إعلان مكتب التحقيقات الاتحادي عن تحقيق مستقل وشيك في مقتل الصحافية الفلسطينية الأميركية شيرين أبو عاقلة ليس، كما قال أحد الصحافيين الإسرائيليين، «لحظة مفصلية» في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن العوامل التي أدت إلى هذا القرار والتوترات الناجمة عنه تلقي الضوء على التغييرات الجارية في مواقف الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وسلوكياتها، ودعونا نتذكر أنه بعد مقتل أبو عاقلة مباشرة، تحركت آلة الدعاية الإسرائيلية بكامل طاقتها وبمزيجها المميز من الإنكار والكذب والتعتيم، في سبيل شراء الوقت، حتى تلاشت القضية من العناوين الرئيسة. وتدرجت التصريحات من «لا نعتقد أننا قتلناها» إلى «الإرهابيون الفلسطينيون، الذين أطلقوا النار بشكل عشوائي، هم على الأرجح الذين أصابوها»، ثم ظهرت تصريحات مثل «ردت قواتنا على النيران بأكبر قدر ممكن من الدقة والحذر والمسؤولية. للأسف... قُتلت في تبادل إطلاق النار» و«كانوا مسلحين بالكاميرات»، ثم صرح الإسرائيليون بالقول «بعدم التعاون معنا... ربما يتستر الفلسطينيون على الحقيقة». اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/5401وربما كان الممكن، في الماضي، أن تنجح مثل هذه الحملة، لكن هذه المرة مختلفة، فقد كانت شيرين أبو عاقلة صحافية مرموقة ومواطنة أميركية، كما توافر عدد كبير من مقاطع الفيديو لإطلاق النار، وفي تجل للتغييرات المتطورة في الرأي العام الأميركي، طالب بعض أعضاء الكونغرس بإجراء تحقيق مستقل في وفاتها، فأبو عاقلة كانت مواطنة أميركية وعائلتها ضغطت ببراعة على المسؤولين الأميركيين للحصول على الدعم، وقامت المنافذ الإخبارية الأميركية الرئيسة بتحقيقاتها الخاصة، وأجرت مقابلات مع الشهود، وراجعت اللقطات ومسحت المشهد، ووجدت في كل حالة أن مزاعم إسرائيل باطلة. والأهم من هذا أن ربع الأعضاء «الديموقراطيين» في مجلس النواب بعثوا برسالة إلى وزير الخارجية ومدير مكتب التحقيقات الاتحادي يطالبون فيها بإجراء تحقيق مستقل في حادث إطلاق النار، ووقع على طلب مماثل نصف أعضاء مجلس الشيوخ «الديموقراطيين» في رسالة إلى الرئيس جوزيف بايدن. وكان الإسرائيليون يأملون أن يؤدي تحليل الطب الشرعي غير الحاسم للرصاصة التي قتلت أبو عاقلة إلى إغلاق ملف القضية، لكن أربعة من كبار أعضاء مجلس الشيوخ «الديموقراطيين» أدانوا النتائج ووصفوها لوزير الخارجية بأنها غير كافية وتفتقر إلى الشفافية، ولا «تفي بأي حال من الأحوال بأي تعريف معقول لتحقيق مستقل ودقيق وشفاف»، وبعد أربعة أشهر، أعلن مكتب التحقيقات الاتحادي إجراء تحقيقه، ووصف أحد أعضاء مجلس الشيوخ الاستجابة بأنها «خطوة متأخرة لكنها ضرورية ومهمة في السعي لتحقيق العدالة والمساءلة».
مشاركة :