تداعيات العقوبات الغربية المفروضة على روسيا على الاقتصاد العالمي

  • 11/15/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم‭:‬‭ ‬هيلين‭ ‬ريشار‭ ‬ في‭ ‬عام‭ ‬1856‭ ‬خسرت‭ ‬روسيا‭ ‬حرب‭ ‬القرم‭. ‬وبما‭ ‬أنها‭ ‬تتحدى‭ ‬اليوم‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬ما‭ ‬ذكرياتها‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة؟‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬فرض‭ ‬المنتصرون‭ ‬معاهدة‭ ‬سلام‭ ‬ملائمة‭ ‬لهم‭. ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإن‭ ‬خصوم‭ ‬الكرملين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يحلمون‭ ‬بتركيع‭ ‬روسيا؟‭ ‬ لقد‭ ‬راحت‭ ‬سلطات‭ ‬موسكو‭ ‬تلوح‭ ‬باستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬فيما‭ ‬راح‭ ‬الغرب‭ ‬يصعد‭ ‬من‭ ‬مناوراته‭ ‬ويكثف‭ ‬من‭ ‬تسليحه‭ ‬لأوكرانيا‭. ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬نادرا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬الاستقرار‭ ‬العالمي‭ ‬هشا‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭. ‬ وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬يفضل‭ ‬التملص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الموضوعات،‭ ‬يتبنى‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬المعتقدات‭ ‬الحربية‭ ‬للمحافظين‭ ‬الجدد‭ ‬وهم‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬عقوبات‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وترتد‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬أوروبا‭ ‬نفسها‭ ‬والدول‭ ‬الناشئة‭.‬ قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر،‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬اعتقاد‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬الشاملة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬شنت‭ ‬ضد‭ ‬موسكو‭ ‬ستكون‭ ‬بمثابة‭ ‬نزهة‭ ‬في‭ ‬الحديقة،‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تأثيرها‭ ‬سيكون‭ ‬منخفضًا‮»‬‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬ يقول‭ ‬المفوض‭ ‬الأوروبي‭ ‬للسوق‭ ‬الداخلية‭ ‬تييري‭ ‬بريتون‭ ‬على‭ ‬إذاعة‭ ‬RTL،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬بتاريخ‭ ‬1‭ ‬مارس‭ ‬2022‭: ‬‮«‬روسيا‭ ‬بلد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭ ‬وشعبها‭ ‬عريق‭ (...) ‬لكنها‭ ‬بالكاد‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لإسبانيا‮»‬‭.‬ بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬الموجة‭ ‬الأولى‭ ‬للعقوبات‭ ‬الغربية،‭ ‬تعرض‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬لضربة‭ ‬قوية،‭ ‬لكن‭ ‬الانهيار‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يأمله‭ ‬الغرب‭ ‬بزعامة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬توقع‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬حدوث‭ ‬ركود‭ ‬بنسبة‭ ‬8.5‭ ‬٪‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭.‬ يتحدث‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬انخفاض‭ ‬بنسبة‭ ‬4٪‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬الروسي،‭ ‬وبهذا‭ ‬المعدل،‭ ‬فإن‭ ‬ثروة‭ ‬البلاد‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تنخفض‭ ‬إلى‭ ‬النصف‮»‬،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جوزيف‭ ‬بايدن‭ ‬يوم‭ ‬26‭ ‬مارس‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬وارسو‭ ‬أمام‭ ‬حشد‭ ‬من‭ ‬البولنديين‭.‬ من‭ ‬جانبه،‭ ‬تواجه‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تفاقما‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬التضخم‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬رقمين،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬بارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭. ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬أصدرت‭ ‬فرنسا‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ميزانية‭ ‬التعليم‭ ‬الوطنية‭ ‬لتمويل‭ ‬تدابير‭ ‬لدعم‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬فيما‭ ‬ضاعفت‭ ‬سلطات‭ ‬برلين‭ ‬هذه‭ ‬الحصة‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خطة‭ ‬لحماية‭ ‬صناعتها‭ ‬بقيمة‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭.‬ تقرر‭ ‬أيضا‭ ‬تقديم‭ ‬دعم‭ ‬جديد‭ ‬للشركات‭ ‬والأسر‭ ‬المتأثرة‭ ‬بالتضخم‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬20٪‭ ‬كما‭ ‬سارع‭ ‬البرلمان‭ ‬الليتواني‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬لسنة‭ ‬2023،‭ ‬وبذلك‭ ‬يصل‭ ‬المبلغ‭ ‬الإجمالي‭ ‬لهذه‭ ‬المساعدة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6٪‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭.