طاقة لا تنضب

  • 11/15/2022
  • 19:06
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في منتصف القرن التاسع عشر وفي فترة الثورة الصناعية، حدث التحول في استخدام مصادر الطاقة كالفحم في المحركات البخارية ومحطات توليد الطاقة، واستمرت هيمنة الفحم في بداية القرن العشرين الماضي كمصدر للطاقة، وخلال هذه الفترة بزغ مصدر يمكن نقله بشكل أسهل وأثره البيئي أقل، وهو الزيت المعروف بالنفط. وفي أواخر القرن الماضي هيمن النفط (الذهب الأسود) كمزود رئيس للطاقة واعتماد كل اقتصادات دول العالم عليه.وفيما ذكر أعلاه نجد أن تحول مصادر الطاقة المهيمنة يعتبر تحولا سريعا، وهذا يدعونا أن نتخيل ماذا قد يكون مصدر الطاقة المهيمن في أواخر القرن الجاري، والذي حسب التحولات السريعة قد يكون مصدر طاقة لم يكتشف بعد.تأتي أهمية مصادر الطاقة من قوتها وقدرتها كممكن رئيس لتوفير المتطلبات الأساسية واستقرار المجتمعات وتحسين جودة حياتهم. وذلك في الأمن، السكن، الأكل، الشرب، الكهرباء، الماء، الرعاية الصحية، التعليم، التقنية، وغيرها.ويتطلب توفير هذه المتطلبات حيازتك للطاقة وبالأخص مصدر الطاقة الأكثر طلبا والذي يمكن تصديره واكتساب موارد مالية تمكنك من الارتقاء بجودة الحياة وتنفيذ مشاريع تنموية وأيضا تمويل توسعة البنى التحتية لمشاريع إنتاج الطاقة وتعظيم الاستفادة منها لضمان استدامة الموارد المالية المكتسبة.وفي هذه الأوقات، يلتفت الجميع بجدية حول تنويع مصادر الطاقة واستخدام أساليب ذات أثر بيئي أقل لتقليل تداعيات التغير المناخي، بتوجه العالم في استخدام أساليب الطاقة المتجددة (الصديقة للبيئة) والتزايد المستمر في اعتمادية بعض الدول على استخدامها في توليد الكهرباء كمثال. سيما وأننا نعيش في هذا الوقت تحديات مناخية تتطلب تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المسببة في تضخم غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وأثره المباشر في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.توليد الكهرباء كمثال، يمكن توفيره من خلال الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة الحرارة الأرضية، ومن الطاقة الكهرومائية. وتعمل العديد من الدول حاليا في توسعة بناها التحتية لتعظيم استغلال الطاقة التي لا تنضب (المتجددة) بغية تقليل اعتمادية توفير الكهرباء من منتجات الوقود الأحفوري (النفط، الغاز، والفحم).اسكوتلندا على سبيل المثال، بمقدورها توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة وتغطية حاجة سكانها للكهرباء بنسبة تتجاوز 97% ومع هذا فهي تعتمد فقط نسبة تصل إلى 56%من الطاقة الصديقة (المتجددة) وتستخدم أساليب أخرى في تغطية الطلب المتبقي لتقوم بتصدير الكهرباء المنتج من خلال الطاقة المتجددة للخارج. كذلك آيسلندا، تمكنت في عام 2015م من تغطية كامل احتياجها للكهرباء من خلال الطاقة الحرارية للأرض والطاقة الكهرومائية وهما أساليب للطاقة المتجددة. كما نجد أن الصين في عام 2005م لم يكن للطاقة المتجددة أي إسهامات في توليد الكهرباء لديها، وفي عام 2019م تصل إسهامات الطاقة الصديقة فيها إلى نسبة 7% من إجمالي إنتاج مصادر الطاقة الأخرى، وهذه النسبة (أي 7%) تمثل ما يزيد عن استهلاك السعودية السنوي للكهرباء.السعودية ذات الموقع الجغرافي والمناخي المميز لاستغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لديها البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، يهدف إلى زيادة حصة السعودية من إنتاج الطاقة المتجددة والوفاء بالتزاماتها في شأن تقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.باكورة مشروعات البرنامج، مشروع سكاكا للطاقة الشمسية، بقدره إنتاجية قدرها 300 ميجا وات، تكفي لتوفير الكهرباء لقرابة 45 ألف وحدة سكنية. كذلك مشروع طاقة الرياح في دومة الجندل، بقدرة إنتاجية تبلغ 400 ميجا وات، وتغطية طلب الكهرباء لقرابة 70 ألف وحدة سكنية. والعمل مستمر في تنفيذ العديد من محطات الطاقة الشمسية ومزارع طاقة الرياح؛ سعيا في تحقيق الأهداف المرجوة من البرنامج وتطلعات الوصول إلى تنمية مستدامة.ختاما، ألفت عناية القارئ بأن أكثر أنواع الوقود الأحفوري مساهمة في الاحتباس الحراري هو الفحم، وإنتاجية السعودية فيه تساوي صفر طن، كما أن استهلاكها للفحم (استيرادا) يحتل المرتبة رقم 103 عالميا بالمقارنة مع بقية دول العالم.

مشاركة :