أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اليوم (الخميس) اكتشاف مقابر أثرية ومومياوات ذات "ألسنة ذهبية" في جبانة أثرية بمحافظة المنوفية شمال القاهرة. وذكرت الوزارة في بيان على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك" أن "البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار والعاملة بجبانة قويسنا الأثرية بمحافظة المنوفية نجحت خلال موسم الحفائر الحالي في الكشف عن امتداد لجبانة قويسنا يضم مقابر أثرية ترجع لفترات زمنية مختلفة وتحتوي على عدد من المومياوات ذات ألسنة ذهبية". وقال الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار إن "البعثة عثرت أيضا على عدد من الرقائق الذهبية على هيئة ألسنة آدمية في فم بعض المومياوات المكتشفة في حالة سيئة من الحفظ". كما تم العثور على "بعض الدفنات وهي عبارة عن هياكل عظمية ومومياوات تم تجليدها بالذهب على العظم مباشرة تحت اللفائف الكتانية والأصماغ والقار المستخدمة في عملية التحنيط"، وفقا للمسؤول المصري. وشمل الكشف الأثري كذلك "بقايا توابيت خشبية على هيئة آدمية وعدد من المسامير النحاسية المستخدمة في تلك التوابيت". أما عن أجزاء الجبانة المكتشفة، أوضح الدكتور أيمن عشماوي رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار أنها "تتميز بطراز معماري فريد، حيث شيدت من الطوب اللبن وتتكون من بئر للدفن في الجهة الغربية للجبانة وعلى جانبيه غرفتين، بالإضافة إلى القبو الرئيسي الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب وبه ثلاث حجرات للدفن مقبية الأسقف" . وأضاف عشماوي أن "أعمال الحفائر داخل الجبانة كشفت عن أنه تم استخدامها خلال ثلاث فترات زمنية مختلفة، حيث أن اللقى الأثرية التي عثرت بداخلها وعادات الدفن في كل مستوى من مستويات الدفن بها مختلفة عن بعضها البعض بالإضافة إلى اختلاف اتجاهات الدفن وطرق وضع المومياوات الأمر الذي يرجح إعادة استخدام المقبرة بداية من العصر المتأخر والعصر البطلمي ومرحلتين في العصر الروماني". بدوره أشار رئيس الإدارة المركزية للوجه البحري بالمجلس الأعلى للآثار قطب فوزي إلى أن "البعثة نجحت أيضا في الكشف عن عدد من الرقائق الذهبية على هيئة الجعران وزهرة اللوتس، بالإضافة إلى عدد من التمائم الجنائزية والجعارين الحجرية والأواني الفخارية التي استخدمت في عملية التحنيط". وعن العثور على رقائق ذهبية على هيئة ألسنة في فم بعض المومياوات، قال الخبير الأثري الدكتور أحمد عامر المتخصص في علم المصريات إن "المصريين القدماء كانوا يضعون في أفواه الموتى تمائم من رقائق الذهب على شكل ألسنة لكي يتمكنوا من التحدث أمام محكمة الإله أوزير فى الحياة الأخرى". وأضاف عامر، وهو مفتش للآثار بوزارة السياحة والآثار المصرية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "المصريين القدماء كانوا يعتقدون أن الإله أوزير هو سيد العالم السفلى وقاضى الموتى". وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم العثور فيها على مومياوات ذات ألسنة ذهبية، حيث سبق العثور على مثل هذه المومياوات فى معبد تابوزيريس ماجنا بالإسكندرية شمال غرب القاهرة حين تم اكتشاف مقابر منحوتة فى الصخور ترجع للعصور اليونانية والرومانية وبداخلها عدد من المومياوات محفوظة بشكل سيء. وتابع أن "المصريين القدماء قدروا الحياة وآمنوا بفكرة البعث والخلود وقادهم ذلك إلى الاستعداد لموتهم مقدما، حيث اعتقدوا أنه حتى بعد الموت ستستمر الحياة وسيظلون بحاجة إلى أجساد مادية لذلك كان الغرض الرئيسي من التحنيط هو الحفاظ على الجثث أقرب ما يكون إلى حالتها الطبيعية، وهو أمر مهم للحفاظ على الحياة". وأردف أن "الجسد المحنط كان يحتوي في عيون المصريين على روح الشخص (الكا) إذ كانوا يعتقدون أن الروح قد لا تدخل الآخرة إذا هلك الجسد لهذا السبب كان تحضير القبور احتفال مهم في الثقافة المصرية واشتملت عملية التجهيز للحياة الآخرة أيضا تخزين المتعلقات بما في ذلك الأثاث والملابس والطعام والمجوهرات قبل وقت طويل من وفاة الفرد". وعن قيام الفراعنة بتجليد المومياوات بالذهب تحت اللفائف الكتانية، قال عامر إن "القدماء المصريين استخدموا الكتان في تغليف المومياوات لأنهم کانوا يقدسون الكتان ويعتقدون أن أوزير کان ملفوفا به بعد الموت". واستطرد أنه "وبعد تغليف المومياء بلفائف الكتان، يوضع الجثمان في رمال ساخنة لمساعدة مكونات التحنيط على الحفاظ على سلامة الجسم، ونجد أنه تم استخدام الذهب فى منحوتات الفراعنة الجميلة وتم تخصيصه لكبار رجال الدولة". ونوه بأن "الفراعنة لم يعبدوا الذهب ولكن قدسوا اللون الذهبى الذى كان يرمز إلى لون أشعة الشمس وارتبطت صناعة الذهب عند المصريين القدماء بعقيدة الخلود لأن لونه لا يتغير بمرور الزمن لذلك ارتبط الذهب بالطقوس الجنائزية والمعتقدات" لدى الفراعنة. وواصل أن "الذهب فى الحضارة الفرعونية ارتبط بطقوس الموت والحياة ومن هنا تعددت صور الصناعات الذهبية وصنعت أغطية التوابيت العلوية للملوك والنبلاء من الذهب ولم يغفل المصريون القدماء تغطية وجه المتوفى بالأقنعة الجنائزية من الذهب". وتعد جبانة قويسنا من أهم المواقع الأثرية في الدلتا وتضم دفنات لعصور متعددة، وترجع القيمة التاريخية والأثرية للجبانة إلى تنوع طرق وأساليب الدفن بها ووجود جبانة نادرة لدفن الطيور المقدسة وعدد من الوحدات المعمارية.
مشاركة :