‬ ناهيك‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتكثيف‭ ‬تسليم‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمساعدات‭ ‬المالية‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬التي‭ ‬تحتاج،‭ ‬وفقًا‭ ‬لصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬شهريا‭ ‬لإدارة‭ ‬شؤونها‭.‬ على‭ ‬خلفية‭ ‬أزمة‭ ‬الطاقة،‭ ‬فإن‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بالفعل‭ ‬بالاضطرابات‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬شملت‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية،‭ ‬والصلب،‭ ‬والأسمدة،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الورق‭ ‬فيما‭ ‬تباطأ‭ ‬نمو‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى،‭ ‬علما‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬القطاعات‭ ‬كثيفة‭ ‬الاستهلاك‭ ‬للطاقة‭ ‬كما‭ ‬انخفضت‭ ‬ربحيتها‭ ‬إلى‭ ‬السلبية‭.‬ أعلنت‭ ‬بعض‭ ‬المجموعات‭ ‬الصناعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬نقل‭ ‬إنتاجها‭ ‬إلى‭ ‬فيتنام‭ ‬أو‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬أو‭.. ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬التي‭ ‬زادت‭ ‬بنسبة‭ ‬63٪‭ ‬من‭ ‬شحناتها‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال،‭ ‬المباع‭ ‬بسعر‭ ‬مرتفع‭ ‬بعدة‭ ‬أضعاف،‭ ‬إلى‭ ‬أوروبا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬لتحل‭ ‬محل‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭.‬ على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬تدرس‭ ‬ستون‭ ‬شركة‭ ‬ألمانية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك Lufthansa وAldi وFresenius‭ ‬وSiemens،‭ ‬نقل‭ ‬إنتاجها‭ ‬جزئيا‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬أوكلاهوما،‭ ‬التي‭ ‬أشاد‭ ‬محافظها‭ ‬بمزاياها‭ ‬النسبية‭ ‬للمستثمرين‭ ‬في‭ ‬أعمدة‭ ‬صحيفة‭ ‬Handelsblatt الألمانية‭ ‬اليومية‭.‬ إن‭ ‬الوحدة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬التي‭ ‬اتضح‭ ‬أنها‭ ‬نسبية،‭ ‬والتي‭ ‬أشاد‭ ‬بها‭ ‬ممثل‭ ‬الأغلبية‭ ‬المنتخب،‭ ‬لا‭ ‬يقابلها‭ ‬إلا‭ ‬توافقها‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬ومصالح‭ ‬واشنطن‭. ‬هل‭ ‬هي‭ ‬استراتيجية‭ ‬متعمدة‭ ‬أم‭ ‬هل‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بخلل‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬السياسية؟ قد‭ ‬تفسر‭ ‬صدمة‭ ‬الغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬جزئيًا‭ ‬هذا‭ ‬العمى‭ ‬السياسي‭ ‬والاستراتيجي‭. ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬للهجوم،‭ ‬علقت‭ ‬برلين‭ ‬نهائيًا‭ ‬افتتاح‭ ‬خط‭ ‬أنابيب‭ ‬الغاز‭ ‬نورد‭ ‬ستريم‭ ‬2،‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬واشنطن‭ ‬تعترض‭ ‬على‭ ‬إنشائه‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭.‬ ‭ ‬تم‭ ‬تسهيل‭ ‬هذا‭ ‬التنسيق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬الذي‭ ‬تنظمه‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬بين‭ ‬ضفتي‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي‭. ‬وفقًا‭ ‬لمسح‭ ‬أجرته‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينناشال‭ ‬تايمز‭ ‬أمضت‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬جوزيف‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬ساعة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع،‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الفيديو،‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والدول‭ ‬الأعضاء‮»‬‭ ‬بين‭ ‬نوفمبر‭ ‬2021‭ ‬وفبراير‭ ‬2022،‭ ‬تاريخ‭ ‬الغزو،‭ ‬لوضع‭ ‬حزمة‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬تحسبا‭ ‬لغزو‭ ‬عسكري‭ ‬روسي‭ ‬محتمل‭ ‬لجمهورية‭ ‬أوكرانيا‭.‬ يتولى‭ ‬بجورن‭ ‬سيبرت،‭ ‬رئيس‭ ‬مكتب‭ ‬رئيس‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬السيدة‭ ‬أورسولا‭ ‬فون‭ ‬دير‭ ‬لاين،‭ ‬منصبًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬الغزو‭ ‬العسكري‭ ‬الروسي‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬وهو‭ ‬يتنقل‭ ‬بانتظام‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬والدول‭ ‬الأعضاء‭.‬ يقول‭ ‬مصدر‭ ‬في‭ ‬المفوضية‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدينا‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاتصال‭ ‬الوثيق‭ ‬مع‭ ‬الأمريكيين‭ ‬بشأن‭ ‬قضية‭ ‬أمنية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬إنه‭ ‬حقًا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‮»‬‭.