قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير-في خطبة الجمعة-: التطهر من الرذائل والتلبس بالفضائل شأن الكمل، ومن الرذائل المهلكة داء الحسد، والحسد داعية النكد ومطية الكمد وعلامة الشؤم واللؤم، وحد الحسد أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه، ويعرف الحاسد باللحظ واللفظ، ورب لحظ أنم من لفظ، وللحاسد ثلاث علامات يتملق إذا شهد ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة، وحاسد النعمة لا يرضيه إلاّ زوالها، ولا يسره إلاّ انتقالها، لا يرضى بقضاء ولا يقنع بعطاء، إذا نظر إلى من فوقه في علم أو في خلق أو خلق أو مال أو خصلة من خصال التفضيل اعترض على الله في مشيئته واغتاظ من فضل الله وقسمته، لا يرى قضاء الله عدلاً ولا لنعمه من الناس أهلاً يكره نعمته ويجهل حكمته، ويسعى بالبغي على من أنعم الله ويمضي في المكر بمن أحسن الله إليه. وأضاف: من غوائل الحسد تنقيص العمر، وتشكيك الفكر، ولقد وبخ الله الحاسدين وذم صنيعهم واستقبح فعالهم، فقال عز وجل: "أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله"، وأم هي المنقطعة والتقدير بل يحسدون الناس على ما جاد الله عليهم من سجله وأفاض عليهم من فضله، والحسد من الذنوب العظام والكبائر الجسام؛ لأنه يأكل الحسنات ويديم الحسرات، فوا أسفاه على من أوقد نار الحسد في قلبه وجعل حطبها صالح كسبه، ويا حسرة من أسره الشيطان وأسكرته الغفلة حتى جاد بدينه وحسناته وقدم على الله فقيراً حق مفلساً ممقوتاً وذلك مراد الشيطان من أتباعه وأوليائه. وذكر أن من لمع نجمه وارتفع سهمه واشتهر اسمه تألب عليه الحسد وتواطأ عليه الشانئون؛ لأن المنزلة الرفيعة وعلو الصيت تثير الضغائن وتبعث الأحقاد، ولولا حب الوجاهة والصدارة وطلب الرئاسة والطمع في الأموال والمناصب والولايات ما حسد أحد أخاه على ما حازه من غنائم المعالي ولا ودت النفوس الظالمة أن تسلب المحسود ما وهبه الله من عقود اللآلي، ومن عاش بين الناس لم يخلو من أذى بما قال واش أو تكلم حاسد.
مشاركة :