الجزائر - قضت محكمة جزائرية الخميس بإعدام 49 شخصا لإدانتهم بتهمة إحراق مواطن والتنكيل بجثته في منطقة القبائل في العام 2021، فيما يرى مراقبون أن الأحكام المشددة رسالة قوية لمجموعة ماك الانفصالية ولتثبيت رواية السلطة بشان المؤامرة في ملف الحرائق. وفي المقابل من المتوقع أن الأحكام ستخفّض إلى الحبس مدى الحياة بسبب وقف تنفيذ أحكام الإعدام في البلاد، وفق الوكالة الرسمية. وأوردت وكالة الأنباء الجزائرية أن محكمة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء في الجزائر العاصمة دانت المتّهمين في قضية اغتيال جمال بن اسماعيل الذي كان قد توجّه إلى بلدة الأربعاء نايث إيراثن بولاية تيزي وزو للمشاركة في إخماد حرائق حصدت خلال أسبوع أرواح 90 شخصا على الأقل في آب/أغسطس من العام الماضي. وكانت وسائل إعلام قد أشارت بادئ الأمر إلى صدور 48 حكما بالإعدام، لكن الوكالة الجزائرية أفادت بصدور 49 حكم إعدام في القضية. وذكرت الوكالة أن المحكمة أصدرت أيضا أحكاما "تتراوح ما بين 10 سنوات وسنتين سجنا نافذا في حق 28 متهما، بالإضافة الى غرامات مالية تتراوح ما بين 100 ألف و200 ألف دينار جزائري، فيما قضت ببراءة 17 متهما آخرين". ويلاحَق الضالعون في هذه القضية بتهم عدة، لاسيما جناية ارتكاب "أعمال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية"، و"المشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد" و"التعدي بالعنف على رجال القوة العمومية"، و"نشر خطاب الكراهية" و"التحريض على تحطيم ملك الغير والتجمهر المسلح"، وفق الوكالة. وكانت السلطات الجزائرية وجهت تهما لحركة الماك الانفصالية بالوقوف وراء احداث الحرائق صائفة 2021 وذلك في مواجهة اتهامات بالتقصير قائلة إن شبكة في إشارة الى الماك "مصنفة منظمة إرهابية وذلك باعترافات عناصرها الموقوفين" تقف وراء قتل الشاب جمال بن إسماعيل حرقا. وقالت السلطات الجزائرية حينها أن مجموعة خططت لإثارة الفتنة في منطقة القبائل مستغلة حوادث الغابات لتحريك النعرات العرقية وهي مسألة بالغة الحساسية في الجزائر. وبث التلفزيون الجزائري اعترافات للموقوفين أقروا فيها بانتمائهم لمجموعة 'الماك' الاسم المختصر لـ "الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل" وهي حركة أمازيغية تأسست عام 2001، بينما كانت تتواصل داخل القبائل أعمال الشغب العنيفة لأحداث الربيع الأمازيغي. ومثلت الأحكام القضائية الأخيرة ورقة ضغط على فرنسا لتسليم عناصر الحركة في خضم تقارب بين البلدين باعتبار ان الادانة القضائية تخدم مصلحة نظام الرئيس عبدالمجيد تبون في مطالبته بتسليم من يصفهم بالارهابيين. وتقيم حركة الماك في فرنسا ولها نشاطات واسعة من ضمنها تلك التي تعلقت بتأجيج احتجاجات الجزائريين في باريس وعدة مدن فرنسية ضد النظام الجزائري في ذروة حراك 2019. وفي الجزائر يسري قرار وقف تنفيذ أحكام الإعدام منذ العام 1993. وكان جمال بن اسماعيل يبلغ 38 عاماً حين ذهب طوعاً إلى بلدة الأربعاء-نايث-إيراثن في تيزي اوزو بشمال غرب البلاد للمساعدة في إطفاء حرائق غابات أودت خلال اسبوع بـ90 شخصاً على الأقلّ. وعندما علم بأنّ البعض من سكان البلدة اشتبه بضلوعه في إشعال الحرائق كونه غريباً عن المنطقة، سارع إلى تسليم نفسه للشرطة، لكنّ حشداً غفيراً من المواطنين الغاضبين انتزعوه من أيدي قوات الأمن وعذّبوه وأحرقوه حيّاً ومثّلوا بجثّته. وأظهرت مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حشوداً تطوّق سيارة الشرطة التي كان بن إسماعيل داخلها ثم تسحبه وتنهال عليه بالضرب. وبعد تعذيبه أُحرق حيّاً، فيما راح شبّان يلتقطون صور "سيلفي" أمام جثته. وطالبت حينها منظمة العفو الدولية السلطات الجزائرية بأن "تبعث رسالة واضحة بأنها لن تسمح بمثل هذا العنف". كذلك دانت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المشاهد "الصادمة" للواقعة، وشددت على أن بن اسماعيل كان قد توجّه إلى ولاية تيزي وزو للمساعدة في إخماد الحرائق. واعتُبر والده بطلا قوميا بعد دعوته إلى الهدوء والأخوة بين الجزائريين. وعُرضت خلال المحاكمة التي انطلقت الثلاثاء مقاطع فيديو كان المتّهمون نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر تفاصيل الجريمة المروّعة. وأظهرت مقاطع الفيديو هذه كيف تمّ تعذيب جمال بن اسماعيل وإحراقه حيّاً وسلب كلّ متعلّقاته الشخصية، بما في ذلك هاتفه الخلوي.
مشاركة :