاصطناعي للتحدث إلى النحل والفيلة والحيتان، لكن أحد الخبراء يخشى من إمكانية استخدام هذه المقدرة للتلاعب بالأنواع البرية. لندن - يقوم مدرب بإصدار إشارة “معًا” بيديه، متبوعة بـ”طبق”. يختفي الدلفينان المدرّبان تحت الماء، يتبادلان الأصوات ثم يخرجان، ينقلبان على ظهريهما ويرفعان ذيليهما. لقد ابتكرا خدعة جديدة خاصة بهما وقاما بتنفيذها جنبًا إلى جنب، تمامًا كما هو مطلوب. ويقول عزا راسكن المؤسس المشارك ورئيس مشروع أنواع الأرض “هذا لا يثبت وجود لغة. لكن من المنطقي بالتأكيد أنه إذا كان لديهما وصول إلى طريقة غنية ورمزية للتواصل، فإن ذلك سيجعل هذه المهمة أسهل بكثير”. ولطالما سعى البشر لامتلاك القدرة على التحدث مع الحيوانات، وربما سمعت من قبل عن قصص النبي سليمان التي تحكي عن سماعه حديث النمل، أو قصته مع الهدهد، وجميعها تدل كما يعتقد المؤمنون على قدرات خاصة وهبها الله له دون سواه من البشر. الرغبة في التواصل مع الحيوان جسدها الإنسان على شاشة السينما بعمل العديد من الأفلام أشهرها “دكتور دوليتل” عام 1967. واليوم لم تعد الفكرة مجرد حبكة فيلم، حيث نجح العلماء في اكتشاف طرق ناجحة للتواصل مع الحيوانات، بل وللتخاطب معها أيضا. وكان راسكن قد ترأس واحدا من هذه المشاريع الطموحة والجريئة لفك تشفير الاتصالات غير البشرية باستخدام شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي باعتماد التعلم الآلي، وجعل كل المعرفة متاحة للجمهور، وبالتالي تعميق علاقتنا مع الأنواع الحية الأخرى والمساعدة في حمايتها. مراقبة مضنية ألودي بريفر: نتواصل مع الحيوان لكننا لا ندرك المدى الذي يمكن الذهاب إليه ألودي بريفر: نتواصل مع الحيوان لكننا لا ندرك المدى الذي يمكن الذهاب إليه وتصدر الرئيسيات المختلفة نداءات إنذار تختلف باختلاف المناسبة أو الخطر الذي يتهددها؛ تخاطب الدلافين بعضها البعض باستخدام صفارات التوقيع، ويمكن لبعض الطيور المغردة استقبال عناصر من مكالماتها وإعادة ترتيبها لتوصيل رسائل مختلفة. لكن معظم الخبراء لا يسمونها لغة، حيث لا يوجد اتصال حيواني يلبي جميع المعايير. ومع ذلك يقول راسكن "النهاية التي نعمل عليها هي، هل يمكننا فك شفرة التواصل مع الحيوانات، واكتشاف لغة غير بشرية. على طول الطريق وعلى نفس القدر من الأهمية، نقوم بتطوير التكنولوجيا التي تدعم علماء الأحياء والحفظ الآن". وحتى وقت قريب، كان فك التشفير يعتمد في الغالب على المتابعة والمراقبة المضنية. ولكن مع تزايد الاهتمام بتطبيق التعلم الآلي للتعامل مع الكميات الهائلة من البيانات التي يمكن جمعها الآن بواسطة أجهزة الاستشعار الحديثة التي يحملها الحيوان، وبدء الناس في استخدامها، أصبح الطريق ممهدا للتخاطب مع الحيوانات، كما تقول ألودي بريفر الأستاذة المشاركة في جامعة كوبنهاغن التي تدرس التواصل الصوتي لدى الثدييات والطيور. ومع ذلك تقول ألودي نحن "لا نفهم حقًا حتى الآن ما يمكننا القيام به". وشاركت بريفر في تطوير خوارزمية تحلل أصوات الخنازير لمعرفة ما إذا كان الحيوان يمر بمشاعر إيجابية أو سلبية، وما إذا كانت القوارض في حالة إجهاد بناءً على مكالماتها فوق الصوتية. وهناك مبادرة أخرى CETI "مبادرة ترجمة الحيتان" تهدف إلى استخدام التعلم الآلي لترجمة تواصل حيتان العنبر. ولكن راسكن يؤكد أن النهج الذي يتبعه مختلف، لأنه لا يركز على فك تشفير الاتصال بين نوع واحد، ولكن بين الأنواع جميعها. وفي الوقت نفسه يؤكد أنه ستكون هناك احتمالية أكبر للتواصل الرمزي الغني بين الحيوانات الاجتماعية، على سبيل المثال الرئيسيات والحيتان والدلافين. ورغم ذلك فإن الهدف من وراء جهودهم هو تطوير أدوات يمكن تطبيقها على مملكة الحيوان بأكملها. ويؤكد قائلا إن "الأدوات التي نطورها يمكن أن تعمل على جميع الأحياء، من الديدان إلى الحيتان". عزا راسكن: نطور أدوات تعمل على جميع الأحياء من الديدان إلى الحيتان عزا راسكن: نطور أدوات تعمل على جميع الأحياء من الديدان إلى الحيتان ويعمل فريق من الباحثين في ألمانيا مستعينا بالذكاء الاصطناعي على فك تشفير أنماط الأصوات غير البشرية، مثل رقصة نحل العسل والضوضاء ذات التردد المنخفض للفيلة، ما يتيح جعل التكنولوجيا ليس فقط وسيلة للتواصل، ولكن أيضا للتحكم في الحيوانات البرية. وبقدر ما تثير إمكانية التخاطب مع الحيوان من مشاعر