سيحتاج مستثمرو الشركات الذين كانوا متفائلين لفترة طويلة بشأن الصين إلى أن يتصالحوا مع احتمال مفاده أنهم قد لا يكون لهم أي تعرض لاقتصاد الصين عندما يبدأ النمو بالانتعاش. بدلا من ذلك، من الممكن أن يتقبل المستثمرون التكاليف الهالكة، وأن يخفضوا قيمة استثماراتهم، ويظل بوسعهم أن يحتفظوا ببعض التعرض للصين. في جوهر الأمر، قد يعني هذا الاعتراف بأن الاستثمارات السابقة لا يمكن استردادها وفي الوقت ذاته تأجيل أي استثمارات جديدة. في سياق محفظة الأسهم، قد يسفر نهج التكاليف الهالكة عن خسائر مسجلة محسوبة بالقيمة السوقية، وهذا يترك للمستثمرين خيار الاحتفاظ بمراكزهم في حال حدوث انتعاش في السوق. على نحو مماثل، قد تلجأ شركة تمتلك مصنعا في الصين إلى خفض قيمة أصوله. لكن بدلا من إغلاقه وشطبه بالكامل، يمكنها إدارته على أنه مؤسسة مستمرة دون توسيع الناتج أو إبرام التزامات رأسمالية جديدة، وبالتالي الاحتفاظ بموطئ قدم في الصين عندما يتعافى الاقتصاد أخيرا. يتمثل خيار آخر في مضاعفة الجهود في الاتجاه ذاته. فبوسع المستثمرين أن يحافظوا على تعرضهم الحالي للصين، على أن يغتنموا أيضا فرصة التقييمات المنخفضة وضعـف السوق لتوسيع بصمتهم الصينية. لكن حتى في هذا السيناريو، من الحكمة أن يعيد المستثمرون العالميون معايرة استراتيجياتهم الاستثمارية بإضافة شريك محلي لتقليل مخاطر نزع الملكية. مع ذلك، قد تجبر الشركات التي تقرر البقاء وزيادة وجودها في الصين على العمل كمؤسسة تجارية معزولة ماليا. من المرجح أن يؤدي هذا إلى تعقيد التقارير المالية وزيادة أعبائها التنظيمية، خاصة في مواجهة تصاعد سياسات الحماية التجارية والتفتت الإقليمي. لكن في النهاية، يجب أن يكون المستثمرون الملتزمون بالاستثمار في الصين مبدعين في كيفية إدارتهم أعمالهم في الصين ــ ومع الصين. وسيكون لزاما عليهم إعادة تقييم هياكل الحوكمة والرقابة على مجالس إدارات الكيانات المحلية الجديدة التي قد تتداول فقط في أسواق الأسهم الصينية. يتعين عليهم أيضا أن يعتمدوا على مقاييس غير تقليدية، خاصة أن المقاييس التقليدية مثل الإحصائيات الكلية، ومضاعفات السعر/الربح، ومعدل العائد الداخلي، ونسب شارب، ومقاييس التقلب المشابهة لمؤشر VIX، أقل جدارة بالثقة بمثل هذه البيئة الجيوسياسية والاقتصادية والمالية سريعة التغير والحركة. أيا كان الاختيار الذي يستقرون عليه، يواجه المستثمرون الغربيون في الصين تضاريس اقتصادية مختلفة تماما عن تلك التي عملوا فيها لأكثر من عقد من الزمن. يعكس هذا التحول تطورات سياسية محلية، مثل قبضة شي الحديدية على السلطة. لكنه يشهد أيضا على نظام جيوسياسي جديد، حيث تتنافس الصين والولايات المتحدة في التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري. في عالم تنحسر عنه العولمة بسرعة، يتعين على المستثمرين أن يدرسوا تحركاتهم التالية بعناية. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.
مشاركة :