أثارت الندوة المُقامة مساء أمس الأول بمعرض الشارقة للكتاب (2022) بعنوان: «أسرار الكتابة لليافعين»، العديد من علامات الاستفهام حول نوعية الكتابة الموجهة للفئات العمرية الشابة، وكيفية تقبّل اليافعين لها وتفاعلهم مع مواضيعها ومناخاتها السردية، حيث يحتلّ اليافعون موقعهم المميز ضمن شرائح الجمهور القارئ، ولذلك ركزت الندوة على بعض الأسئلة الملحّة في الوقت الحاضر، مثل: ما الذي يبحث عنه هؤلاء في الكتب؟ وما الذي يشجّع كاتباً ما على الكتابة لهذه الفئة تحديداً؟ وهل تحقّق الكتب الموجهة لليافعين الغرض من إنتاجها؟ وهل من آثارٍ حقيقيةٍ لهذه الكتب قادرة على أن تتخطّى الدهشة والإثارة الناجمة عنها؟ شارك في الندوة كل من الكاتبة الإماراتية نادية النجّار، والكاتبة اللبنانية المقيمة في فرنسا زينة أبي راشد، والكاتبة الأميركية كارين مكمانوس، وأدارت الندوة الكاتبة والإعلامية شيخة المطيري. وأشارت المطيري في مستهل تقديمها للندوة إلى أن اتخاذ معرض الشارقة للكتاب في دورته الحالية شعار: «كلمة للعالم» يهدف إلى إيصال المعرفة أيضاً إلى كافة الشرائح المجتمعية، ومن ضمنها شريحة اليافعين الذين يصنعون قاعدة جديدة للوعي عند التلقّي، وقاعدة أخرى جديدة للإنتاج إذا استهوتهم عملية الكتابة، ومن هنا فإن أهمية هذه الندوة -كما أشارت- تنبع من الاطلاع على تجارب المؤلفين المتخصصين في هذا النوع الخاص من الكتابة، وإقامة حوار حيّ ومباشر مع حضور الندوة من اليافعين لاكتشاف أفكارهم وطريقة تعاطيهم مع الكتب، والأعمال الأدبية الجاذبة لهم.بدورها، قالت نادية النجار إنها كتبت للكبار وللصغار معاً، واختارت أن تكون كتبها الموجهة لليافعين معزّزة بالصور والرسومات التعبيرية والمستخلصة من فضاء الحكايات والقصص الموزعة بين دفتي الكتاب، وأشارت إلى أن أول كتاب نشرته لليافعين كان نتاجاً لفترة العزلة أثناء جائحة كورونا، وإجراءات الحظر التي رافقتها، حيث تبادلت مع صديقة مهتمة بالكتابة مثلها، رسائل تخيلية بين فتاة يافعة وبين طفلة صغيرة، وتحولت هذه الرسائل بعد ذلك إلى ما يشبه القصة الطويلة ذات المناخات السردية المدهشة، والممتدة في أفق إنساني واجتماعي يلامس هذه الفئات ويحمل خطابها العفوي، مضيفة أنها وضعت في اعتبارها أثناء تأليفها للكتاب تفكير الفئة العمرية المتراوحة بين مرحلة الطفولة وبين مرحلة اليفاعة والمراهقة، انطلاقاً من أسئلة جوهرية مثل: ماذا تريد هذه الفئة من محيطها؟ وكيف تتعامل مع عالمها الداخلي، ومع الواقع الخارجي؟ وغيرها من الأسئلة المغلفة بالفضول والرغبة المتأصلة لديهم في اكتشاف الحياة. أخبار ذات صلة الإمارات: مكافحة الإرهاب بأفريقيا ضرورة لتحقيق السلام الإمارات: الحالة في أفغانستان لا تزال مقلقة مغامرة الحياة أما الكاتبة الأميركية كارين مكمانوس فأوضحت أنها انحازت في كتاباتها لليافعين إلى الجانب الغامض المنطوي على التحدي، وخوض مغامرة الحياة دون خوف، من خلال تأليفها لأعمال تنطوي على الحس البوليسي في اكتشاف الجريمة، ومسبباتها، والشخوص المتورطين في هذه الجرائم، وكيفية تفكيرهم، مضيفة أنها تضع القراء اليافعين في ذات الموقع الصعب لشخوص رواياتها، حتى يتعلموا بأنفسهم تحليل مسرح الجريمة حتى قبل أن يصلوا لخاتمة الكتاب، وقالت إنها أصرّت على اتباع هذه المنهجية في أغلب مؤلفاتها حتى يصبح الأطفال واليافعون قادرين على حلّ مشكلاتهم بأنفسهم، وحتى يعتمدوا أيضاً على ذواتهم، ويثقوا بإمكاناتهم في تخطّي الصعاب وتجاوز الأزمات سواء كانت هذه الأزمات شخصية أو عائلية أو اجتماعية. وذهبت الكاتبة اللبنانية زينة أبي راشد إلى مسار تحليلي مختلف عند حديثها عن أسرار الكتابة لليافعين، مستندة على تجربتها الذاتية في هذا السياق، عندما أشارت إلى أنها نسجت أجواء الحبكة في كتبها الموجهة لليافعين انطلاقاً من قصص شخصية وخبرات ذاتية واجهتها في طفولتها، خصوصاً أثناء الحرب الأهلية بلبنان، ولتمتّعها بموهبة الرسم، مزجت في أعمالها بين السرد والصورة، وقالت إن المصطلح الأنسب لأعمالها هو: «الرواية الغرافيكية»، لأن الصورة والكلمة يمتزجان هنا من أجل تحفيز الجانبين الذهني والبصري لدي الطفل أو المراهق، واختتمت أبي راشد مداخلتها بالقول إن سرد التجربة الشخصية للكاتب في قالب قصصي أو روائي يمنح العمل مصداقية أكبر.
مشاركة :