طائر الكناري في منجم فحم التضخم «1 من 2»

  • 11/20/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في خطابه الذي ألقاه في جاكسون هول في آب (أغسطس)، أوضح جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أن كبح جماح التضخم على رأس أولويات الاحتياطي الفيدرالي. رغم تبرؤ الاحتياطي الفيدرالي من تقييمه في العام المنصرم لارتفاع التضخم على أنه قصير الأجل، فإن الأسس التي قام عليها ذلك التقييم كانت هشة حتى عند صدوره، نظرا للشكوك العديدة حول محركات التضخم في ذلك الوقت. كان أحد هذه المحركات، خصوصا ارتفاع تكاليف الشحن البحري، غير مدروس بالقدر الوافي، رغم كونه مساهما مهما في التضخم والتنبؤ بمستواه. حتى في العام الماضي، كان ارتفاع تكاليف الشحن يؤدي وظيفة طائر الكناري في مناجم الفحم "كان عمال المناجم يصطحبون معهم طائر كناري داخل المنجم لتنبيههم عندما يبدأ بالاختناق إلى انخفاض مستوى الأكسجين" حيث أشار إلى الحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة لمواجهة ضغوط الأسعار المتزايدة. تتمثل مهمة البنوك المركزية الرئيسة في العالم في الحفاظ على استقرار الأسعار، وهذا يعني أن صناع السياسات النقدية يجب أن يعكفوا على تحديد مصادر التضخم وتوقع مساره. لا شك أن القائمين على البنوك المركزية لم ينتبهوا إلى العلامة عندما قرروا في مستهل الأمر أن الزيادة الحادة التي طرأت على التضخم عام 2021 "مؤقتة"، كما فعل باول ذات مرة. لكن مؤسسات أخرى ارتكبت الخطأ ذاته. على سبيل المثال، فشل صندوق النقد الدولي على نحو مماثل في توقع ارتفاع التضخم واستمراريته. فجاءت توقعاته للاقتصاد الكلي في الولايات المتحدة مماثلة لتوقعات صندوق النقد الدولي. تؤكد أرقام صندوق النقد الدولي أيضا البعد العالمي الذي انطوت عليه مفاجأة التضخم، التي أثرت في الدول في مختلف أنحاء العالم من أستراليا إلى المملكة المتحدة، حيث بوغت صناع السياسات. يظهر تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي في ربيع 2022 أن توقعاته للتضخم من عام سابق كانت بعيدة عن الصواب بمعامل أكثر من ثلاثة للاقتصادات المتقدمة ومعامل يزيد على اثنين لاقتصادات الأسواق النامية والناشئة، وكذا للعالم ككل. من الإنصاف أن نعترف بأن جزءا من التضخم الحالي مدفوع بعوامل لم يكن من الممكن توقعها قبل عام، أو كان من الصعب التنبؤ بتأثيرها بدقة. في الولايات المتحدة، تعكس الأسعار المرتفعة التحفيز المالي وتراجع المدخرات من أعوام الجائحة على جانب الطلب، فضلا عن ارتباكات سلاسل التوريد الناجمة عن سياسة خفض الإصابات بمرض فيروس كورونا المستجد إلى الصفر في الصين وزيادات أسعار السلع الأساسية بسبب غزو روسيا لأوكرانيا. الواقع أن المتنبئين الاقتصاديين ليسوا خبراء جيوسياسيين أو خبراء في الصحة العامة، وأفضل ما يمكنهم القيام به من جهد على الجبهتين هو التخمين المدروس. لكن في حين قد نعذر صناع السياسات عندما لا يضعون في الحسبان عند اتخاذ قراراتهم عوامل لم يكن من الممكن معرفتها قبل عام، فيجب أن يحاسبوا على تجاهلهم لعوامل كان من المعروف عنها أنها محركات للتضخم، خاصة إذا كانت تلك المحركات تشير إلى ضغوط الأسعار المتواصلة. في دراسة حديثة، نركز أنا وزملائي من الباحثين على أحد محركات التضخم: الزيادة السريعة في تكاليف الشحن البحري العالمية... يتبع. خاص بـ «الاقنصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :