المتابع للساحة الإعلامية العربية خلال السنوات الأخيرة لابد أن يخرج بنتيجة أن هناك تـسويقاً واضحاً لـطائفة (الـمُـمَـثّـلِـيْــن والـمُـغَـنّــيـن، ثم لاعبي الكرة) باعتبارهم رموزاً للمجتمع، فأغلب الحوارات معهم، وبرامج الـسّـيَــر الذاتية لهم، وأحاديث المناسبات العامة والأعياد المختلفة، واحتفالات توزيع الجوائز، والإعلانات التحذيرية والترويجية هم الحاضرون فيها .!! وهنا مع إيماني بأن هناك نخبة محترمة جداً من (أهل التمثيل والغناء والرياضة)، لهم التقدير والاحترام، إلا أن العديد منهم على سلوكه الشخصي ومظهره الكثير من الملحوظات والتّـحَـفُـظَــات، وتلــبّـسَــت ببعضهم قضايا أخلاقية طَـفَــت على الـسّـطح، (وما خفي كان أعظم)!! فأولئك في حقيقتهم مجرد نجوم مِـن ورق، وأجساد خاوية من الـدّاخل لا تَحْـمِـل فِـكراً، ولا قضية؛ فـكيف يَـتَـمّ التكريس لهم، والعمل على جعلهم نماذج يقتدي بها الشباب؛ ولمصلحة مَــن يحدث ذلك؟! بينما عن عَـمْــد وتَـرَصّــد كان إقصاء المثقفين والمفكرين والعلماء ومَـن خدموا مجتمعاتهم وأوطانهم في مختلف المجالات! تلك الفوضى التي يضاف لها ذلك الـكَـم الكبير من البرامج التي تتبناها الكثير من القنوات وهدفها البحث عَـن المزيد من المُـغَـنّــيــن والمُـمَـثلين؛ وكأن هموم الشعوب العربية انتهت، فلا ينقصهم إلا الطرب، وقَـتْــل أوقاتهم أمام الأفلام والمسلسلات! تلك الممارسات الإعلامية أراها من أهم أسباب تلك الغيبوبة الفكرية التي تعيش فيها معظم مجتمعات بني يَـعْــرُب، وما تعانيه من جهل وتخلف في شتى الميادين! والخروج من تلك الدائرة المظلمة يتطلب وقفات جادّة من المؤسسات المعنية، للتصَــدي لــ (الـمال الإعلامي ) الذي صنع ذلك الواقع المؤلم، وأيضاً يتطلب خططاً وبرامج تنويرية مضادة تبني بيئة فكرية صحيّــة، وأجيالاً تسمو بهمتها وسلوكها، وتمتلك أدوات الوصول للتقَــدّم والتنمية المستدامَــة؛ فالحضارة تبنى بالجد والعمل وليس بالغناء والتمثيل ومطاردة الكُــرة! فمتى تأتي الـصّــحْــوة من تلك الغيبوبة حتى لايتكرر مشهد اختيار إحدى الرّاقِـصَــات لتكون هي (الأُمّ المثالية) كما حدث في إحدى الدول العام الماضي ؟!. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :