لا تكسروا قلوب النساء

  • 11/14/2022
  • 17:21
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحزن عاطفة إنسانية، لا بد أن يشعر بها أي شخص في هذه الدنيا؛ لأنها من طبيعة الحياة التي تتنوَّع بين السعادة والتعاسة، والخير والشر.. وهو امتحان من الله لعباده، ولكن يتفاوت تأثيره ومقداره بحسب الدوافع المسببة له، سواء كانت فقدان شخص عزيز، أو خسارة مال، أو إحباطًا وخذلانًا، أو صدمة مفاجئة.. وتعتمد قدرة الإنسان على تجاوُز المشاعر السالبة على مقدار الدعم والمساندة الذي يجده من المحيطين به. ومع أن تأثير المواقف المحزنة على الإنسان، رجلاً كان أو امرأة، قد يبدو للوهلة الأولى متساويًا، إلا أن النساء -بحسب الفطرة التي تُميِّزهن، مثل حساسية العواطف ورقة المشاعر- تجعلهن أكثر تأثرًا بتلك المواقف، وهو ما تؤكده دراسات علمية حديثة، أثبتت أن النساء أكثر تعرضًا من الرجال لما بات يُعرف بمتلازمة القلب المكسور التي تصيب الإنسان عند تعرُّضه لصدمة مفاجئة، وهي حالة يقوم فيها الجسم بإفراز كميات كبيرة من الهرمونات، مثل الأدرينالين، بمقدار يفوق المطلوب؛ بما يؤدي إلى الشعور بآلام حادة في الصدر، وصعوبة في التنفس، وقد تتطور الحالة إلى إعاقة ضخ الدم بكميات كافية؛ وهو ما يزيد خطر النوبات القلبية. لذلك حذَّر القرآن الكريم من تأثير الحزن على المرأة، وما يُشكِّله من خطر على حياتها؛ ولذلك قال عن أُمِّ سيدنا موسى: {... فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ...}، وقال عن نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-: {... ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ...}. كما أن آخر وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع قوله: "اتقوا الله في النساء، أوصيكم بالنساء خيرًا". وفي المقابل، فإن إدخال الفرح على قلب إنسان هو سبب يدعو للسعادة، لكن تأثيره على قلوب النساء أكبر وأشد مفعولاً؛ وذلك لأن طبيعة المرأة العاطفية تجعلها أسرع استجابة، لكنه فعل لا يجيده إلا مَن ملأ الله دواخله بالخير، وجعله سببًا في إدخال السعادة والحب والرضا في قلوب الآخرين. وخلال الفترة الماضية تعرَّضتُ شخصيًّا لمواقف كثيرة، بعضها سعيد، والآخر محزن.. في الحالة الأولى كنت أحس بأن لحياتي معاني كثيرة، وأنني أستطيع أن أطرق أبوابًا جديدة من الإبداع؛ فيرتفع معدل ثقتي بنفسي، ولاسيما عندما أشعر بمقدار الحب الذي يشملني به الأوفياء من معارفي وأصدقائي وأقاربي.. عندها أدرك أنني لست مجرد شخص يعيش على هامش الحياة، وإنما أنا عنصر إيجابي، يمكن أن يطوع المستحيل؛ ليمنح الآخرين دفقة من البهجة، ويزرع في دواخلهم الفرح. وفي المواقف المحزنة أشعر بأن إحساس الحياة في دواخلي قد توقَّف، وأُصاب بالذهول ممن يصيبونني بالإحباط. عندها يملؤني حزن عميق، يغزو أعماقي، وأُصاب بحالة من السلبية، تُطفئ قنديل البهجة في دواخلي. ومن حُسن الحظ أنني أستطيع أن أتمالك نفسي سريعًا، وأبدأ من جديد رحلة البحث عمن يملكون الرغبة في تقديم الإضافة الإيجابية لحياتي، ويوفرون لي الدعم والمساندة. لذلك، أيًّا كنتَ، أبًا أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا، يا مَن جعل الله لك القوامة لكونك رجلاً، وليس لمجرد أنك ذكر، وشتان ما بين الاثنين من معانٍ؛ فالرجولة الحقيقية تعني التضحية والإيثار، والتحفيز والمبادرة، والقدرة على تعزيز ثقة الآخرين بأنفسهم، وإكسابهم القدرة على البذل والعطاء والإنجاز.. والرجال هم الذين يعرفون كيف يضمدون جراح شريكات حياتهم، وينثرون في حياتهن البسمة، ويزرعون الأمل في مستقبل مشرق وسعيد.. أقول لك إن أمك هي التي أنجبتك، وإن زوجتك هي مَن ارتضت أن تفارق بيت أهلها لتعيش معك وترعى شؤون بيتك وأبنائك، وإن ابنتك جعلت لحياتك معنى.. فلا تبخل على المرأة بالحنان والحب والتقدير، ولا تستخف بقدراتها، ولا تستهزئ بمجهوداتها.. فهي كالزهرة إن اعتنيت بها فاحت رائحتها الزكية لتعطر حياتك، وإن أهملتها وتجاهلتها ذبلت وجفت في عروقها دماء الحياة، حتى وإن كانت لا تزال تتنفس. سارع إلى بر والدتك التي منحتك الحياة؛ فالجنة تحت أقدامها، وامنح زوجتك الأمل والتقدير؛ فخير الناس خيرهم لأهله، وارحم أختك وبنتك؛ لأن إكرامهن والإحسان إليهن سبب لدخول الجنة، وعامل زميلتك في العمل بالحسنى؛ فقلوب النساء عامرة بالوفاء، وقادرة على رد المعروف.

مشاركة :