بقلم: علي المطوع عن قوس واحدة ما زال الغرب يرمي الشعوب العربية بسهام مسعورة ومتسارعة من التهم والافتراءات، من خلال المطالبات المستديمة والمستمرة بإقرار بعض التصرفات التي تمجها الفطرة الإنسانية السوية في المجتمعات المنفتحة، فضلا عن المجتمعات العربية والإسلامية التي كانت وما زالت وستظل تبغض وتستنكر مثل هذه المطالبات، شيء من ذلك يحدث بالتزامن مع منافسات كأس العالم التي تدور منافساتها في قطر. لم تكن تلك الدعوات المنسقة والمتسقة مع الغرب ومصالحه بالمفاجئة أو المستغربة، فالغرب يكيل بمكاييل المصلحة المادية الضيقة والتي تتغير بتغير الزمان والمكان وإنسانهما، وهذا يجعل من تلك الهجمات سلسلة مستمرة من التدخلات التي تطال المجتمعات العربية قبل حكوماتها، وستبقى منهجا أصيلا في الغرب عند تعاطيهم مع العرب شؤونا وشجونا. المطالبات الغربية الأخيرة لقطر وغيرها تأتي في سياق يخالف الفطرة الإنسانية السوية، هذه المطالبات تقولب في قوالب عدلية تتمظهر بمظاهر المساواة المغلوطة، مفادها الإصرار على دمج هولاء (المخالفين) مع المجتمعات، واعتبارهم نوعا أصيلا له كامل الحق في الحضور والظهور والتعبير والمشاركة! مؤسف جدا هذا الانحدار الذي وصله الغرب في هذا السياق الأخلاقي تحديدا، والذي يعد مقدمة لصور من الهلاك جرت على أقوام كانوا يقرون مثل هذه التصرفات، ولعل آثار مدينة بومبي في إيطاليا ما زالت حاضرة في الوجدان الإنساني النظيف والنزيه. هذه الهجمات تعود الغرب شنها على العرب بمناسبة ودون مناسبة، وحاليا يمارسها على قطر كونها هذه الأيام في الصورة أكثر من غيرها، كدولة فازت قبل أكثر من عشر سنوات بأسبقية هذا التنظيم على مستوى محيطها القريب والأقرب، الغريب أن تلك التهم والمفاهيم لم تكن في البداية حاضرة بهذه الكثافة عندما أوكلت لقطر مهمة التنظيم، وهو ما جعل البعض يتفاجأ بحجم هذه الهجمات وكثافتها وسرعتها وتسارعها، وهنا يحضر السؤال المهم: ماذا بعد هذه المطالبات الغريبة وما عسى العالم الغربي أن يحاول فرضه على مجتمعاتنا وحكوماتنا في المستقبل المنظور؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، نذكر ونتذكر الموقف الأصيل لبلادنا عندما رفضت وفي الأمم المتحدة، مشروع قرار حول المثلية الجنسية، كون هذا القرار يخالف عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا العربية والإسلامية والتاريخية. هذا الموقف هو نقطة تلاق وإجماع بين الحكومات الإسلامية وشعوبها وليس فيه ذرة شك. من هنا، كانت ردة الفعل القطرية التي تعد امتدادا للمواقف الثابتة والراسخة للدول العربية والإسلامية التي لا يستطيع أحد تجاوزها ومخالفتها. أما الإجابة عن السؤال، فهي معروفة ولا تحتاج إلى سابق حكمة أو رأي حكيم، لنقول إن الغرب يمارس أدوارا تسلطية على الآخرين، هذه الأدوار هي امتداد لمفاهيمه الاستعمارية القديمة والتي ما تزال حاضرة في مخيال الرجل الأبيض عندما يبدأ التفكير في مصالحه وحقوقه وتطلعاته. من هنا، يجب على العرب أن يكونوا يدا واحدة تجاه هذا السلوك العدواني والمسلك التنمري، الذي يخفي وراءه كثيرا من الأطماع والضغائن، فموقف قطر هو صورة مصغرة من المواقف العربية مجتمعة والمجمعة، على رفض هذه الدعوات الغربية الغريبة رفضا قاطعا وصريحا. أخيرا؛ قطر تستضيف البطولة العالمية المهمة، والأهم من ذلك أن نستفيد جميعا من الدرس، ونعيد كعرب توحيد صفوفنا وضبط علاقاتنا مع الغرب وفق المنافع المشتركة، التي تضمن سيرورة تلك المصالح وديمومتها، بما يسهم في رخاء شعوبنا واستقرارها بعيدا عن الغرب وتدخلاته المستفزة في شؤوننا وشجوننا، فنحن شعوب لها حضارتها العريقة وتاريخها الأعرق وقيمها الإسلامية النزيهة والإنسانية النبيلة. نقلا عن: صحيفة مكة. الوسوم علي المطوع قطر
مشاركة :