‬ سارع‭ ‬الحلفاء‭ ‬عبر‭ ‬ضفتي‭ ‬الأطلسي‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬لما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭ ‬استراتيجية‭ ‬الانتقام‭ ‬المالي‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬استبعاد‭ ‬سبعة‭ ‬بنوك‭ ‬روسية‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬Swift‭ ‬للرسائل‭ ‬بين‭ ‬البنوك‭ ‬بإجراء‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تجميد‭ ‬نصف‭ ‬الاحتياطيات‭ ‬الدولية‭ ‬للبنك‭ ‬المركزي‭ ‬الروسي‭ (‬حوالي‭ ‬300‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭) ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شل‭ ‬عملية‭ ‬إنقاذ‭ ‬العملة‭ ‬الروسية‭ -‬الروبل‭.‬ رغم‭ ‬كل‭ ‬الصعاب،‭ ‬فإن‭ ‬النظام‭ ‬المصرفي‭ ‬الروسي‭ ‬صامد،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬ضوابط‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬والتزام‭ ‬المصدرين‭ ‬بتحويل‭ ‬80٪‭ ‬من‭ ‬عملاتهم‭ ‬الأجنبية‭ ‬إلى‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬العوامل‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تأمله‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬فقد‭ ‬تعود‭ ‬الروس‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تاريخهم‭ ‬الطويل‭ ‬على‭ ‬الأزمات‭ (‬1988،‭ ‬1998،‭ ‬2008،‭ ‬2014‭)‬،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يندفعون‭ ‬إلى‭ ‬ماكينات‭ ‬الصرف‭ ‬الآلي‭.‬ بعد‭ ‬الفشل‭ ‬النسبي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المالية‭ ‬الخاطفة،‭ ‬تنهار‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬روسيا‭. ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬الألماني‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬‮«‬شحنات‭ ‬الغاز‭ ‬الروسي‭ ‬ليست‭ ‬قابلة‭ ‬للاستبدال‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القصير‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬مقاطعتها‭ ‬‮«‬تضر‭ ‬بنا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬روسيا‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬مدير‭ ‬مركز‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬ديلور‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬كذبة‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬غبار‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬تفاصيل‭ ‬عن‭ ‬الموردين‭ ‬الآخرين‭ ‬المتاحين‭.‬ يشير‭ ‬هذا‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ألمانيا‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬نقطتين‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لإنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬الأوكرانيين‮»‬‭. ‬يمضي‭ ‬الوزير‭ ‬الألماني‭ ‬قوله‭: ‬‮«‬أهم‭ ‬شيء‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لديه‭ ‬أموال‭ ‬لشن‭ ‬حربه‮»‬‭. ‬تم‭ ‬تبني‭ ‬حظر‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬ومايو‭ - ‬بشكل‭ ‬فوري‭ ‬على‭ ‬نسبة‭ ‬90٪‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬مع‭ ‬عقوبات‭ ‬متدرجة‭ ‬على‭ ‬الغاز‭. ‬لقد‭ ‬أسقط‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬الغرب‭ ‬بزعامة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عندما‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬قد‭ ‬استفادت‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬إيراداتها‭ ‬من‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭. ‬ دفعت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬الهرولة‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬الموردين‭ ‬البدلاء‭ (‬النرويج،‭ ‬الجزائر،‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭). ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬أدى‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬إلى‭ ‬تعويض‭ ‬الانخفاض‭ ‬في‭ ‬أحجام‭ ‬الصادرات‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬النفط‭ ‬وحده،‭ ‬تكسب‭ ‬موسكو‭ ‬20‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭ ‬​​شهريًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬مقارنة‭ ‬بمبلغ‭ ‬14.6‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021‭.