قالت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» أمس إن رفع حصة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة العالمي إلى 36 في المائة بحلول عام 2030 سيسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتجاوز 1.1 في المائة، وهو ما يعادل 1.3 تريليون دولار تقريبا. وبحسب تقرير صدر أمس، فإنه من المتوقع أن يكون أثر نشر مصادر الطاقة المتجددة على الرفاهية البشرية أكبر منه على الناتج الإجمالي المحلي بمعدل 3 إلى 4 أضعاف في ضوء تحسن الرفاهية العالمية بنسبة 3.7 في المائة، كما أنه من المتوقع أن يرتفع عدد الوظائف المتوفرة في قطاع الطاقة المتجددة من 9.2 مليون وظيفة اليوم إلى أكثر من 24 مليونا بحلول عام 2030. وأشار تقرير «فوائد الطاقة المتجددة: قياس الجوانب الاقتصادية» الذي أصدرته «آيرينا» أمس خلال الاجتماع السادس لجمعيتها العمومية، إلى أن السعي لتعزيز مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي سيثمر كذلك عن تحقيق نقلة نوعية في أنماط التجارة، باعتبار أن ذلك سيخفض الواردات العالمية للفحم إلى أقل من النصف ويقلل من واردات النفط والغاز، وهو ما سيعود بالمنفعة على كبار المستوردين مثل اليابان والهند وكوريا ودول الاتحاد الأوروبي، فيما تستفيد الدول المصدرة للوقود الأحفوري من ميزة التنوع الاقتصادي. وقال عدنان أمين، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، إن اتفاقية باريس الأخيرة شكلت حافزا قويا للبلدان المشاركة حتى تنتقل من مرحلة وضع السياسات إلى حيز التطبيق، ولكي تعمل بسرعة على تحرير قطاع الطاقة من الانبعاثات الكربونية، مشيرا إلى أن التقرير يقدم دليلا مقنعا على أن تحقيق التطور اللازم في القطاع لن يثمر عن الحد من ظاهرة تغير المناخ فحسب، وإنما سيسهم أيضا في إنعاش الاقتصاد وتعزيز رفاه البشرية وتوفير المزيد من فرص العمل عالميا. وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع أن تحقق اليابان أكبر أثر إيجابي لناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 في المائة، فيما تشهد كل من أستراليا والبرازيل وألمانيا والمكسيك وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية نمو هذا الناتج بنسبة تتجاوز 1 في المائة. كما سيطر تحسن جيد على مستوى الرفاه البشري في ضوء ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لبلدان العالم نتيجة تحقيق مجموعة من المزايا البيئية والاجتماعية. وقال عدنان أمين: «لم يعد الحد من تغير المناخ عبر نشر حلول الطاقة المتجددة وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الأخرى مسألة خيارات أو معادلة، ونظرا لتنامي أعمال قطاع الطاقة المتجددة، فإن الاستثمار في أحد الجانبين هو استثمار في الاثنين معا، وهذا هو المعنى الحقيقي للعلاقة ذات المنفعة المتبادلة». وانطلقت أمس في أبوظبي أعمال الجمعية العمومية السادسة لوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» بمشاركة مسؤولين حكوميين من أكثر من 150 بلدا، وممثلين عن 140 منظمة دولية. وباعتباره أول اجتماع حكومي دولي يقام بعد «الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف» التي انعقدت في باريس، يستقطب الاجتماع عددا من قادة قطاع الطاقة لوضع أجندة عمل قطاع الطاقة المتجددة العالمي واتخاذ خطوات ملموسة لتسريع وتيرة التطور المستمر لقطاع الطاقة العالمي. وبالعودة إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، فقد «أسهمت اتفاقية باريس بإرساء رؤية طويلة الأمد للحد من الانبعاثات الكربونية العالمية، وينبغي لاجتماع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن