ودخلت أمريكا مرحلة البطة العرجاء

  • 11/19/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

انطلقت ليلة الثلاثاء الثامن من نوفمبر 2022، انتخابات التجديد النصفى فى الولايات المتحدة، وسط ترقب محلى ودولى لنتائج هذه الانتخابات التى عادة ما تكون بمثابة استفتاء على أداء الرئيس جو بايدن خلال فترة رئاسته الأولى، وبروفة مصغرة لانتخابات الرئاسة فى 2024. ولقد كثف الديمقراطيون جهودهم فى هذه الانتخابات للحفاظ على سيطرتهم على مجلس النواب، والظفر بالغالبية فى مجلس الشيوخ من أجل تمرير مشروعات قوانين وخطط الرئيس بايدن، ودعم سياساته، فيما سعى الجمهوريون للحصول على السيطرة على مجلسى النواب الشيوخ وأطلقوا شعارهم (الموجة الحمراء) بكل قوة لعرقلة خططه. وعادة يكون إقبال الناخبين فى انتخابات التجديد النصفى أقل من الانتخابات الرئاسية، كذلك هناك ولايات متأرجحة دائما تحسم الأمر، فضلا عن دور التصويت المبكر، الذى دعا له الحزب الديمقراطى بكل قوة. وعادة تعقد انتخابات التجديد النصفى كل عامين، وتسمى الانتخابات النصفية؛ لأنها تأتى فى منتصف فترة ولاية الرئيس التى تمتد لـ 4 سنوات. نواب وشيوخ وحكام، وعموما ينقسم الكونجرس إلى مجلس النواب ويشمل 435 عضوا يمثلون الولايات بحسب حجمها السكانى، أما مجلس الشيوخ فيضم 100 سيناتور، على أساس أن هناك برلمانيين اثنين يمثلان كل ولاية بصرف النظر عن وزنها السكانى. وأعضاء مجلس الشيوخ يمكثون لفترة 6 أعوام، بينما النواب يخدمون لمدة عامين فقط ويمثلون مناطق أصغر داخل الولاية، ويصوّت الأمريكيون فى هذه الانتخابات على جميع مقاعد مجلس النواب إلى جانب ثلث مجلس الشيوخ. وفى ليلة الثلاثاء الثامن من نوفمبر تم إجراء الانتخابات التشريعية المحلية للولايات الـ 50، كما تم انتخاب حكام جدد لـ 36 ولاية. ولقد حقق الحزب الديمقراطى الفوز بالأغلبية فى مجلس الشيوخ بينما حقق الجمهوريون الأغلبية فى مجلس النواب، وعادة تكون مهمة الكونجرس هى سن القوانين، بعدما يقرر النواب أى قوانين يجرى التصويت عليها، بينما يحق لمجلس الشيوخ منعها أو الموافقة عليها، وكذلك المصادقة على تعيينات كبار الموظفين التى يجريها رئيس البلاد، ونادرا ما يطالب بأى تحقيقات ضد ساكن البيت الأبيض. وفى الولايات المتحدة هناك حزبان رئيسيان، الحزب الديمقراطى الذى ينظر إليه على أنه يسارى صاحب آراء ليبرالية تقدمية، والحزب الجمهورى الذى ينظر إليه باعتباره يمينيا ومحافظا. وينتمى الرئيس جو بايدن حاليا للحزب الديمقراطى الذى كان يسيطر على مجلسى الكونجرس، ورغم أنها كانت «أغلبية طفيفة» إلا أنها مكنت بايدن من إنجاز ملفات هامة وحاسمة، حيث تطلب أن تحصل برامجه مثل الرعاية الصحية، ومشروع قانون مكافحة تغير المناخ، والضرائب، على موافقة الكونجرس أولا. مثل جمع التدعيمات المالية لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا، وخلال فترة الانتخابات أعلن الحزب الجمهورى شعار الموج الأحمر ولكن يبدو أنه لم ينجح فى ذلك لأنه لم يحقق الأغلبية فى مجلس الشيوخ، حيث حصل الديمقراطيون فى مجلس الشيوخ على 50 مقعدا، متجاوزين عدد مقاعد الجمهوريين البالغ عددها 49 مقعدا، وبذلك احتفظ الديمقراطيون بأغلبيتهم لعامين إضافيين، والذى اعتبره الديمقراطيون انتصارا تاريخيا لهم، هذا النجاح البالغ وضع الرئيس الأمريكى جو بايدن فى موقف قوى عند إجرائه المحادثات مع الرئيس الصينى شى جين بينغ، ولذا اعتبرت وسائل الإعلام الأمريكية أن ترامب كبش فداء هذه الانتخابات بسبب خسارة مرشحيه. وحتى إن تحقق للجمهوريين الفوز بالسباق المتبقى فى ولاية جورجيا فى جولة الإعادة فى الشهر المقبل فإن الديمقراطيين سيحتفظون بالسيطرة على الغرفة العليا من الكونجرس، وفى الوقت ذاته أكد الجمهوريون سيطرتهم على مجلس النواب، حيث خسر الديمقراطيون أغلبيتهم فى مجلس النواب، لذلك أصبح بإمكان الجمهوريين عرقلة مشاريع القوانين الخاصة بالديمقراطيين حتى انتخابات الرئاسة القادمة فى نوفمبر 2024، وهو ما يطلق عليه فترة البطة العرجاء فى حكم الولايات المتحدة الأمريكية. عقب فوز الجمهوريين بأغلبيتهم فى مجلس النواب اتصل جو بايدن بزعيم أغلبية الجمهوريين فى مجلس النواب كيفن مكارثى، وقدم له التهنئة ودعاه لمقابلة خاصة لتحديد وتنظيم أسلوب العمل فى الفترة القادمة، حيث إن فترة البطة العرجاء سوف تعوق الحزب الديمقراطى فى إدارة البلاد، وخاصة أن الرئيس جو بايدن يطمع فى الحصول على فترة رئاسية ثانية، حتى إن البعض أطلق مقولة إن الصراع على البيت الأبيض فى انتخابات 2024 بدأ مبكرا بعد إعلان الرئيس الأمريكى السابق ترامب أنه سيترشح للانتخابات على رئاسة البيت الأبيض فى الفترة الرئاسية التالية، ومن هنا سيعمل حزب الجمهوريين فى مجلس النواب فى الفترة القادمة على تقييد سلطات الرئيس الأمريكى جو بايدن، حتى يتحقق السماح لمرشح الحزب الجمهورى سواء كان ترامب أو غيره من التفوق على بايدن فى الفترة القادمة، ولهذا سيكون التصدى لأهم هذه القرارات وخاصة دعم أوكرانيا عسكريا أو اقتصاديا، حيث إن الحزب الجمهورى كان ضد هذه الحرب وتداعايتها، لدرجة أن ترامب أعلن أنه لو كان موجودا فى البيت الأبيض لما تمت هذه الحرب، ولما تسببت فى زيادة التضخم وارتفاع الأسعار ومشكلة الغاز والحبوب فى العالم كله، لذلك سوف نرى فى الفترة القادمة الصراع بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى من أجل من سيفوز فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة التى بدأت مبكرًا.

مشاركة :