تنجُم أمراض الرئة البيئية عَن استنشاق الهواء المحمل بجزيئاتٍ ضارة سواء كانت رذاذ أوأبخرة أوغازات، ومن أكثر الناس عرضة لهذا الأثر هم العمال الذين يعملون في بعض الأعمال التي لها علاقة بهذه الجزيئات كعمال المناجم والمهندسين،وإذا كان مرض الرئة يعود إلى جزيئاتٍ تم استنشاقها فغالباً مايستخدم مصطلح تَغَبُّرُ الرِّئَة. ويعتمد نوع المرض أومكانه بالرئتين إلى حجم هذه الجزيئات ونوعها؛فمثلاً تُحتَجز الجزيئات الكبيرة في الأنف أو المسالك الهوائية الكبيرة،ولكن قد تصل الجزيئات الصغيرة جدًّا إلى الرئتين،وربما تذوب بعض هذه الجزيئات وقد يجري امتصاصها في مجرى الدم. وقد وهبنا الله عز وجل وسائل حماية كثيرة للتخلص من هذه الجزيئات المستنشقة. أولاً:إفراز المخاط:ففي المسالك الهوائية تتراكم المُفرزات (المُخاط) فوق الجزيئات وتُغطيها بحيث يُمكن إخراجها مع السعال بسهولةٍ أكثر. ثانياً: يكون لدى خلايا بطانة المَسالِك الهَوائيَّة شعيرات صغيرة جداً تسمى الأهداب، وهي بارزة في المَسالِك الهَوائيَّة ويُمكنها كَنس الجزيئات المُستنشقة نحو الأعلى وإلى خارج الرئة. ثالثاً:في الحويصلات الهوائية الصغيرة للرئتين(الأسناخ alveoli)،تقوم خلايا كانِسة خاصة scavenger (البلاعم macrophages) ببلع معظم الجزيئات وتجعلها غير مؤذية. أمثلة الجزيئات الضارة للرئتين: هناك أنواع عديدة ومختلفة من الجزيئات التي يمكن أن تُسبب الضررَ للرئتين. أولها:عضوي،أي أنها مصنوعة من مواد تحتوي على الكربون وهي جزء من كائنات حية(مثل: غبار الحبوب أوغبار القطن أو وَبَغ الحيوان animal dander). ثانيها:غير عضوي،أي أنها تأتي عادة من مصادر غير حية،مثل الفلزات أو المعادن(على سبيل المثال،الأسبست asbestos أوالسيليكا). خطر أمراض الرئة البيئية: تنتج أنواع مختلفة من الجزيئات تفاعُلات مختلفة في الجسم،ويمكن أن تسبب بعض الجزيئات مثل وَبَغ الحيوان تفاعلات تحسسية تشبه أعراض حمَّى القشّ أوالربو،كما تسبب الجزيئات الأخرى ضرراً ليس عن طريق الخساسية وإنما من خلال كونها سمِّية لخلايا المَسالِك الهَوائيَّة والحويصلات الهوائية في الرئة. أمثلة: ١- قد تُسبب بعض الجزيئات، مثل غبار الكوارتز quartz dust والأسبست تلفا مزمناً يُمكن أن يؤدي إلى تندب نسيج الرئة (التليف الرئوي). ٢- يُمكن أن تُسبب ُجزيئات الأسبستس سرطانَ الرئة، خُصوصاً عند المدخنين،أو سرطان بطانة الصدر والرئة(سرطان الظهارة المتوسطة)،بغض النظر عن تاريخ التدخين عند المريض. يستنِدُ النوع المُحدَّد لأمراض الرئة البيئية إلى البيئة التي تعرَّض إليها المريض. ٣- يُواجه الكثيرون خطر الربو المهني كنتيجة للتعرض في مكان العمل. ٤- يُواجهُ الأشخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم التعامل مع البريليوم beryllium مثل عمال الفضاء،خطرَ داء البيريليوم. ٥- يُواجه الأشخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم التعامل مع القطن أوالكتان أوالقنب خطر السُحار القُطنِيّ. ٦- يُواجه الأشخاص الذين تقتضي طبيعة عملهم التعامل مع الفحم والغرافيت خطر سحار عمال الفحم. ٧- يُواجه العمال الذين يتعرضون لمادة السيليكا خطر السحار السيليسي. ٨- قد يحدث التعرض للغازات والمواد الكيميائيَّة في العمل (المزارعين مثلاً) أو في المنزل إلى التهاب شديد بالرئتين. ٩- بالنسبة للمرضى الذين لديهم مُسبقًا أمراض رئوية،مثل الداء الرئوي الانسدادي المزمن أوالربو،قد يُؤدي التعرض للمواد في البيئة إلى تفاقم الأعراض