أشاد خبراء عرب بمبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، مؤكدين على أهميتها في دفع التعاون الصيني-العربي إلى مستوى أعمق بما يخدم المصالح الأساسية لشعوب العالم أجمع. وتهدف المبادرة التنمية العالمية، التي تجسد رؤية شي العالمية وفلسفته المتمحورة حول الشعب، إلى تركيز الاهتمام العالمي على التنمية، وتعزيز الشراكة العالمية من أجل التنمية، وتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة وأكثر اخضرارا وأكثر توازنا. وقال الخبراء العرب إن المبادرة توفر فرصا لدفع التنمية في الوطن العربي بما تحمله من رؤى وأفكار إبداعية تخدم تحقيق جدول أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030 بين أمور أخرى. وقال الدكتور ضياء حلمي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن مبادرة التنمية العالمية تهدف إلى توجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل في مواجهة الصدمات والتحديات الكبيرة للتنمية على مستوى العالم أجمع. وذكر أن أهم أربعة محاور في مبادرة التنمية العالمية هي جعل التنمية للشعوب والدول أولوية قصوى، والاهتمام والالتزام بالابتكار والإبداع، والتمسك بالتعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة في عالم أكثر اخضرارا واقتصاد أكثر متانة، وتعزيز التعاون بين دول العالم في مجالات الحد من الفقر والأمن الغذائي ومكافحة الأوبئة وتوفير اللقاحات وتمويل التنمية وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتصنيع والاقتصاد الرقمي والتواصل. وأشار إلى أن ما تؤكد عليه المبادرة هو أن الطريق الى التنمية يمر من خلال العمل المتصل والتعاون الجاد والبناء، وليس الهدم للحضارات والأفكار الإبداعية لصالح الإنسان والبشرية. بدوره، رأى فهد صالح المنيعي، الباحث بمركز البحوث والتواصل المعرفي السعودي، أن مبادرة التنمية العالمية تشجع على التعاون في العالم وتطرح رؤى وخططا للتعاون في 8 مجالات ذات أولوية، بما فيها مكافحة الفقر والأمن الغذائي ومكافحة الجائحة واللقاح والتمويل التنموي وتغير المناخ والتنمية الخضراء والتصنيع والاقتصاد الرقمي والترابط. وأكد الباحث أن نواة الأفكار للمبادرة هي وضع الشعب في المقام الأول، وأهم أهدافها هو دعم تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة، مشيرا الى أنها سرعان ما لاقت استجابة وتأييدا من قبل الأمم المتحدة وقرابة 100 دولة، كونها تشمل ما يفي باحتياجات كافة الأطراف. وأكد على أهمية المبادرة في تحقيق التوازن تنمويا وحقوقيا في العالم، قائلا إنها تؤكد على مفهوم وضع الشعب فوق كل الاعتبارات الذي يعد جوهرا لحقوق الإنسان، كما طرحت خارطة طريق لتضييق الفجوة بين الجنوب والشمال ومعالجة عدم التوازن في التنمية. وقال الخبير المغربي ناصر بوشيبة إنه منذ اقتراح مبادرة التنمية العالمية، عملت الصين بنشاط مع المجتمع الدولي، دفعت 32 إجراء مهما قدما، وحققت مكاسب مبكرة مهمة، مع توسع مجموعة المشاريع وزيادة المنصات التعاونية، حيث أصبح المشاركون أكثر تنوعا والتفاعلات أكثر تكرارا بينهم. وأشار إلى أن الصين اقترحت إجراءات تعاون عملية مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الدول العربية، في ثماني مجالات، تشمل الحد من الفقر، والأمن الغذائي، ومكافحة الأوبئة وتطوير اللقاحات، وتمويل التنمية، ومواجهة التغيرات المناخية، والتنمية الخضراء، والتصنيع، الاقتصاد الرقمي والاتصال في العصر الرقمي. وقال الخبير المغربي إن جميع المجالات المذكورة أعلاه تعتمد على الابتكار التكنولوجي، مضيفا أن الصين من خلال سياسة الإصلاح والانفتاح حملت روح الاستقلالية والابتكار، وحققت إنجازات كبيرة في بلورة نتائج البحث العلمي وجعلها في خدمة التنمية. وأضاف أن الصين أبدت استعدادها لمشاركة هذه الإنجازات المبتكرة مع الدول العربية، والتي قد تشكل طريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة للحصول على نفس التقنيات المبتكرة من الغرب، مستشهدا بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، وشراكتها الناجحة في تطوير مشترك مع الصين للقاح مضاد لفيروس كوفيد-19 في أوج فترة الوباء وتمكنها من المرور الى مرحلة التصنيع التجاري في وقت قياسية. وتتمتع التبادلات الودية بين الدول العربية والصين بتاريخ طويل. وبإمكان الصين أن تصبح نموذجا يحتذى به في مجال الابتكار التكنولوجي. في الوقت الحاضر، الظروف مواتية للحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني في الدول العربية لاتخاذ إجراءات فعالة لاغتنام هذه الفرصة التاريخية للاستفادة من التجربة الصينية والدفع بمسار الابتكار في الدول العربية، كما قال الخبير. ومن جانبه، أفاد خليل الذوادي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، بأن العالم يمر في الوقت الحالي بظروف عصيبة ويواجه تحديات جمة. وأضاف أن كوفيد-19 جاء كإنذار للعالم أجمع بضرورة التضامن والتكاتف من أجل مواجهة التحديات التي تهدد عالمنا، والتي تحتم علينا السير بخطى حثيثة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والعمل سويا في إطار العلاقات متعددة الأطراف للتعاطي مع تلك التحديات. وقال إن تحقيق تنمية حقيقية يتطلب تضافر جميع الجهود، ومن هنا تكمن أهمية المبادرات الدولية التي تخدم وتعجل تنفيذ الأهداف التنموية العالمية، بما في ذلك مبادرة التنمية العالمية، والتي تسهم–حسب قوله– في تسريع تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 وحشد الجهود لمواجهة التحديات التنموية بشكل مشترك. وأردف أن الوطن العربي يمر في الوقت الحالي بمنعطفات خطيرة جراء الظروف والأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة، مما يستوجب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لإيجاد الحلول السياسية لهذه الأزمات والقضايا الإقليمية وفقا لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات والمرجعيات ذات الصلة، وتعزيز فرص الحل السياسي، ورفض التدخلات الإقليمية في الشؤون الداخلية للدول العربية. في هذا الإطار، تثمن الجامعة العربية الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الصينية لدعم القضايا العربية وإيجاد حلول سلمية للأزمات القائمة في المنطقة.
مشاركة :