(هُـوكايدو) جزيرة نائية تقع شمال اليابان كان يَـمُــرّ بها أحد القطارات، ولكن لأنها أصبحت شِـبْـه خالية من السكان الذين هاجروا عنها، قَــرّرت الحكومة (إيقاف رحلات ذلك القطار، وإغلاق محطته لعدة سنوات، ولكنها هذه الأيام عَــدَلَـت عن ذاك القرار، وأعادت فتح المحطة؛ وتحريك القطار؛ لأن طالبة أو (مواطنة) واحدة فقط في المرحلة الثانوية تحتاجه للوصول لمدرستها؛ بل ورُتِّـبَـت الرَّحَـلات لتلائم موعد ذهاب الطالبة وعودتها! هذه الحكاية ليست من نَـســج الخيال بل حملها خبر بَـثّـتـه العديد من وكالات الأنباء العالمية، وشخصياً أراها ممارسة طبيعية، فـ (اليابان) بعد سقوطها أو سحقها في الحرب العالمية الثانية؛ حيث دمَّرَتِ الحَـربُ 40 % من البِنية التحتية، وكثيراً من المصانِع والمنشآت الحيوية؛ إلا أنَّ اليابانيِّين اتَّبعوا سياسةً ذكية جدًّا، فبَعدَ أن أُخْـضِعوا للهيمنة العسكرية الأمريكيَّة، قَرَّروا تحويل الهزيمة العسكرية إلى نصْر اقتصادي! وكان طريقهم للوصول إليه الاستثمار في الإنسان الياباني؛ بتطبيق تجربة تعليمية ناجحة أبهرت العالم، بل وتفوقت على الدول العملاقة في مجالات العلم والصناعة والتنمية البشرية، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي سارعت فيما بعد إلى نقل تلك التجربة، حيث كلفت (مكتب البحوث التربوية) بإعداد دراسة مستفيضة عنها، طُـبعت في كتاب من (176 صفحة) عُـمّـم على المدارس الأمريكية! وهنا لن نتوقع تحريك (بَـاص مَـدرسي) من أجل (مُـواطن واحِـد)، ولن نطالب باستنساخ التجربة اليابانية في (تَـعْـلِـيـمِـنا) فلكل بلد ومجتمع خصوصيته، وظروفه وإمكاناته؛ ولكن قراءة ودراسة تَجارِب الدول المتقدمة مهمَّة جدًّا؛ لتكون البداية من حيث انتهى الآخرون لنحاول ملاحقتهم؛ فلعلنا نُـفِـيد من تلكم التجربة اليابانية الرائعة والمثمرة، ومن بعدها (الماليزية) في بَـحْـثٍ حقيقي وجاد عن التميز في التربية والتعليم، بَـعِـيْـداً (تبديل الشِّعارات، والتغيير المتكرر لمضمون المناهج وشكل طباعتها)! aaljamili@yahoo.com
مشاركة :