النجارة حرفة إبداعية، حيث يعمل النجار على قطعة خشب بسيطة ومهملة وينحتها بصبر ويحولها إلى منتج له قيمته، والأمر يتطلب التعرف على قواعد وأسس تذوق هذا الفن الذي أنتهجه محمد البلوشي المخرج التلفزيوني، واستطاع من خلاله أن يحوِّل شغف الطفولة إلى عمل حرفي قاده إلى دخول مضمار المحترفين وترك بصمته المميزة في المجال. يرى محمد البلوشي أن العمل اليدوي يُشعر الحرفي بالسعادة عندما يختلي بأدواته بعيداً عن ضغوط الحياة، خاصة في ظل ما نشهده من تغير سريع في وتيرة الحياة العملية التي تستوجب ادراك أهمية الصناعات في تغيير حياة الفرد، ليتحول من مستهلِك إلى منتج، ويسهم في تحقيق جزء من الاستقلال المادي. شغف الطفولة يقول البلوشي: تربطني بالنجارة علاقة قديمة، فمنذ طفولتي وأنا مولع بالأعمال الحرفية، أصنع ألعابي وأملأ بها فراغي، وتُشعرني بتميزي أمام أقراني. وقد مررت بتجارب ناجحة وأخرى غير مرضية، ومع مواصلة المحاولات حوّلت شغفي من مجرد هواية بسيطة إلى عمل أكثر احترافية. ونظراً لعمل البلوشي في قطاع الإعلام لم يكن لديه الوقت الكافي كي يلتفت إلى أي نشاط آخر، ومع بداية جائحة «كورونا»، كرّس وقته وجهده ليمنح هوايته المساحة لتبصر النور، من خلال سعيه لتأسيس ورشة في منزله مجهزة بالمعدات والأدوات التي استطاع أن يدخل بها مجال الإنتاج. أخبار ذات صلة العلاقات الإماراتية العُمانية.. استثنائية وراسخة عبر العصور الإمارات: ضرورة دعم السودان لتحقيق سلام وأمن مستدام تبادل الخبرات ويشير البلوشي إلى أن علاقته الوطيدة بالقراءة والبحث ساعدته على تعلم حرفة النجارة، كما أن وجوده في فريق يضم أكثر من 140 حرفي نجارة أسهم في تطوير مهارته وتبادل الخبرات والأفكار، وجعل أعماله مختلفة في تصميمها ومتميزة، مؤكداً أن الأدوات الحديثة وفرت الوقت والجهد على النجارين، وجذبت بعض الهواة والراغبين لتعلم هذه الحرفة. ويذكر أنه يفضل استخدام أخشاب الأشجار المحلية، ومنها الغاف، الشريش، الداماس، الأكاسيا، شجرة التمر الهندي، والسدر، نظراً لجودتها العالية. وتكمن الصعوبة برأيه في عملية تجهيز قطع الأخشاب، لأنها تحتاج إلى خطوات عدة حتى تكون جاهزة لاستخدامها، وقد تصل المدة إلى 6 أشهر. المجال التعليمي يرى البلوشي أن الإقبال على تعلم المهن الحرفية من الشباب ضعيف جداً مقارنة بالمجال التكنولوجي الذي يجذبهم أكثر، ويؤكد ضرورة إدخال أنشطة الحرف اليدوية في المجال التعليمي كسواها من الأنشطة الأخرى. دمج بالأكريليك الأعمال التي نفذها البلوشي كثيرة، ومنها طاولات القهوة والتحف والمباخر الحديثة من خلال دمج الأكرليك مع الأخشاب. وعادة ما ينصح الزبائن باختيار خامات وألوان تنسجم مع بعضها البعض لإنتاج قطع على قدر من التميز والإبداع.