‬ تقول‭ ‬إلينا‭ ‬ريباكوفا،‭ ‬نائبة‭ ‬كبير‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬التمويل‭ ‬الدولي‭ ‬ومقره‭ ‬واشنطن‭: ‬‮«‬تسبح‭ ‬روسيا‭ ‬في‭ ‬السيولة‭ ‬المالية‭.. ‬لقد‭ ‬توقع‭ ‬الغرب‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬فبراير‭ ‬2022‭ ‬هبوط‭ ‬العملة‭ ‬الروسية‭ ‬وحدوث‭ ‬توترات‭ ‬بشأن‭ ‬الاحتياطيات،‭ ‬واحتمال‭ ‬انهيار‭ ‬كامل‭ ‬للنظام‭ ‬المالي‭ ‬الروسي‭.. ‬لقد‭ ‬انتعش‭ ‬سعر‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬بالروبل،‭ ‬وتم‭ ‬تبادل‭ ‬الروبل‭ ‬من‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬إلى‭ ‬مستواه‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬بقيمة‭ ‬80‭ ‬روبل‭ ‬للدولار‭ ‬الواحد‭. ‬إن‭ ‬التأثيرات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العقوبات‭ ‬قد‭ ‬أحدث‭ ‬ارتدادات‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬‭.‬ ولإنقاذ‭ ‬صناعتها‭ ‬أثقلت‭ ‬سلطات‭ ‬برلين‭ ‬نفسها‭ ‬بالديون‭ ‬بمعدلات‭ ‬تعتبر‭ ‬مريحة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن،‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬إيطاليا‭ ‬أو‭ ‬اليونان،‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬توترات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭. ‬ويتعلق‭ ‬الخلاف‭ ‬أيضًا‭ ‬بالحد‭ ‬الأقصى‭ ‬لسعر‭ ‬الغاز،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬وعشرين‭ ‬دولة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬فرنسا،‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬سعر‭ ‬على‭ ‬مورديهم،‭ ‬وخاصة‭ ‬الأمريكيين‭.‬ يقول‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الفرنسي‭ ‬برونو‭ ‬لومير‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬له‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفرنسية‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ينتهي‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإضعاف‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬لا‭ ‬يمكننا‭ ‬قبول‭ ‬أن‭ ‬يبيع‭ ‬شريكنا‭ ‬الأمريكي‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬بأربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬السعر‭ ‬الذي‭ ‬يبيعه‭ ‬به‭ ‬لصناعيه‮»‬‭. ‬ترفض‭ ‬ألمانيا‭ ‬والدنمارك‭ ‬وهولندا‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى،‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬تحويل‭ ‬التدفقات‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬الأوروبية‭ ‬المتعطشة‭ ‬للغاز‭. ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوزير‭ ‬الفرنسي‭ ‬قد‭ ‬تأخر‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬ من‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬لم‭ ‬تواجه‭ ‬روسيا‭ ‬الأسوأ‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬إذ‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يضعف‭ ‬اقتصادها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الهيكلية‭. ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالهيدروكربونات،‭ ‬لن‭ ‬تتمكن‭ ‬آسيا‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬امتصاص‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬روسيا‭ ‬من‭ ‬نفط‭ ‬وغاز‭ ‬طبيعي‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الخبراء‭ ‬والمحللون‭ ‬والسياسيون‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬الغربية‭. ‬ تظل‭ ‬سلطات‭ ‬بكين‭ ‬مترددة‭ ‬بشأن‭ ‬مسألة‭ ‬تخفيف‭ ‬الحظر‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬التقنيات‭ ‬الغربية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تخاطر‭ ‬حقا‭ ‬بتعريض‭ ‬نفسها‭ ‬للانتقام‭ ‬الأمريكي،‭ ‬فيما‭ ‬يدعو‭ ‬رئيس‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأوروبية‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬الصبر‭ ‬الاستراتيجي‮»‬‭.‬ لكن‭ ‬هل‭ ‬سيتمكن‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬‮«‬فعالة‮»‬‭ ‬عندما‭ ‬يشتد‭ ‬الركود‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023؟‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬الهدف‭ ‬المنشود‭: ‬هزيمة‭ ‬عسكرية‭ ‬روسية؟‭ ‬نهاية‭ ‬نظام‭ ‬السيد‭ ‬بوتين؟‭ ‬لست‭ ‬متأكدا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬سلاح‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬أو‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬ستنجح‭ ‬في‭ ‬روسيا،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬ترفض‭ ‬القطع‭ ‬المنظم‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الروسي‭ ‬الذي‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬بسبب‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬أضافت‭ ‬نيودلهي‭ ‬إلى‭ ‬مشترياتها‭ ‬التقليدية‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬طلبيات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ (‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭).