عمان، الأردن (CNN)-- ابتسامة الطفلة السورية، رغد، البالغة من العمر عشر سنوات، بعد عبورها المؤجل منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى الأراضي الأردنية قدوما من منطقة الساتر الترابي المحاذي للحدود السورية إلى الشمال الشرقي من البلاد، مع عائلتها، الخميس، تلاشت لحظة سؤالها عما يحزنها بعد رحلة اللجوء لتجيب بعفوية "أمي"، التي قتلت بقذيفة سقطت على منزلها في قرية "داعل" بدرعا. رغد وعائلتها بأفرادها السبعة لجأوا منذ ثلاثة أشهر إلى منطقة الحدلات الحدودية شمال شرق الأردن مع سوريا، (355 كيلومترا عن العاصمة عمان) كانوا من بين 16 ألف لاجئ عالقون في المنطقة المحرمة بين البلدين، وسمح لهم بالدخول بعد تجاوز التدقيق الأمني والصحي الذي بات يخضع لهم اللاجئون السوريين المتدفقين عبر الشيك الحدودي من خلال نقطتي عبور مركزيتين. حال رغد وعائلتها يبدو نموذجا يحاكي قصص مئات اللاجئين الذين التقاهم موقع CNN بالعربية خلال جولة حدودية نظمتها قيادة حرس الحدود إلى منطقة الحدلات الخميس، وهي المنطقة التي تضم العدد الأقل من اللاجئين مقارنة بمنطقة الرقبان، التي أصبحت نقطة تجمع للاجئي الشمال السوري بخلاف الحدلات التي يتدفق منها لاجئي الجنوب السوري. وبين آذار/ مارس 2014 الذي شهد أولى الجولات الرسمية إلى الحدلات واليوم، يمكن بيسر مشاهدة التبدل السريع لتطور لتجهيزات القوات المسلحة الأردنية المخصصة لاستقبال اللاجئين، كالخدمات الطبية والاغاثية والمسح الأمني المتبع منذ لحظة وصول اللاجئين إلى المنطقة المحرمة، إلا أن معاناة العيش في الصحراء دون نهاية محددة زمنيا، سيطرت على أحاديث اللاجئين في بث شكاواهم. بالعين المجردة لمنطقة التجمع، يمكن ملاحظة عشوائية وتلاصق الخيم التي يقطنها اللاجئون، كما يمكن ملاحظة حبال الغسيل الرطب المشدودة بين دعاماتها، ويكن قياس لهفة اللاجئين لدخول الأراضي الأردنية كلما اقترب أحد عناصر حرس الحدود الأردني من الساتر الترابي، لتظهر حال التأهب المرتقبة للعبور أو التمهيد له، بينما لا يراوح البعض الآخر مكانه متفرجا عن بعد تقينا منه أن ساعة عبوره لم تحن. يحتفي اللاجئون بالعابرين على طريقتهم الخاصة تصفيقا وتوديعا أحيانا، ولا تظهر علامات الانزعاج بالمقابل عليهم من إجراءات التفتيش والتدقيق المتتالية التي فرضتها السلطات الأردنية لدواعي أمنية، بينما تبدد بشاشة حرس الحدود الأردني عبوسهم بين الحين والآخر، أما لحظة الاذن بتجاوز الساتر الترابي إلى الاراضي الاردنية، فهي المشهد الفاصل، بين زمني الحرب والأمن. تقول وعد شقيقة رغد الكبرى التي عبرت مع عائلتها المكونة من سبعة أفراد بتصريح لموقع CNN بالعربية: "هنا أفضل هناك فيه براميل.." وتتدخل رغد مجددا في الحديث قائلة: "جينا من الثورة من الاحداث" وتقول عما آلمها منذ ذلك الوقت حتى وصولها إلى الأردن "على أمي.. ماتت بقذيفة صارلها سنة". أما "نواعم" البالغة من العمر 13 عاما، الهاربة من "ضرب بشار" في ريف دمشق على حد تعبيرها، فتطمح إلى مواصلة تعليمها ودراستها، بينما تعلو الطالب الجامعي رياض القادم من السويداء، ابتسامة العبور التي أنسته تخييم 83 يوما عند الساتر الترابي، وقال: "شهرين و23 يوما عددناهم بالدقيقة.. الدخول على ترتيب الدور معدل الدخول أسبوعي أو أسبوعين لا موعد محدد للعبور ". ويشير رياض لموقع CNN بالعربية إلى أن أغلبية العائلات خلف الساتر، لم تعلم مسبقا بطبيعة الإجراءات الأردنية الجديدة، وأنها فوجئت بالتخييم، وأردف قائلا: "لم يكن بوسعنا سوى القبول بالأمر الواقع لأنه لا رجعة إلى سوريا وانتظرنا دورنا وحظينا بكل رعاية واهتمام." ولايزال خروج اللاجئين السوريين إلى الأردن يكبدهم مبالغ طائلة تحصلها "سماسرة من المعارضة" يعملون مع قوات النظام في آن واحد، بحسب رياض، مشيرا الى أن عائلته دفعت 800 ألف ليرة سورية للمهربين (نحو 3600 دولارا) وتشير أم بدري القادمة من الغوطة إلى مكوثها خلف الساتر 25 يوما، قبل السماح لها بالعبور مع عائلتها، فيما أكدت أن ما دفعهم إلى اللجوء تزايد العمليات العسكرية الدائرة هناك، خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وكانت قيادة حرس الحدود الأردنية قد أكدت على أن معايير قبول اللاجئين في البلاد قد أولت الجانب الأمني أولوية قصوى دون إغفال الجانب الإنساني، بالتنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأم المتحدة، دون تحديد مسبق لأعداد اللاجئين المسموح لهم بالعبور من نقطتي الحدلات والرقبان، حيث يستضيف الأردن اليوم 1.4 مليون لاجئ سوري على أراضيه منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011.
مشاركة :