إيجابية، فهي تثير أيضا مخاوف أخلاقية. وفي عرض لآخر ما توصلت إليه جهود العلماء، قالت كارين باكر من جامعة كولومبيا البريطانية إنه يمكن إضافة الذكاء الاصطناعي الناطق مع الحيوان إلى الروبوتات التي يمكنها "اختراق حاجز التواصل بين الأنواع بشكل أساسي"، لكنها لاحظت أيضا أن هذا الاختراق يثير أسئلة أخلاقية، حيث أن تمكين البشر من التحدث مع الأنواع المختلفة يمكن أن يخلق "إحساسا أعمق بالقرابة، أو إحساسا بالسيطرة والقدرة على التلاعب في تدجين الأنواع البرية التي لم نتمكن كبشر من السيطرة عليها سابقا". وفي عام 2018، قام باحثون من مركز داهليم للتعليم الآلي والروبوتات في ألمانيا بتصميم RoboBee (روبوت نحلة) يحاكي رقصة النحل المتذبذبة، والتي تُستخدم لنقل المعلومات من بعضها إلى بعض. وتم تصميم الروبوت، الذي لا يشبه نحلة حقيقية، على شكل إسفنجة بأجنحة ومثبتة بقضيب يُتحكم في حركته. وقام الفريق بتدريب الروبوت على تقليد حركات رقصة الاهتزاز نفسها، والتي تتكون من أشكال مختلفة من تدفق الهواء والاهتزازات، وقد خدعت النحل في "الاستماع إليها". وتم العثور على بعض النحل لمتابعة التوجيهات من RoboBee، مثل مكان التحرك داخل الخلية أو التوقف تماما. قضايا أخلاقية أصوات الحياة: كتاب تشرح فيه بريفر كيف تقربنا التقنيات الرقمية والخوارزميات من عوالم الحيوانات والنباتات أصوات الحياة: كتاب تشرح فيه بريفر كيف تقربنا التقنيات الرقمية والخوارزميات من عوالم الحيوانات والنباتات وقالت باكر التي نشرت مؤخرا كتابا بعنوان “أصوات الحياة: كيف تقربنا التقنيات الرقمية من عوالم الحيوانات والنباتات”، إن "الخطوة التالية من بحث ألمانيا هي زرع العديد من الروبوتات في خلايا مختلفة لرؤيتها، إذا كانت المستعمرة ستقبل الآلات كواحدة منها". وأضافت "وبعد ذلك سيكون لدينا درجة غير مسبوقة من السيطرة على الخلية؛ قمنا بتدجين تلك الخلية بشكل أساسي بطريقة لم نقم بها من قبل". وهذا هو المكان الذي تناقش فيه باكر القضايا الأخلاقية التي يمكن أن تنشأ من هذه القدرة، مشيرة إلى أن مثل هذه التقنيات يمكن أن تؤدي إلى استغلال البشر للحيوانات. ومع ذلك، فهي تأمل في أن يتم استخدام القدرات للسماح للشخص العادي "بالتناغم مع أصوات الطبيعة". وتناقش باكر عمل عالمة الحيوان والباحثة في بايوكوستيك Bioacoustics كاتي باين التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لالتقاط الأصوات دون الصوتية. ووصفت باين الأصوات بأنها “خفقان غريب في صدرها، وشعور غريب بعدم الارتياح”، كما قالت باكر “هذا غالبا ما يمكننا كبشر أن نشعر بالموجات فوق الصوتية”. وإلى جانب نحل العسل، أطلق فريق من العلماء الدوليين العام الماضي مشروعا طموحا للاستماع إلى اتصالات حيتان العنبر ووضعها في سياقها وترجمتها، بهدف “التحدث” إلى هذه الحيوانات البحرية المهيبة. وهذا المشروع المسمى Project CETI (مبادرة ترجمة الحيتان)، يستخدم أيضا الذكاء الاصطناعي لتفسير أصوات النقر (الكودات) التي تصنعها حيتان العنبر للتواصل بعضها مع بعض. ويستخدم الفريق، الذي أطلق مشروع CETI في أكتوبر 2021، معالجة اللغة الطبيعية أو البرمجة اللغوية العصبية - وهو حقل فرعي للذكاء الاصطناعي يركز على معالجة اللغة البشرية المكتوبة والمنطوقة - والتي سيتم تدريبها على أربعة مليارات من كودات حوت العنبر. وتتمثل الخطة في جعل الذكاء الاصطناعي يربط كل صوت بسياق محدد، وهو إنجاز سيستغرق خمس سنوات على الأقل، وفقا للباحثين. وإذا حقق الفريق هذه الأهداف، فستكون الخطوة التالية هي تطوير ونشر روبوت محادثة تفاعلي ينخرط في حوار مع حيتان العنبر التي تعيش في بيئتها الطبيعية في أعماق البحار. وتشير باكر إلى أن البشر تواصلوا مع الحيوانات في الماضي، وتحديدا الرئيسيات، لكنهم فعلوا ذلك من خلال "وجهة نظر تتمحور حول الإنسان للغاية" مثل تعليم لغة الإشارة للحيوانات. ومع ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي هو وسيلة لاستخدام لغة المخلوق الخاصة للتواصل معه. وتقوم التكنولوجيا بتحليل الإشارات الفريدة المرتبطة بالسلوكيات والأنماط لإنشاء اللغة. واستطردت باكر قائلة "ما يفعله هؤلاء الباحثون ليس محاولة لتعليم تلك الأنواع لغة بشرية، بل تجميع، بشكل أساسي، لقواميس إشارات ثم محاولة فهم ما تعنيه تلك الإشارات داخل تلك الأنواع".

مشاركة :