تحسين جودة حياة ذوي الإعاقة

  • 11/20/2022
  • 22:20
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تعرف منظمة الصحة العالمية ذوي الإعاقة على أنها حالة تحد من قدرة الفرد على القيام بوظيفة واحدة أو أكثر من الوظائف التي تعد أساسية في الحياة اليومية كالعناية بالذات أو ممارسة العلاقات الاجتماعية والنشاطات الاقتصادية وذلك ضمن الحدود التي تعد طبيعية ويختلف مسماهم من مكان لآخر، فمثلا يطلق عليهم أصحاب الهمم أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وللإعاقة أشكال متعددة منها الإعاقة البصرية والسمعية والعقلية والجسمية أو الحركية واضطرابات النطق والكلام والاضطرابات السلوكية والانفعالية والتوحد وأحيانا قد تكون الإعاقة مركبة.الحقيقة أن ذوي الإعاقة هم بشر يستحقون كامل الحقوق في العيش في سلام وأمان واطمئنان وإن كان في بعض الحضارات السابقة يعانون نوعا من الظلم والسخرية والاضطهاد والتندر نسبة لطبيعة الحياة وقتها التي تغلب عليها حياة الحروب والعيش الصعب إلا أن الإسلام الحنيف اهتم بهم وخصوصيتهم فأسقط عنهم كثير من الواجبات والأشياء التي لا تتوافق مع مقدراتهم وبنيتهم الجسمانية مثالا للرحمة والإنسانية وإظهارا لتكريم الدين للبشرية وحقوق الإنسان في العيش الكريم.واهتمت المملكة برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل يضمن حصولهم على حقوقهم المتصلة بالإعاقة ويعزز من الخدمات المقدمة لهم، عبر توفير سبل الوقاية والرعاية والتأهيل اللازمين، إذ عملت على بناء جدار وقاية من خلال مجموعة من الإجراءات الطبية والنفسية والاجتماعية والتربوية والإعلامية والنظامية التي تهدف إلى منع الإصابة بالإعاقة أو الحد منها واكتشافها في وقت مبكر والتقليل من الآثار المترتبة عليها.وضمنت المملكة تقديم خدمات الرعاية الشاملة المقدمة لكل من هو بحاجة إلى الرعاية بحكم حالته الصحية ودرجة إعاقته أو بحكم وضعه الاجتماعي، وأسهمت في توظيف الخدمات الطبية والاجتماعية والنفسية والتربوية والمهنية، لمساعدة ذوي الإعاقة في تحقيق أقصى درجة ممكنة من الفاعلية الوظيفية، بهدف تمكينهم من التوافق مع متطلبات بيئتهم الطبيعية والاجتماعية، وتنمية قدراتهم للاعتماد على أنفسهم وجعلهم أعضاء منتجين في المجتمع.وتنص الأنظمة في المملكة على أن للأشخاص ذوي الإعاقة الحق كغيرهم في التمتع بأعلى مستويات الصحة والتعليم دون تمييز على أساس الإعاقة وشمولهم ضمن وثيقة حقوق ومسؤوليات المرضى، كما يتم دعمهم ماليا عبر برامج وزارة التنمية والموارد البشرية لتلبية احتياجاتهم اليومية، وأنشأت المراكز المتخصصة للتأهيل الشامل التي تقدم الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية مجانا لذوي الاحتياجات الخاصة.الإعاقة تشكل نسبة كبيرة من المجتمع الدولي ككل فتقدر الأمم المتحدة أن حوالي أكثر من مليار شخص حول العالم يعانون من بعض الإعاقات أي ما يمثل حوالي 15% من سكان الأرض، الرقم الذي تزايد نتيجة لتطور الحياة وتقدمها وإيقاعها فكثرت الأمراض والطفرات الوراثية والجينية والكوارث والحروب والحوادث المرورية، الشيء الذي زاد من عدد حالات الإعاقة.والإعاقة لا تعني الضعف أو النقص أو الفشل ففي كثير من الأحيان تكون الإعاقة دافعا قويا للتميز والإبداع والتفرد، وفي التاريخ البشري هنالك كثير من العظماء الذين أثروا العالم بمواهبهم واكتشافاتهم وأصبحوا أرقاما يصعب تجاوزها كل منهم في مجاله؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر لويس برايل والذي كان يفقد بصره واخترع لغة برايل، كما كان توماس أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي ذا إعاقة سمعية، كما كان الحال نفسه مع بيتهوفن الذي ألف السمفونية ولم يسمع منها شيئا لإعاقته السمعية، وكان عميد الأدب العربي طه حسين ضريرا وهو الذي احتل مرتبة مرموقة في الأدب العربي.وفي المملكة العربية السعودية تقدر الإحصائيات أن حوالي 7.1% من سكان المملكة من ذوي الإعاقة، ونجد أن المملكة العربية السعودية متطورة جدا وسباقة ورائدة في اهتمامها بهذه الشريحة من المجتمع، وأخيرا ضمن أهداف رؤية المملكة 2030م المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة أطلقت مراكز مهنية تساهم في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة مهن ومهارات وحرف تعينهم في كسب العيش وإفادة المجتمع وخلق دور اجتماعي واقتصادي لهم، كما أنشأت مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، كذلك تضمنت الرؤية قوالب تعليمية متخصصة تجاه هذه الفئة ومحاولة إعادتهم ودمجهم في المراحل التعليمية المختلفة دون تميز بعد تأهيلهم صحيا ونفسيا ومعنويا.ولا بد من عمل إعلامي متكامل توعوي وإرشادي يسهم في الاهتمام بذوي الإعاقة واحترامهم ومدهم بالثقة والتعاون التام وتعزيز وجودهم العملي والوظيفي في القطاع العام والخاص، وخلق أنشطة وبرامج ومدن ترفيهية مخصصة لهم تأخذ في الاعتبار خصوصيتهم.وكذلك نجد مراكز العافية وهي المراكز التي يجب تفعيلها ودعمها بشكل كبير في المرحلة المقبلة للاهتمام بذوي الإعاقة الذين يحتاجون عناية متكاملة تحت مظلة واحدة، يجتمع فيها الممارسين الصحيين وممارسي الطب التكميلي والمختصين في التربية الاجتماعية والنفسية ومختصين في التأهيل الذهني والبدني ومهارات التعلم والنطق والإدراك المعرفي.كما يمكن لهذه المراكز أن تهتم أيضا بأسرهم حيث تقوم على تدريبهم وتأهيلهم وتوعيتهم ذهنيا و بدنيا، للمحافظة عليهم وعلى أبنائهم ذوي الإعاقة وفق برامج خاصة تستهدفهم بشكل مباشر مع أبنائهم فبذلك نحسن من جودة حياتهم وجعلهم أشخاص أصحاء نفسيا واجتماعيا وأكثر تفاعلا ومشاركة في مجتمعهم.[email protected]

مشاركة :