حتى إن كانت المادة نفسها لا تسبب مرضَ الرئة. الأعراض: غالباً أمراض الرئة البيئية تُسبب أعراضاً مشابهة لأعراض العديد من اضطرابات الرئة الأخرى، مثل صعوبة التنفُّس،وأحيَانًا السعال أوألم الصدر،وبالنسبة لبعض الاضطرابات(على سبيل المثال،تغبُّر الرئة عند عمال الفحم)،قد لاتحدث الأَعرَاض مباشرةً،وقد تظهر على مدى أشهر إلى سنوات. وقَد تُؤدِّي أمراض الرئة البيئية التي تُسبب تضيقاً في الرئتين والمسالك الهوائية عندما يتنفس الشخص الهواء الذي يحتوي على مهيجات ومواد أخرى(تسمى الحالة فرط تفاعلية مجرى الهواء airway hyperreactivity)،إلى صعوبة في التنفُّس تكون مفاجئة مع أزيز تنفسي،وبالنسبة إلى مرضى الرَّبو أوالدَّاء الرئوي الانسدادي المُزمن،قد تُسبب نوبات(سَورات exacerbations) لهذين الاضطرابين. تزيدُ اضطرابات الرئة البيئية التي تسبب مشاكل متكررة ومزمنة من خطر الإصابة بالاضطرابات الرئوية المزمنة (مثل الداء الرئوي الانسدادي المزمن أوالاضطرابات الرئوية الخلالية)،وتُضعفُ وظائف الرئة بشكل دائم،وتسبب بعض اضطرابات الرئة البيئية أعراضًا ومُضَاعَفات أخرى. كيفية التشخيص: أولاً: اختبارات وظائف الرئة. ثانياً:الفحوصات التصويرية. يجري استخدَام أدوات تشخيص خاصَّة للتعرف إلى أمراض الرئة البيئية. وتبدأ عملية التشخيص وكخطوة و التقييم بمعرفة التاريخ المرضي الكامل للمريض والسؤال عن مجال العمل والنشاطات الأخرى التي قد تترافق مع التعرض لمهيجات الرئة ثم يجري استخدام اختبارات وظائف الرئة والفحوصات التصويرية،مثل تصوير الصدَّر بالأشعَّة والتصوير المقطعي المُحوسَب، في مُعظَم الحالات. كيفية الوِقاية: تنطوي الوقاية من أمراض الرئة المهنية والبيئية،خُصوصًا في مكان العمل،على خطوات للحد من التعرض، بما في ذلك: ١-الضوابط الإدارية،مثل التقليل من عدد الأشخاص الذين يتعرضون إلى مهيجات الرئة. ٢-الضوابط الهندسية،مثل استخدام نُظم التهوية والمُلحَقات وإجراءات التنظيف الآمنة. ٣-استبدال المنتج،مثل استخدام مواد أكثر أمانا. ٤-مُعدَّات الوقاية،مثل استخدام أجهزة التنفُّس وأقنعة الغبار ومعدات أخرى. ٥-الضوابط التعليمية،مثل تعليم العمال حول المخاطر وكيفية الحدّ من التعرُّض. توفر أجهزة التنفُّس والتدابير الأخرى بعض الوقاية فعلياً؛غير أن الوقاية قد لا تكون كاملة وهي تختلف من شخص لشخص آخر،كما تحتاج أجهزة التنفس إلى التحقُّق منها مرة واحدة في السنة لضمان مُلاءمتها بشكل صحيح. كما أنه لايستطيع جميع الأشخاص استخدام التدابير الوقاية أيضًاً،فعلى سبيل المثال، قد تحد أجهزة التنفُّس من قدرة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في القلب أوالرئة على أداء مهامهم الوظيفية. يُشجِّعُ الأطباءُ الأشخاصَ الذين قد يتعرضون إلى مواد يُمكنها أن تسبب الضرر في الرئتين على أن يخضعوا إلى فحوصات التحري بشكلٍ منتظمٍ حتى يمكن التعرف إلى الاضطرابات في أقرب وقت ممكن. وتستنِدُ فحوصات التحري المحددة وتواترها إلى المواد التي تعرض إليها الشخص. ويُمكن أن تنطوي فحوصات التحري على الفحوصات السريرية وقياس التنفُّس للشخص باستخدام مقياس التنفُّس وقياس نسبة الأكسجين في الدَّم،ويمكن أيضًا تصوير الرئة باستخدام الأشعَّة السِّينية للصدر أو التصوير المقطعي المحوسب. ______ المرجع: Abigail R. Lara , MD, University of Colorado Common.SkipToMainContent _______ دكتورة عبير حمادة استشارية الأمراض الصدرية بمستشفيات الحمادي بالرياض
مشاركة :