أكدت بعثة خبراء صندوق النقد الدولي إلى دولة الإمارات أن الاقتصاد الوطني حقق نمواً هائلاً خلال العام الجاري، بفضل التعافي القوي في القطاعات النفطية وغير النفطية، متوقعة ارتفاع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى أكثر من %6 تقريباً هذا العام، مقابل %3.8 في عام 2021. وأفاد تقرير صادر أمس في ختام زيارة فريق البعثة التي جاءت في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2022، وامتدت خلال الفترة من 2 إلى 17 نوفمبر 2022، بأن الاقتصاد الإماراتي يشهد نمواً قوياً على المدى القريب بفضل تعافي النشاط المحلي، بينما يدعم ارتفاع أسعار النفط تحقيق فوائض كبيرة في رصيد المالية العامة والرصيد الخارجي. وتوقع تراجع الضغوط التضخمية تدريجياً، مرجحاً أن يبلغ التضخم هذا العام نحو %5. كفاءة القطاع المصرفي وأشاد التقرير بالجهود التي تتخذها السلطات في الإمارات والخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ظل الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية، وكفاءة القطاع المصرفي في الإمارات وما تتمتع به البنوك من كفاية رأسمالية وسيولة وفيرة. وأشار التقرير إلى أنه، خلال الفترة القادمة، ينبغي أن تواصل سياسة المالية العامة الكلية موقفها الحذر، كما ينبغي أن تظل تدابير دعم تكلفة المعيشة المؤقتة موجهة بدقة إلى الفئات الأكثر احتياجاً. وأوضح تقرير بعثة خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة علي العيد، أن القطاعات غير النفطية خاصة السياحة والتشييد والقطاعات المرتبطة بمعرض إكسبو 2020 دبي، ساهمت في تحقيق اقتصاد الإمارات نمواً قوياً هذا العام، بالتزامن مع زيادة إنتاج النفط بموجب اتفاق «أوبك بلس». فائض الحساب الخارجي ووفقاً للتقرير سجل فائض المالية العامة وفائض الحساب الخارجي ارتفاعاً إضافياً، بفضل زيادة أسعار النفط وسحب الدعم المالي المؤقت الموجه إلى الشركات والأسر بسبب أزمة كوفيد في ظل الانحسار التدريجي للجائحة، فيما ارتفعت التدفقات المالية الوافدة إثر تنامي حالة عدم اليقين العالمية، مما ساهم في نمو أسعار العقارات بشكل سريع في بعض الشرائح. أخبار ذات صلة اختتام فعاليات الحوار العسكري الإماراتي الأميركي المشترك الإمارات تدعو المجتمع الدولي للتعاون مع «الإنتربول» 4% نمو الاقتصاد غير النفطي وتوقع تقرير البعثة أن تظل الآفاق الاقتصادية لدولة الإمارات موجبة مستقبلاً بدعم من النشاط المحلي، متوقعاً أن يسجل النمو غير النفطي حوالي 4% في عام 2023، مع تسارع وتيرته على المدى المتوسط بفضل تنفيذ الإصلاحات الجارية. وتشير التوقعات إلى تراجع الضغوط التضخمية تدريجياً، بما في ذلك الناجمة عن تداعيات تشديد الأوضاع المالية، مما سيساهم في دعم النمو مواصلة تطوير أسواق رأس المال المحلية، بما في ذلك إصدار ديون بالعملة المحلية عن الحكومة الاتحادية. رسملة البنوك وأوضح التقرير أن البنوك الإماراتية تتمتع بكفاية رأسمالية بوجه عام وسيولة وفيرة، كما شهدت تحسناً طفيفاً في جودة الأصول مقارنة بذروة الجائحة، وارتفع معدل نمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص المحلي. وتؤكد تطورات أسعار العقارات والتوقعات بزيادة تشديد الأوضاع المالية على أهمية مواصلة إحكام