‬ أما‭ ‬السياسة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬منظمة‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للبترول‭ (‬أوبك‭ ‬بلس‭) ‬فأثارت‭ ‬حفيظة‭ ‬الغرب‭ ‬وخاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الخبراء‭ ‬والمحللين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬أوبك‭ ‬ترمي‭ ‬إلى‭ ‬إفشال‭ ‬المساعي‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تسقيف‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭. ‬ يذكر‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للبترول‭ (‬أوبك‭ ‬بلس‭) ‬قد‭ ‬اتخذت‭ ‬قرارا‭ ‬بتقليص‭ ‬إنتاجها‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬مصدر‭ ‬للنفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وأحد‭ ‬الموردين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬للمنتجات‭ ‬الأساسية،‭ ‬مثل‭ ‬الأسمدة‭ ‬والقمح،‭ ‬فقد‭ ‬ألحقت‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬الضرر‭ ‬بالدورة‭ ‬الدموية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي‭. ‬ لقد‭ ‬اعتبر‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭ ‬صدرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التكامل‭ ‬العام‭ ‬للأسواق‭ ‬قد‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬القنوات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تنتقل‭ ‬الصدمات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭...‬‮»‬‭.‬ ومن‭ ‬غير‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الناشئة‭ ‬وتلك‭ ‬المستوردة‭ ‬للسلع‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تنضم‭ ‬إلى‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬تعتبر‭ ‬الأكثر‭ ‬تعرضًا‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬حدوث‭ ‬أزمة‭ ‬خطيرة‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬مدفوعاتها،‭ ‬إذا‭ ‬ظلت‭ ‬الصادرات‭ ‬الروسية‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬ نتيجة‭ ‬ذلك،‭ ‬تتضاعف‭ ‬طرق‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬والقيود،‭ ‬عبر‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬متحالفة‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬هدف‭ ‬عزل‭ ‬روسيا‭ ‬بإحكام‭ ‬وهميًّا‭.‬ اعتبر‭ ‬الرئيس‭ ‬البرازيلي‭ ‬اليميني‭ ‬السابق‭ ‬جاير‭ ‬بولسونارو‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬أدلى‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭: ‬‮«‬‭... ‬لكننا‭ ‬لا‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬طريق‭ ‬هو‭ ‬اعتماد‭ ‬عقوبات‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭ ‬وموجهة،‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬ لقد‭ ‬أعاقت‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬أي‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬روسيا،‭ ‬انتعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بعد‭ ‬تراجع‭ ‬حاد‭ ‬بعد‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ (‬كوفيد‭ -‬19‭) ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬تنتهك‭ ‬مبادئ‭ ‬وقيم‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للسكان‭ ‬المعرضين‭ ‬للخطر،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬نفسها‭. ‬ دعا‭ ‬الرئيس‭ ‬السنغالي‭ ‬ماكي‭ ‬سال،‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬جمعه‭ ‬بنظيره‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ - ‬واعتبرته‭ ‬سلطات‭ ‬باريس‭ ‬بالفعل‭ ‬بمثابة‭ ‬الاستفزاز‭- ‬الغربيين‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬قطاع‭ ‬الغذاء‭ ‬من‭ ‬محيط‭ ‬عقوباتهم‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬موسكو،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬تشكل‭ ‬‮«‬خطرا‭ ‬يتهدد‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬للقارة‭ ‬الإفريقية‮»‬،‭ ‬لينسج‭ ‬بذلك‭ ‬على‭ ‬منوال‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬حذرت‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬من‭ ‬‮«‬احتمال‭ ‬حدوث‭ ‬إعصار‭ ‬مجاعات‮»‬‭.‬ عانى‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬مليون‭ ‬أفغاني‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الحاد‭ ‬منذ‭ ‬انسحاب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬بلادهم،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأغذية‭ ‬والزراعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ (‬الفاو‭). ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تنقذ‭ ‬العقوبات‭ ‬حياة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوكرانيين،‭ ‬لكنها‭ ‬تقتل‭ ‬بالفعل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬أخرى‭.‬

مشاركة :