أعلن مسؤولون فلسطينيون في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية اليوم (السبت) عن انطلاق التحضيرات لاحتفالات أعياد الميلاد المجيدة لهذا العام برسالة عنوانها "روح الميلاد تجمعنا" وسط شكوى من الإجراءات الإسرائيلية بالمدينة. ومن المقرر إضاءة شجرة عيد الميلاد التي نصبت وسط ساحة كنيسة المهد في بيت لحم بارتفاع أكثر من 15 مترا تتضمن عشرات الحبال الضوئية المزينة وأشكال مختلفة من الرسومات يوم السبت المقبل بمشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية ومسؤولين آخرين. وقال حنا حنانيا رئيس بلدية بيت لحم خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر البلدية إيذانا ببدء الفعاليات لهذا العام إن الميلاد هو بداية جديدة تمتليء بالفرح والرجاء والأمل بغد أفضل، مؤكدا أن بيت لحم مهد المسيح والأرض المقدسة أحوج ما تكون إلى السلام قائما على العدل ومحبة البشر والعيش بحرية وكرامة. وأضاف حنانيا أن أعياد الميلاد تمر ومدينة المهد ما زالت "محاصرة بجدار الفصل الذي تقيمه إسرائيل ويبعد 2 كم عن كنيسة المهد، ما يقيد الحرية ويعيق الحركة ويؤثر على جميع مناحي الحياة". وتابع أن الإجراءات الإسرائيلية تجعل الواقع أليما أكثر في بيت لحم، ولكن "رجاءنا حي دوما بنجمة الميلاد ورسالتها المتلألِئة، ويجعلنا ننظر إلى المستقبل بأمل وتفاؤل ولحياة أفضل تضمن لنا العيش بحرية وكرامة واستقلال أسوة بباقي شعوب العالم". ودعا حنانيا شعوب العالم المؤمنة والمحبة للسلام، إلى زيارة بيت لحم والحج إلى الأرض المقدسة، ليتحقق دعم الوجود الفلسطيني على هذه الأرض ويعزز من صمود الشعب الفلسطيني ليستمر كما كان دائما شاهدا على ميلاد السيد المسيح. ومن المتوقع وصول أعداد المشاركين باحتفالية إضاءة شجرة الميلاد إلى عشرات آلاف بينهم الدبلوماسيون والقناصل لدى دولة فلسطين وشخصيات أوروبية ممثلة عن مدن متوأمة معها، بالإضافة إلى فرق فنية من مالطا وجنوب إفريقيا وفرنسا بحسب البلدية. بدوره اعتبر محافظ بيت لحم في السلطة الفلسطينية كامل حميد في كلمة نيابة عن الرئيس محمود عباس خلال المؤتمر أن عيد الميلاد هو "يوم وطني يحتفل به الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنوات". وأضاف حميد أن عيد الميلاد رسالة عالمية تتجدد بأهميتها ودورها التاريخي وتحمل معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الإسرائيلي، داعيا إلى دعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة على حدود عام 1967. وسبق أن زار أكثر من 3.5 مليون سائح الأراضي الفلسطينية في العام 2019، غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاق المدينة على إثر اكتشاف أول الإصابات بفيروس كورونا في مارس 2020، بحسب إحصائيات رسمية. وبحسب تقرير مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة السياحة، بلغت خسائر قطاع السياحة الوافدة إلى الأراضي الفلسطينية خلال العام 2020 نحو 1.021 مليار دولار بعد تراجع إنفاقها بنسبة 68 في المائة بالمقارنة مع العام 2019 بسبب كورونا. وفي السياق قالت وزيرة السياحة والآثار رولا معايعة خلال المؤتمر إن الاحتفال بعيد الميلاد لهذا العام سيكون مختلفا عن العامين الماضيين بسبب مرض كورونا وما صاحبه من توقف السياحة. وذكرت معايعة أن العام الجاري شهد ازديادا ملحوظا في عدد السياح، الذي وصل إلى 600 ألف زائر بعد أزمة كورونا، مشيرة إلى أن التوقعات لشهر ديسمبر المقبل ستصل إلى أكثر من 100 ألف سائح مع نسبة 80% من إشغال الفنادق. ويعمل في بيت لحم 70 فندقا تضم 4700 غرفة فندقية، فيما ينشط ما يزيد عن 33 ألف عامل فلسطيني في مجال السياحة في محافظات الضفة الغربية تتركز النسبة الأكبر منهم في بيت لحم بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية. وعادة ما يصاحب احتفالات عيد الميلاد انتشار لعناصر الأمن الفلسطيني وإغلاق شوارع رئيسية في بيت لحم لتسهيل حركة السياح والحجيج من مختلف الدول وحماية الشخصيات الدينية الحاضرة. وأكد العميد ثابت السعدي مدير عام شرطة بيت لحم خلال المؤتمر جاهزية الشرطة للحفاظ على الأمن والأمان، مشيرا إلى أن نحو 700 ضابط و46 مركبة و17 دراجة ستشارك في تأمين احتفالات الميلاد، إلى جانب عناصر أخرى من مختلف الأجهزة الأمنية. إلى ذلك وصل موكب حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون اليوم إلى بيت لحم قادما من مدينة القدس إيذانا ببدء احتفالات أعياد الميلاد المجيدة وعيد القديسة "كاترينا الرعوية" الذي يصادف يوم غد (الأحد). وجرى حفل استقبال رسمي لحارس الأراضي المقدسة على بلاط كنيسة المهد، بمشاركة مسؤولين فلسطينيين وعدد من رجال الدين المسيحيين وعزف الفرق الكشفية، فيما ترأس باتون لاحقا صلاة خاصة في كنيسة "القديسة كاترينا". وقال رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين رمزي خوري للصحفيين إن رسالة الميلاد والشعب الفلسطيني هي "التسلح بالأمل نحو تحقيق الأهداف الوطنية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية". بدوره أكد باتون حارس الأراضي المقدسة للصحفيين لحظة وصوله أن رسالة أعياد الميلاد دائما "رسالة سلام إلى شعوب العالم كافة"، معربا عن أمله بأن يعم السلام والاستقرار في الأراضي الفلسطينية. وتعتبر مدينة بيت لحم وجهة لمسيحيي العالم لأنها تضم كنيسة المهد التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر العام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح. ويعتقد أن كنيسة المهد هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم، كما أن هناك سردابا آخر قريب يعتقد أن القديس جيروم الذي كلفه البابا داماسوس أسقف روما العام 383 م بترجمة الانجيل من الآرامية والعبرية إلى اللاتينية، قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس. ووفقا لاتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل العام 1993 تم نقل السلطات المدنية والأمنية في المدينة إلى يد السلطة الفلسطينية العام 1995.
مشاركة :