حملة انتخابية باهتة في تونس غابت عنها الصور واللافتات تونس - انطلقت الحملة الانتخابية في تونس في الداخل في ظل أجواء باهتة لا توحي بأن البلاد مقبلة على استحقاق تشريعي مهم، يشكل المحطة قبل الأخيرة من المرحلة الانتقالية، التي رسم معالمها الرئيس قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو 2021. وتستمر الحملة الانتخابية ثلاثة أسابيع قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع يوم السابع عشر من ديسمبر. وسيتنافس 1052 مرشحا في 151 دائرة انتخابية بالداخل، موزعة على 24 ولاية، وثلاثة مرشحين فقط في الخارج، فيما بقيت سبع دوائر بالخارج دون مرشحين. وغابت اللافتات والشعارات وصور المرشحين التي كانت تغزو في ما مضى واجهات المباني والشوارع عن هذه الحملة، فيما لا يبدي الشارع التونسي أي اهتمام أو حماسة بمعرفة المرشحين، الذين في معظمهم مستقلون، في ظل مقاطعة جل الأحزاب السياسية للاستحقاق، رفضا لإجراءات الرئيس سعيّد. ويرى مراقبون أن العديد من المرشحين ليسوا مدركين هم أنفسهم لأهمية الحملة الانتخابية، ويراهن بعضهم على عامل الحظ، فيما هناك من لا يملك القدرة على تغطية نفقات الحملة، ويعول على دعم عائلته وأهالي الدائرة التي ينتمي إليها. واقتصر مرشحون في اليوم الأول من الحملة على نشر مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تتضمن التعريف بهم وبمحتوى برامجهم الانتخابية. ويشكل ضعف الترشحات في العديد من الدوائر عاملا رئيسيا في غياب الحماسة والمنافسة، حيث إن هناك دوائر تقدم فيها مرشح وحيد، ووفق القانون الانتخابي الجديد الذي أقر في سبتمبر الماضي، فإن هؤلاء فائزون آليا في الاستحقاق، وبالتالي ليسوا مجبرين على القيام بأي دعاية انتخابية. وقال الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري الجمعة إن على المرشحين للانتخابات الإعلان قبل ثمان وأربعين ساعة عن نشاطاتهم المزمع تنظيمها خلال حملتهم الانتخابية، حتى يتسنى لأعوان هيئة الانتخابات مراقبتها. وأوضح التليلي، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية، في اليوم الأول لانطلاق الحملة الانتخابية، أن أعوان المراقبة بالهيئة يقومون بمراقبة الخطاب الانتخابي، إضافة إلى المصاريف المتعلقة بأنشطة المرشح خلال الحملة. ويبلغ عدد الأعوان المكلفين بمراقبة الحملة الانتخابية 1100 عون، وذلك بمعدل 7 أعوان عن كل دائرة انتخابية. وحذر المنصري من أن عدم إعلام هيئة الانتخابات بنشاط يقوم به مرشح خلال الحملة الانتخابية، يعد مخالفة انتخابية، وبإمكان الهيئة الاستعانة بالضابطة العدلية لإبطال هذا النشاط مع تسجيل مخالفة انتخابية. ويرى نشطاء سياسيون أن الثغرات الكثيرة التي تضمنها القانون الانتخابي، سواء في علاقة بالاقتراع على الأفراد أو في علاقة بفرضه مسألة التزكيات، كلها عوامل ساهمت في ضعف الترشحات، وانعكس ذلك على الحملة الانتخابية. ومن المرجح أن يكون البرلمان القادم في تونس برلمانا ذكوريا حسب قائمة الترشحات، حيث لا تتجاوز نسبة ترشح النساء 12 في المئة، وسبب ذلك يرده النشطاء إلى القانون الانتخابي الجديد. ويؤشر غياب اهتمام الشارع التونسي بالحملة الانتخابية على عزوف منتظر عن المشاركة في الاستحقاق التشريعي، ويقول البعض إن ذلك ناجم عن حالة الإحباط الشعبي وعدم الثقة في أن مثل هذه الاستحقاقات الانتخابية من الممكن أن تغير الوضع المتردي في البلاد، فضلا عن كون البرلمان المقبل مجردا من أي صلاحيات رقابية على السلطة التنفيذية، وبالتالي هناك شعور عام لدى الكثيرين بأنه لا فائدة ترجى من الذهاب إلى صناديق الاقتراع. وضاعف ارتفاع كلفة المعيشة والزيادات المتواترة للأسعار وندرة المواد الاستهلاكية الأساسية في الأسواق من حالة السخط والاستياء في صفوف التونسيين. وقال الباحث السياسي والمتخصص في علم الاجتماع المنذر بالضيافي “الناس منصرفون إلى تأمين حياتهم اليومية. والغالبية منشغلة بالجلد المدور حتى على حساب شؤونهم الخاصة، فما بالك بانتخابات لا يثقون في مدى قدرتها على تغيير أوضاعهم”. وتابع بالضيافي “هناك قطيعة بين الناخبين والطبقة السياسية سواء في السلطة أو المعارضة، والسبب هو إفراغ العمل السياسي منذ العام 2011 من جوهره، وهو إصلاح أوضاع الناس وتحسين ظروف العيش”. الثغرات الكثيرة التي تضمنها القانون الانتخابي كلها عوامل ساهمت في ضعف الترشحات وانعكس ذلك على الحملة الانتخابية وكانت الحملة الانتخابية في الخارج بدأت الأربعاء، وسط غياب كلي للمرشحين في 7 دوائر انتخابية من أصل 10. وأشار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في وقت سابق إلى أن القانون يفرض إجراء حملة انتخابية في الدوائر الثلاث بالخارج، وهي فرنسا 2 وفرنسا 3 ودائرة إيطاليا، حتى وإن وجد بها مرشح وحيد. وأعلن اثنا عشر حزبا مقاطعة الانتخابات التشريعية، وهي حركة النهضة الإسلامية (53 نائبا بالبرلمان المحلول) وقلب تونس (28 نائبا)، وائتلاف الكرامة (18 نائبا)، وحراك تونس الإرادة، والأمل، والجمهوري، والعمال، والقطب، والتيار الديمقراطي (22 نائبا)، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والدستوري الحر (16 نائبا)، وآفاق تونس (نائبان). وفي المقابل، يشارك في الاستحقاق إلى جانب المستقلين، المنخرطون في مبادرة “لينتصر الشعب” (يضم شخصيات وحزب التيار الشعبي)، وحركة الشعب (قومية)، وحراك 25 يوليو، وحركة تونس إلى الأمام. وتعدّ الانتخابات التشريعية أحد إجراءات الرئيس سعيّد الاستثنائية، وسبقها حلّ البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد للبلاد عبر استفتاء شعبي أُجري في الخامس والعشرين من يوليو الماضي. ولم يبق سوى مجلس الأقاليم الذي أقره سعيّد في الدستور، ولم يصدر حتى الآن أي قانون توضيحي في شأنه.
مشاركة :