الموضوع الذي سأطرحه اليوم يحتاج إلى أكثر من مقال، ليس مني فقط وإنما من الزملاء الكتاب، لأنه يمس الحياة اليومية لشرائح المجتمع كافة، ولو سألت أقاربك أو جيرانك أو زملاء العمل لوجدت لديهم كثيرا من القصص والتجارب المريرة حول الموضوع، ولذا فإن المؤمل أن نرصد قصص القراء وتفاعلهم وتعليقاتهم من واقع تجاربهم للاستفادة منها، ذلك الموضوع هو خدمات الصيانة التي نحتاج إليها لمنازلنا ومكاتبنا وسياراتنا. ولقد حرت لمن أوجه المقال. لأن المقال دون توجيه واضح يمر دون إيضاح من جهة الاختصاص، وكما ذكرت في مقالات سابقة، فإن الإجابة أو التفاعل من جهة الاختصاص ليست بالضرورة أن تكون ثناء على الكاتب والمقال، وإنما بالنسبة لي أفضل أن يكون التفاعل موضحا لما في المقال من مقترحات أو وجهة نظر غير صحيحة. وعودة إلى الموضوع أقول إن بلادنا ظلت خلال عقود مضت مركزا تدريبيا مجانيا لإخواننا الوافدين من مختلف الجنسيات حتى أصبحت مهنة سباك أو كهربائي أو حتى فني إصلاح المكيفات مهنة من لا مهنة له، و لدي كثير من القصص لتجارب مريرة وأخطاء فادحة لعمالة غير مدربة، والسائد هذه الأيام أن يزورك في اليوم الأول من طلب الصيانة شخص واحد، ثم يحضر معه شخصا ثانيا، وفي اليوم الثالث يصبحون ثلاثة، ويتشاورون كأنهم سيطلقون مركبة إلى الفضاء، والمهم لديهم أن تدفع مقدما دون ضمان للنتائج التي يشتكي منها الجميع، لكنني لا أريد الاسترسال حول ذلك الجانب المحبط، بل سأتحول إلى الحديث عن المستقبل والمؤمل أن نصلح بجدية قطاع الصيانة حتى ننهي هذه المعاناة التي تحصل لنا بشكل شبه يومي في منازلنا، حيث انصرف من لديهم معرفة بأعمال السباكة والكهرباء أو الصيانة عامة إلى العمل مع الشركات الكبرى التي تقوم بإنشاء الأسواق والمجمعات السكنية والفنادق، وترك المواطن العادي مع من ما زالوا يتعلمون الحلاقة في رؤوس الأيتام، كما يقول المثل. والحل للمستقبل جاء من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في شهر آذار (مارس) عام 2021، ويسمى برنامج الفحص المهني، بالتعاون مع وزارة الخارجية، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ويهدف البرنامج إلى التحقق من امتلاك العامل المهني المهارات الأساسية اللازمة لتأدية المهنة الحرفية التي تم استقدامه إلى بلادنا للعمل بها، وذلك من خلال اختبار عملي ونظري قبل قدومه في مجال تخصصه، ويسعى البرنامج للارتقاء بجودة عمل الأيدي المهنية العاملة في سوق العمل السعودية، وإيقاف تدافع العمالة المهنية غير المؤهلة. وأخيرا: أولا، أطلب من وزارة الموارد البشرية إيضاح ماذا تم بخصوص هذا البرنامج الذي استبشر به الجميع عند إعلانه. وثانيا، حبذا لو تكون هناك شركات للصيانة، وتلتزم هذه الشركات بتوظيف العاملين من المؤهلين المتفرغين لا أن تتعاقد معهم بشكل غير متفرغ دون معرفة إتقانهم المهنة. وبدأنا نرى بعض التطبيقات أو المؤسسات والمحال الصغيرة التي تنتشر داخل الأحياء وتقدم نفسها على أنها مسؤولة عن الصيانة إلا أن الواقع لم يتطور كثيرا في ظل استمرار تحكم العمالة غير المؤهلة في إدارة هذه المشاريع، وغياب الرقابة الفنية من صاحب المؤسسة أو التطبيق. وثالثا، أحث من يحصل لديه تقصير من عمال الصيانة أن يبلغ جهة الاختصاص لا أن يسكت عن حقه، كما هي عادة معظمنا، مع أن كثيرين مثلي لا نعرف جهة الاختصاص لتلقي مثل هذه الشكاوى، هل هي وزارة الموارد البشرية أم البلدية أم التجارة أم غيرها؟
مشاركة :