حينما نستعرض أسباب تطور التعليم في دول العالم، وتحسّن مخرجاته، خاصة في أوروبا وأمريكا، نجد أنه تمكّن من التخلص من مركزية القرار، وذلك بوضع عدة معايير حكومية عامة للتعليم، أوجب الالتزام بها، وترك أمر تحقيقها للمدارس، بما في ذلك اختيار المقررات والمناهج التي تحقق هذه المعايير التعليمية، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تعني هذه اللا مركزية أن يُترك الأمر تماماً لمدير أو قائد المدرسة، وإطلاق يده ليفعل ما يشاء، دون مراعاة المعايير المعتمدة من قبل الحكومة، بل تجب الرقابة من قبل الجهة التشريعية والتنظيمية للتعليم، على أداء هذه المدارس، ومتابعة إنجازاتها ومخرجاتها. وفيما يخص التعليم في بلادنا، فلا تخفى على أحد معاناته وتأخره، قياسًا بما تحقق لدينا من نهضة وتطور في كافة المجالات، فلا مخرجاته جيدة ومتميزة، ولا أولياء الأمور راضون عن تحصيل أبنائهم، ولا المعلم راضٍ عن وضعه من حيث المستحقات المالية أو من حيث احترامه وتقدير مهنته، وهذا كله انعكس على مستقبل البلاد، لأن هؤلاء الطلاب هم قادة المستقبل، ولعل أول ما يفتقده هؤلاء، وما لم يحققه التعليم، ويغرسه في نفوسهم، الانضباط واحترام العمل والمهنة، والشعور بتحمّل المسؤولية، وهذان العاملان، الانضباط في العمل وتحمّل المسؤولية هما ما يصنع الأمم والحضارات، ويحقق أحلام وطموحات الشعوب. ما قاد إلى هذا الحديث، هو قيام وزير التعليم بإلغاء صلاحيات قائدي وقائدات المدارس الممنوحة لهم عام 1432، ومنحهم صلاحيات جديدة، وهي صلاحيات مهمة وليست شكلية، كاعتماد أسماء المعلمين الذين يستحقون مكافأة عن تدريس حصص الانتظار التي يقومون بها بدلاً عن المعلمين المتغيبين إذا كانت فوق نصابهم النظامي، وهو 24 حصة أسبوعياً، وانتداب المعلم لغرض التنمية المهنية، وتأمين العمالة لنظافة المدرسة، والتعاقد لإجراء عمليات الصيانة للمدرسة، والمناقلة بين بنود الميزانية التشغيلية حسب الحاجة لمرة واحدة خلال العام. ومن ضمن الصلاحيات الجديدة تسمية بعض مرافق المدرسة، كقاعة المحاضرات أو المسرح مثلاً، بأسماء شهداء الواجب من أولياء أمور المدرسة، أو ممن تكفل بإنشاء بعض المرافق في المدرسة، أو ممن كان متميزًا في عمله من منسوبي المدرسة، ومنح إجازات للمعلم في حالة وفاة أحد أقاربه، أو ولادة زوجته، وهكذا من الصلاحيات التي ستخفف من بيروقراطية التعليم الراهنة، لكن يجب ألا تقود حزمة هذه الصلاحيات المهمة إلى التنفذ وإطلاق اليد بفوضوية، والإضرار بالعملية التعليمية والتربوية، وإنما يجب المتابعة والرقابة على مثل هذه القرارات المتخذة في المدارس، وأنها تنفذ بشكل مميز، يسهم في عمليات تشغيل المدارس بشكل سريع، ويخلصها من التعطيل القديم، فقط بسبب مركزية القرار حتى لو كان بسيطًا وعادياً. مقالات أخرى للكاتب رسالة عزاء إلى غسان الفلسطيني! خصخصة الصحة هي الحل! صمت المجتمع الدولي.. لا أخلاقي! دولة تتفنن في انتهاك القوانين! سنة لها رأس، وأقدام أيضاً !
مشاركة :