شرعت الحكومة المغربية أمس في تلقي مذكرات ومقترحات هيئات المجتمع المدني بشأن تصورها لمشروع القانون التنظيمي، الهادف إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، الذي يعد من بين أهم مشاريع القوانين التنظيمية التي أقرها دستور 2011. والتي كانت الحركات الأمازيغية تطالب الحكومة بالتسريع في إصداره منذ أربع سنوات، وتتهمها بالتماطل في إخراجه إلى حيز الوجود. ونص الدستور المغربي الجديد للمرة الأولى على أن الأمازيغية تعد إلى جانب العربية، اللغة الرسمية للدولة: «أيضا لغة رسمية باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة من دون استثناء»، ونص على «إصدار قانون تنظيمي يحدد كيفية إدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة ذات الأولوية». وأعلنت رئاسة الحكومة عن فتح باب تلقي المقترحات لمدة شهر، تنتهي في 15 من فبراير (شباط) المقبل، وطبقا للفصل 86 من الدستور فإنه يتعين على الحكومة إصدار جميع القوانين التنظيمية خلال الولاية التشريعية الحالية. وكان العاهل المغربي قد حث الحكومة أكثر من مرة على إصدار القانون التنظيمي للأمازيغية «بعيدا عن الأحكام الجاهزة والحسابات الضيقة» وبشكل توافقي، وهو ما استجابت له الحكومة بإشراك المجتمع المدني في إعداد هذا القانون في آخر سنة من ولايتها التشريعية. كما أطلق نشطاء أمازيغيون قبل عام حملة لجمع مليون توقيع من أجل تفعيل ترسيم الأمازيغية في البلاد، وذلك بسبب ما عدوه «تماطلا ورفضا من قبل البرلمان والحكومة لتفعيلها». ووصفت آمنة بن الشيخ، رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي، قرار رئاسة الحكومة إشراك هيئات المجتمع المدني في إعداد القانون التنظيمي للأمازيغية بأنها «مبادرة طيبة وفي المستوى»، بيد أنها جاءت متأخرة جدا وكان يتعين إخراج القانون قبل أربع سنوات»، حسب رأيها. وقالت بن الشيخ لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة الأمازيغية تطالب بتفعيل الأمازيغية في جميع مجالات الحياة العامة لأنها تعتبرها متساوية مع اللغة العربية، وعبرت عن خشيتها من أن المدة الزمنية القصيرة المتبقية من عمر الولاية التشريعية لن تسمح بإصدار قانون في المستوى المطلوب، منبهة إلى أن «الحركة الأمازيغية لن ترضى بقانون لا يشرف هذه اللغة في بلدها وأرضها، ويساوي بينها وبين العربية». وتقدم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بمقترح قانون، يطالب فيه الدولة بـ«المساواة بين اللغتين الرسميتين ومنع أي تمييز بينهما»، والاعتراف بحجية الوثائق والمراسلات المحررة باللغة الأمازيغية، وتعميم تعليمها في جميع المستويات الدراسية. كما طالب الحزب في القانون المقترح بتطبيق الترجمة الفورية إلى اللغة الأمازيغية لوقائع جلسات البرلمان، واعتبار إتقان هذه اللغة شرطا للتوظيف أو التدريس في مجموعة من المؤسسات العمومية، وإدراجها في وثائق السيادة الوطنية، مثل القطع والأوراق النقدية والطوابع البريدية، ومختلف أختام الإدارات ومطبوعاتها، مع الكتابة بها في وثائق الهوية، كبطاقة الهوية وجواز السفر ورخص السياقة. ويطالب الأمازيغ أيضا بإقرار السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، والاستفادة فيه من عطلة رسمية، وهو يصادف 13 يناير (كانون الثاني). وفي سياق متصل، أرجأت الحكومة المصادقة على مشروع قانون تنظيمي، يتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور، الذي خول للمحكمة الدستورية صلاحية البت في الدفع بعدم دستورية قانون من شأنه المساس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور. وقد أوكل هذا الفصل في فقرته الثانية لقانون تنظيمي تحديد شروط وإجراءات ممارسة هذا الدفع، وهو ما يشكل خطوة لتعزيز المسار الحقوقي للبلاد، ويهدف هذا المشروع إلى تحديد القواعد المنظمة لممارسة الدفع بعدم دستورية قانون أمام مختلف المحاكم، وبيان شروط قبوله وآثاره، وكذا شروط وإجراءات ممارسة المحكمة الدستورية لاختصاصاتها في هذا المجال والآثار المترتبة عن قراراتها. ويتبقى أمام الحكومة إصدار قانونين تنظيميين أقرهما الدستور خلال المدة المتبقية من ولايتها الحالية، وهما القانون التنظيمي للإضراب، والقانون التنظيمي المتعلق بالوصاية على العرش.
مشاركة :