الصينيون بين الحمار والبردعة

  • 11/19/2022
  • 19:58
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في قمة العشرين حضرت المراسم البروتوكولية الخاصة والخالصة، وحضر الزعماء كل حسب وزن دولته ومركزها وموقعها التصنيفي بين الدول.الأمير محمد بن سلمان، كان حاضرا وبقوة في هذه القمة، وما مبادرة ماكرون كرئيس دولة عظمى لتحيته والسلام عليه، إلا انعكاس وتجسيد لأهمية الدور السعودي على الساحة الدولية، فمن يعرف البروتوكول الرئاسي يعرف معاني وأبعاد ما قام به الرئيس الفرنسي في هذه القمة مع ولي العهد.في الناحية الأخرى من المشهد، كان هناك وجه آخر غير مألوف للمشهد البروتوكولي، لا أريد أن أستخدم عبارة عادل إمام في مسرحيته الشهيرة (شاهد ما شافش حاجه)،عندما سأله القاضي عن المتهم الذي في القفص، هل وجهه من النوع المألوف؟ فكانت إجابة عادل إمام الشهيرة والتي أصبحت طرفة حاضرة في أذهان كثيرين من الناس!.هذه الحادثة تمثلت في النقاش الحاد الذي دار بين الرئيس الصيني ورئيس وزراء كندا، في ذلك الحوار المقتضب والسريع، خرج الرئيس الصيني عن البروتوكول المعهود وصدم العالم قبل أن يصدم ترودو المغلوب على أمره، وهو يؤنبه على تلك التسريبات التي خرجت للإعلام، على خلفية تلك المحادثات التي جرت بين الدولتين.ترودو كان يحاول أن يوقف شلال إهانات الرئيس الصيني، ولغة جسده الحانقة التي صاحبت كلامه الذي كان كالطوب الموجه إلى سيادة كندا، قبل أن يكون موجها إلى وجه ترودو الأنيق ولكن دون جدوى.يبدو أيها السيدات والسادة أن العالم يتغير فعلا وبسرعة كبيرة، فهذه الحادثة تشي بأن عصر الدبلوماسية الناعمة الهادئة قد ولى زمنها، وحل محلها التوبيخ المباشر والاختلاف العلني أمام عدسات المصورين، الذين يفرحون بمثل هذه الاستثناءات التي يبدو أنها في طريقها لتصبح القاعدة في التعامل بين الزعماء.الأمر الآخر أن الشخصية الصينية، أيا كان نوعها ومساحة حضورها وتأثيرها، كانت في العرف الإنساني قبل السياسي شخصية ودودة وبشوشة، لكن الزعيم الصيني ربما يكون في طريقه لتغيير هذه الصورة واستبدالها بصورة أكثر عنفا وتجريحا، ربما يعود الأمر لشعور الصينيين بتفوقهم وقدرتهم على مناطحة الغرب، كونهم دولة عظمى تملك التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والسلاح، وشيء من ذلك يعود إلى استفزاز الغرب الدائم والمستمر لهم على كافة الصعد، ولعل آخرها زيارة العجوز بيلوسي لهونج كونج.وعند تأصيل (الدش) الساخن الذي تلقاه رئيس الوزراء الكندي، نجده بأبعاده الإنسانية المجردة يعكس حنقا طبيعيا عند الرئيس الصيني، أراد تفريغه في وجه الوسيم ترودو، الذي ما تعود على مثل هذه اللغة، كونه ـ كما قال ـ يؤمن بالحوار وحق الاختلاف.هذا الغضب الصيني مرده أن التسريب وصل إلى العدوة الكبرى أمريكا، وربما في قادم الأيام يفتح على الصينيين أبواب حرج هم في غنى عنها.من جانب آخر، فإن ترودو وديمقراطيته المزعومة يدوران في الفلك الأمريكي، ولا يمكنهما الفكاك منه، لذلك فإن التسريب للصحف الذي اعترض عليه الرئيس الصيني، هو في الأساس خط ساخن بين الكنديين والأمريكان، نقل هذا المعلومات على وجه السرعة، وكانت نتيجة ذلك حرجا بالغا تغشى الصين قيادةً وحزبا، فكانت ردة الفعل الصينية العنيفة على المغلوب على أمره ترودو حاضرة وقاهرة، وأجمل ما فيها أنها جاءت على طريقة المثل المصري الشهير (مقدرش على الديمقراطيين في أمريكا، اتشطر على البردعة).[email protected]

مشاركة :