يوصف كوكب الزهرة بأنه "جحيم لعين"، حيث تزيد حرارة سطحه عن 464 درجة مئوية (850 درجة فهرنهايت، 737 درجة كلفن)، ما يجعله ساخنا بما يكفي لإذابة الرصاص والمركبات الفضائية.
وأظهرت دراسة جديدة أن الانفجارات البركانية الضخمة على مدى فترة طويلة من الزمن قد تكون مسؤولة عن تغيير الكوكب إلى ما هو عليه اليوم.
وتقول الدراسة إنه ربما كانت البراكين الهائلة التي غطت 80% من سطح كوكب الزهرة بالحمم البركانية هي العامل الحاسم الذي حوّل كوكب الزهرة من عالم رطب ومعتدل إلى كوكب خانق، كبريتي وجهنمي كما هو عليه اليوم.
وهناك ضغط ساحق على كوكب الزهرة يبلغ 90 ضغطا جويا تحت السحب الكثيفة لثاني أكسيد الكربون، التي يغلب عليها حمض الكبريتيك المتآكل.
وغالبا ما يتم وصف كوكب الزهرة باعتباره "التوأم الشرير" للأرض، وهو ضحية لتأثير الغازات الدفيئة الجامحة، ولا شك أنها تضخمت بسبب قرب الكوكب من الشمس بنحو 25 مليون ميل (40 مليون كيلومتر) أكثر من الأرض، وبالتالي، تلقي المزيد من الحرارة.
ومع ذلك، هناك أدلة متزايدة على أن كوكب الزهرة لم يكن دائما بهذا الشكل، وكان من الممكن أن يكون في يوم من الأيام عالما معتدلا مشابها إلى حد ما للأرض، ربما متأخرا، من الناحية الجيولوجية، أكثر مما كان متوقعا.
وقاد مايكل واي، من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في ماريلاند، الكثير من الأبحاث لتطوير هذه الرؤية الجديدة لكوكب الزهرة.
وفي أحدث ورقة بحثية، جادل واي وفريقه في أن النشاط البركاني لكوكب الزهرة يمكن أن يكون في النهاية هو ما دفع الكوكب إلى حافة الهاوية عن طريق إرسال كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون. وكما نعلم، الغازات الدفيئة القوية تتصاعد في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة.
وفي تسعينيات القرن الماضي، قامت مركبة ماجلان الفضائية، التابعة لوكالة ناسا، برسم خرائط لسطح كوكب الزهرة الذي يحجبه الغلاف الجوي الكثيف للكوكب، ووجدت أن جزءا كبيرا من السطح كان مغطى بصخور البازلت البركانية.
هذه "المقاطعات النارية الكبيرة" هي نتيجة نشاط عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف من السنين من البراكين الهائلة، التي تفجرت في مرحلة ما خلال المليار سنة الماضية.
وعلى وجه الخصوص، تم العديد من هذه الأحداث في غضون مليون سنة ربما، وكل منها غطى مئات الآلاف من الأميال المربعة أو الكيلومترات بالحمم البركانية، وكان من الممكن أن تمنح الغلاف الجوي لكوكب الزهرة الكثير من ثاني أكسيد الكربون لدرجة أن المناخ لم يكن قادرا على مواجهة ذلك، حيث أن أي محيطات موجودة كانت ستغلي، مضيفة الرطوبة إلى الغلاف الجوي، ولأن بخار الماء هو أيضا غاز من الغازات الدفيئة، سرّع هذا من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وبمرور الوقت، كان من الممكن أن يضيع الماء في الفضاء، لكن ثاني أكسيد الكربون، والعالم القاسي، ظلا قائمين.
وقال واي في بيان: "بينما لم نكن متأكدين بعد من عدد المرات التي حدثت فيها الأحداث التي خلقت هذه الحقول، يجب أن نكون قادرين على تضييق نطاقها من خلال دراسة تاريخ الأرض".
ويشير التكرار الذي حدثت به الأحداث البركانية الضخمة، والتي تشكل مقاطعات نارية كبيرة (تراكمات كبيرة جدا من الصخور البركانية) على الأرض، إلى أن من المحتمل حدوث العديد من هذه الأحداث على كوكب الزهرة في غضون مليون عام. وكان من الممكن أن تكون هذه الحوادث أثرت على كوكب الزهرة إلى الأبد.
ويشار إلى أن ما يسمى بـ "البراكين العملاقة" ارتبط به العديد من أحداث الانقراض الجماعي على الأرض على مدى النصف مليار سنة الماضي.
على سبيل المثال، يرجع بعض الانقراض الجماعي في العصر الديفوني المتأخر منذ 370 مليون عام إلى البراكين الفائقة في ما يعرف الآن بروسيا وسيبيريا، وكذلك إلى ثوران بركاني فائق منفصل في أستراليا.
ويُلقى باللوم على نطاق واسع في الانقراض الجماعي الترياسي - الجوراسي على تكوّن المقاطعة النارية الكبرى على الأرض، مقاطعة ماغماتيك (المقطعة الصهارية) الوسطى الأطلسية، قبل 200 مليون سنة.
وحتى موت الديناصورات قبل 65 مليون سنة ربما كان سببه الفعل المزدوج لضربة كويكب وللبراكين الفائقة في ديكان ترابس، وهي مقاطعة نارية كبيرة في الهند.
ولأسباب غير معروفة، كانت الأحداث البركانية المماثلة على كوكب الزهرة أكثر انتشارا وحرضت على تأثير الغازات الدفيئة الجامحة التي غيرت الكوكب.
وفي هذه الأثناء، كانت على الأرض دورة سيليكات الكربون التي تعمل كمنظم حرارة طبيعي للكوكب، حيث تتبادل ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة الأخرى بين الوشاح (اللب الأرضي) والغلاف الجوي على مدى ملايين السنين، وكانت قادرة على منع الأرض من اتباع نفس مسار كوكب الزهرة.
المصدر: سبيس تابعوا RT على