القراءة والتنوير

  • 1/18/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أ. د. بهجت الحديثي هذه هي الدولة المثالية دولة الإمارات العربية المتحدة، أمناً وأماناً وعيشاً رغيداً، فجزى الله رئيسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله، على مبادراته الجمة، ولا سيما مبادرته بأن يكون عام 2016 عام القراءة، وهذه المبادرة، التفاتة ذكية، وذات أثر فاعل في التنمية والتنوير الفكري والحضاري والإنساني، فضلاً عن أن القراءة عبر التاريخ هي، أساس نهضة الأمم وتحضرها ورقيها. وبصراحة أقول والحق يُقال: إن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يُعد مثالاً للقارئ الإماراتي بخاصة، والقارئ المثقف العربي بعامة، وجهوده في هذا المضمار، ونشاطه الثقافي العربي والعالمي أكبر دليل على ما نقول. ولا نبخس الناس أشياءهم، فكل حكام وشيوخ الإمارات حريصون كل الحرص على الحركة الثقافية الإماراتية والعربية بعامة، والاهتمام بالقراءة بشكل خاص. فالكل أعلام على هام الذُرا وغدتْ نجوماً للعروبة تفتدي منْ غيرهم قاد البلاد لنهضةٍ والفضل من بعد الإله لزايد ولا ريب فالقراءة ضرورة معرفية وحضارية وإنسانية، وهي بمعناها الواسع أكثر من كونها تعرّف المكتوب ونطقه، إنها تعني اللغة التي تثري المنتج الثقافي، ولا سيما في الأدب (الشعر والنثر) والقراءة مُكوّن من حبٍ ودأبٍ وإصرارٍ وحرصٍ، وهي غاية الغايات من النظام التعليمي من البيت إلى الجامعة فضلاً عن أن القراءة هي، زاد العقل والروح معاً. وتعد القراءة منذ فجر التاريخ، أولى وأهم أدوات المعرفة، وعنصراً من أهم عناصر بناء الحضارات، ومما يروى أن حكيماً مصرياً قديماً نقش على ورقة البردي وصيته لابنه يقول فيها: يا بني ضع قلبك وراء كتبك، وأحببها كما تُحب أمك، فليس هناك شيء تعلو منزلته على الكتب. ويقول ابن سينا ويقسم على ما يقول: والله ما تركت القراءة في عمري إلاّ ليلتين، ليلة وفاة والدي وليلة زفافي. ويقول العقاد: أهوى القراءة، لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني بمعنى أنه يريد أن يطلَّع من خلال القراءة على حيوات العلماء والفلاسفة والأدباء والشعراء والفنانين والمبدعين وتجاربهم وحكمهم ومؤلفاتهم، وسيرهم الذاتية والثقافية والعلمية، فيزداد ثقافة على ثقافة، وعلماً على علم، وأدباً على أدب، وإبداعاً على إبداع. ويقول طه حسين: إن القراءة حق لكل إنسان، يريد أن يحيا حياة صالحة. وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة يصل الليل بالنهار، يقرأ ويبحث ويوصي ويشجع ويقول: القراءة القراءة، والكتاب الكتاب كما سمعته من على شاشة التلفاز يقول: أقرأ ما لا يقل عن (300) صفحة يومياً. كما دعا سموه ويدعو مراراً وتكراراً إلى تعميق القراءة بين فلذات الأكباد، وتوفير الكتاب للجميع، ولا سيما الكتاب النافع. ولا ننسى أن أول آية وأول سورة نزلت على النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم هي: اقرأ، وأن لفظة (القرآن) نفسها مشتقة من الفعل الثلاثي قرأ يقرأ قرآن كما جاء في أكثر معجمات اللغة العربية. والقراءة هنا تعني: التأمل في الكون وما يحيط به، وعظمة الخالق وقدرته ووحدانيته، فضلاً عن قراءة المكتوب، ولهذا وذاك حينما تسأل شخصاً ما عن رؤيته لموضوع ما تقول له: كيف تقرأ الحدث كذا وكذا؟ أي كيف ترى؟ وربما يسأل سائل، ماذا نقرأ وكيف نقرأ؟ والجواب: نقرأ كل ما هو مكتوب، ونستثني كل ما هو ضار من خلاعة ومجون وعدم الالتزام بالقيم العربية والإسلامية. والقراءة ينبغي أن تكون على مستويات: 1- المستوى السطحي (القراءة الأولى) 2- المستوى التأملي، بمعنى تتأمل وتتدبر ما في السطور وما بين السطور 3- المستوى التشخيصي 4- المستوى الاستنتاجي (الخلاصة) وعلى القارئ أن يضع إلى جانبه دفتراً كشكولاً يُسجل فيه الكلمات والجمل والتعبيرات الجميلة، والأمثال والحكم وبعض الأشعار، ويحفظها ليرصّع ويزيِّن بها أسلوبه وكلامه إذا تحدث أو كتب. وتبقى القراءة هي نقطة الانطلاق إلى عالم الثقافة والإبداع.

مشاركة :