أحدث التطور التكنولوجي تفاوتا كبيرا بين الأجيال في مستويات الكفاءة في المجالات التي تعتمد على التكنولوجيا، بل وأحدث هوة فاصلة في الحياة الروتينية اليومية، فقد أصبح مألوفا في جهات وظيفية عدة أن ترى شابا بالغا يشرح لرجل في عمر والده كيفية استخدام التكنولوجيا في تسهيل مهام وظيفته، وكثيرا ما ترى في وسائل النقل العام شابا يقضي وقته في إرسال الرسائل النصية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، بينما ترى من هو في ضعف عمره يمضي وقته في القراءة.فإن سألت نفسك: هل أستغرب وفي نفس الوقت معجب من سرعة مواكبة الصغار للتطورات التكنولوجية المتوالية؟ أو انزعج من عدم طاعة الصغار بما تراه صحيحا، ورغبتهم في اختبار تجربتهم الخاصة؟ إذن، فمرحبا بك في الهوة الفاصلة المتنامية بين الأجيال، أنت بالفعل تعاصر هذه الفجوة، وربما تعاني أضرارها أيضا.إن الأمية الرقمية هي نوع جديد من الأمية ظهرت لدى الأجيال القديمة، هي في الواقع إفراز للتكنولوجيا الحديثة، والتي شكلت شرخا كبيرا بين أفراد المجتمع الواحد في مختلف المجالات الاجتماعية والمعرفية والنفسية.فهناك فوارق في الذكاء الرقمي بين جيل الألفية (الجيل Y) ممن ولدوا بين 1980 و1995، والجيل (X) مواليد 1965 إلى 1979.الفوارق نفسها تجدها بين جيل (Y) وجيل (Z) مواليد 1995إلى 2009. حيث تشكل التكنولوجيا نمط حياة أساسي لديهم.ومواليد السبعينات من القرن الماضي لديهم القدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة من إنترنت وأجهزة تقنية، إلا أنها لا تشكل مجالا رئيسا في حياتهم، أما جيل الخمسينات فلا يشغل باله التطور التكنولوجي ولا يلجأ إليه إلا بوجود المساعدة والمساندة وللضرورة القصوى.وظهرت الفوارق الملموسة في الخبرات والمهارات بين الأجيال نتيجة التكنولوجيا الحديثة، مما أثر على سوق العمل، على الرغم من تشابه الدوافع والطموحات المهنية، إلا أن التسارع التكنولوجي التقني قد يعمل على زيادة المخاوف لدى الجيل القديم، نتيجة قلة الخبرات والمهارات التكنولوجية المتوافرة لدى الأجيال الجديدة.من وجهة نظر شخصية، أرى أن التكنولوجيا أدت إلى وجود نمطين من البشر في المجتمع الواحد، نمط اعتماده الكلي على التكنولوجيا ونمط لا يمتلك المهارات للتعامل مع أي تطور تقني أو أداة تكنولوجية ويفتقر المهارات اللازمة للتعامل مع هذه التطورات، مما أنتج اختلافات على المستوى الفكري والاجتماعي والعملي والدراسي؛ فاختلفت المفاهيم والتوجهات في مناحي عدة في الحياة لدى كل نمط، نتيجة اختلاف مصادر المعرفة والتعلم التي أصبحت متوافرة للأجيال الجديدة المعتمدة على التكنولوجيا، بخلاف الأجيال القديمة فقيرة المصدر.ونلاحظ أيضا اختلاف الخبرات في الحياة العملية والوظائف المختلفة، والتي سببت فجوة أكبر بين الأجيال. فهناك شباب يمتلكون مهارة الجيل القديم نتيجة التطور التكنولوجي الحديث، مما ولد شعورا بالقلق وعدم الأمان بسبب الاختلافات بين الأجيال.كما قد نجد اختلافا حول المفاهيم الاجتماعية التفاعلية لاختلاف نمط الحياة الاجتماعي عن السابق نتيجة التطور التكنولوجي.[email protected]
مشاركة :