الرقابة على الاستقرار المالي. ورحب خبراء الصندوق بجهود مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي المستمرة لتقوية إطار السلامة الاحترازية الكلية وتعزيز الإدارة الفعالة للقروض غير المنتظمة، مشيدين بتقدم الجهود بشكل كبير في ظل الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بغية مواصلة تقوية منظومة القواعد التنظيمية لضمان فعاليتها اتساقاً مع المراقبة المعززة في ظل توصيات مجموعة العمل المالي (FAT فاتف)، وينبغي لهذه الجهود أن تستمر. وبالنظر إلى المدى المتوسط، رحبت بعثة الخبراء بإصلاحات المالية العامة المقررة، بما فيها التطبيق المتوقع لضريبة دخل الشركات والإلغاء التدريجي لهياكل رسوم مزاولة الأعمال، والتي ينبغي مواصلة العمل عليها لتكون ركيزة لضبط أوضاع المالية العامة على نحو تدريجي وداعم للنمو في ظل إطار قوي متوسط المدى للمالية العامة بهدف الحفاظ على الاستدامة المالية، لافتة إلى أنه من شأن التعزيز والتنسيق الدقيق للركائز والقواعد المالية التي تستند إليها كل إمارة أن يضمنا إرساء موقف وطني موحد لسياسة المالية العامة. ورحب الخبراء بالإصلاحات التي تندرج ضمن «استراتيجية الإمارات 2050» والتركيز على تنويع النشاط الاقتصادي، لضمان التوازن في تحول نظام الطاقة وتحقيق نمو اقتصادي قوي طويل المدى. وأوضح الخبراء أنه بالرغم مما حققته دولة الإمارات العربية المتحدة من تقدم هائل على صعيد مبادرات المناخ، فإنه ينبغي إعطاء الأولوية للاستثمارات منخفضة الكربون ذات الأهمية الاقتصادية الأكبر والإمكانات الأعلى لتقليل الانبعاثات والحد من كثافة استهلاك الطاقة. وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات الهيكلية الجارية، كتلك الرامية إلى دعم التوظيف في القطاع الخاص ومشاركة المرأة في سوق العمل، وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات الأجنبية، والاستفادة من منافع التكنولوجيا والتعليم، سوف تساعد على تحقيق النمو المستدام والشامل للجميع. ويمكن دعم هذه الجهود من خلال مواصلة تعزيز التعاون على مستوى جميع الإمارات، بما في ذلك في جمع البيانات الاقتصادية وتبادلها ونشرها، حسب التقرير. الأوضاع العالمية أشار التقرير إلى أنه رغم أن الآفاق المستقبلية تبدو عرضة لأوضاع عدم يقين خارجية مؤثرة، بما في ذلك التأثيرات الاقتصادية والمالية العالمية المعاكسة، والتطورات الجيوسياسية، وقرار خفض الإنتاج الذي أعلنته مجموعة أوبك بلس مؤخراً، إلا أن ارتفاع أسعار النفط وقوة الاحتياطيات المالية الوقائية يساهمان في التخفيف من حدة المخاطر، بينما يُتوقع أن يتجاوز معدل النمو التوقعات على المدى المتوسط بفضل تعزيز جهود الإصلاح. وأفاد التقرير أنه «وفي ظل الآفاق الاقتصادية الكلية المتوقعة، ينبغي أن تركز السياسات في الأجل القريب على ضمان النمو المستدام والحفاظ على الاستقرار المالي، مع الاحتياط من النتائج التضخمية.. وفي هذا الصدد، نرحب بتوجيه الدعم المالي المؤقت إلى الفئات الأكثر عرضة للمخاطر للتخفيف من تداعيات ارتفاع التضخم، مع الإشارة إلى ضرورة الالتزام بالحيطة المالية بوجه عام، ودعم الجهود المبذولة للحد من التضخم، وتعزيز الاحتياطيات الوقائية لضمان الاستدامة على المدى المتوسط».
مشاركة :