يتخذ اليوم الخطوات المقبلة وتطوير مخطط عمل مناسب لتلبية أهدافنا المناخية ووضع العالم على الطريق الصحيح لضمان مستقبل مستدام لقطاع الطاقة». من جانبه، قال محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، ورئيس الجمعية العمومية السادسة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة: «تعتمد التنمية المستدامة على إثراء مصادر الطاقة المتجددة، وأنا واثق تماما من قدرة الوكالة على أداء رسالتها في حشد جهود العالم أجمع نحو بناء اقتصاديات أكثر استدامة تعتمد بشكل رئيسي على المصادر المتجددة». ويركز اجتماع الوكالة على الدور المحوري لقطاع الطاقة المتجددة في مواجهة ظاهرة تغير المناخ وتلبية أهداف التنمية المستدامة العالمية، وتظهر تحليلات الوكالة أن توسيع حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي إلى 36 في المائة بحلول عام 2036 يمكن أن يثمر عن خفض نحو نصف الانبعاثات الكربونية الحالية وهي الكمية اللازمة لإبقاء نسبة الاحتباس الحراري عند أقل من درجتين مئويتين فيما يمكن لكفاءة استهلاك الطاقة أن تضمن خفض النسبة الباقية من الانبعاثات، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب تسريع وتيرة نشر حلول الطاقة المتجددة. ويناقش الاجتماع كذلك التوجه الاستراتيجي الممنهج الذي تتبعه الوكالة لمساعدة الدول على تسريع وتيرة نشر حلول الطاقة المتجددة، وبالتالي تحقيق الأهداف المناخية ودعم القطاع الاقتصادي وتعزيز أمن الطاقة وفرص الوصول إليها. وينتظر أن يتم الكشف عن 4 مشاريع جديدة للطاقة المتجددة ستحظى بتمويل على شكل قروض بقيمة 46 مليون دولار من برنامج التمويل الخاص بين «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» و«صندوق أبوظبي للتنمية». من جهته، قال الدكتور سلطان الجابر وزير الدولة الإماراتي والمبعوث الخاص لشؤون الطاقة وتغير المناخ، إن قطاع الطاقة المتجددة بات من أبرز القطاعات الاستراتيجية في العالم، ويساهم بدوره بشكل مباشر في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتنوع الاقتصادي ودفع عجلة التنمية، موضحا: «ستساهم جهودنا بفضل توجيهات قيادة الإمارات في تعزيز دور البلاد في مجال الطاقة وتحقيق أهداف الاستدامة ونشر تقنيات الطاقة المتجددة وخلق بيئة مثالية تشجع الابتكار وتؤدي إلى فرص عمل جديدة تدعم مسيرة التنمية الاقتصادية». كما أشار إلى النمو الكبير الذي حققته آيرينا في عدد من الدول الأعضاء والذي وصل إلى 145 دولة، بالإضافة إلى أكثر من 30 دولة في مراحل مختلفة من عملية المصادقة، كما انضم 9 مندوبين جدد إلى المندوبين الدائمين للدول الأعضاء. وأكد الدكتور الجابر أنه «من المهم دائما أن ننظر فيما حققناه حتى الآن من إنجازات عالمية في التنمية المستدامة وانتشار حلول ومشاريع الطاقة المتجددة»، وأضاف: «قامت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة بدور رئيسي وفاعل في تسريع انتشار الطاقة المتجددة ودفع المجتمع الدولي على اتخاذ جهود حثيثة وتبني مبادرات لضمان مستقبل أفضل لمنظومة الطاقة في العالم». ولفت في كلمته إلى الأهداف الإنمائية المستدامة واتفاقية باريس للمناخ كنجاحات تحققت بفضل التعاون الدولي، موضحا أن نتائج ومخرجات الاتفاق أكدت أهمية وارتباط أعمال آيرينا ودورها في مستقبل الطاقة العالمي ومساهمتها في الحد من تداعيات تغير المناخ. وتطرق اجتماع الجمعية إلى التحديثات الخاصة باستراتيجيات الوكالة طويلة الأمد بالإضافة إلى تسليط الضوء على المبادرات والجهود التي تقوم بها الوكالة لتسريع نشر حلول الطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم.
مشاركة :