لا أحد يعلم من كانت، غير أنها كانت مختلفة؛ فتاة مراهقة منذ أكثر من 50.000 عام متميزة بشكل غريب، بدت وكأنها سلف هجين للبشر الحديثين لم يسبق للعلماء أن رأوا مثلها من قبل. الآن فقط، كشف الباحثون عن دليل على أنها لم تكن الوحيدة. ففي دراسة جديدة لتحليل الفوضى المعقدة للبشر ما قبل التاريخ، استخدم العلماء الذكاء الصناعي (AI) لتحديد نوع غير معروف من الجنس البشري الذي عثر عليه الإنسان الحديث بأفريقيا يعود لآلاف السنين. وتُفسِّر عالمة الأحياء التطورية غوام بيرترانبيتيت من جامعة بومبيو فابرا بإسبانيا «ظهرت ما تُدعَى (خارج أفريقيا) منذ حوالى 80.000 عام، عندما تخلى جزء من السكان مُؤلَّفين بالأصل من البشر الحديثين، عن القارة الأفريقية وهاجروا الى قارات أخرى، ما أدى لظهور السكان الحاليين»، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن بحث نشرته مجلة Nature Communications. ومثلما صاغ البشر المعاصرون هذا المسار الى أرض أوراسيا، فقد صاغوا أشياء أخرى أيضًا، مثل التكاثر مع أنواع أخرى غابرة ومنقرضة من أشباه الإنسان. وحتى وقت قريب، كان يُعتقَد أن هؤلاء الشركاء الجنسيين العرضيين يشملون إنسان نياندرتال ودينيسوفان، وبقي الأخير غير معروف حتى عام 2010. لكن الآن، تم عزل إنسان ثالث قديم من الحمض النووي الأوراسي، بفضل خوارزميات التعليم العميق التي تنتقل عبر تراكيب معقدة من الشيفرات الوراثية البشرية القديمة والحديثة. فباستخدام التقنية الإحصائية التي تُدعَى استنتاجات النظرية الافتراضية (Bayesian inference)، وجد الباحثون دليلًا على ما سمّوه «الانحراف الثالث». «شبح» السكان القديمين الذين تهاجنوا مع الإنسان الحديث خلال الهجرة الجماعية من أفريقيا. وكتب الباحثون في مقالتهم «هؤلاء السكان إما مرتبطون بنسل نياندرتال دينيسوفا أو ابتعدوا مبكرًا عن نسب دينسوفا»؛ وهذا يعني أنه من المحتمل أن يكون هذا الإنسان الثالث في تاريخ الجنس البشري هو خليط من النياندرتال ودينيسوفا. والمغزى من وجهة نظر التعليم العميق، أن هذا إثبات افتراضي لصنف الفتاة المراهقة «الهجينة المتحجرة» التي حُدِّدَت العام الماضي؛ وعلى الرغم من ذلك، فهذه الأيام الأولى، ومشاريع الأبحاث نفسها ليست مترابطة بشكل مباشر. وفي هذا الاطار، يقول أحد أعضاء الفريق الأخصائي بعلم الوراثة مايوك موندال من جامعة تارتو بإستونيا «تتفق نظريتنا مع العينة الهجينة المُكتشفَة في دينسوفا، وعلى الرغم من ذلك حتى الآن لا يمكن استبعاد احتمالات أخرى». مع ذلك، الاكتشافات في هذا المجال من العلوم تأتي كثيفة وسريعة. جدير بالذكر، تعرّف فريق آخر من الباحثين العام الماضي على دليل أطلقوا عليه اسم «حدث تزاوج ثالث مؤكد» إلى جانب دينيسوفان ونياندرتال، وتابعوا التسلسل الزمني حول كيفية تقاطع وتكاثر هذه الأنواع المنقرضة بتفاصيل أكثر وضوحًا عن كل ما سبق. يعد تطبيق هذا النوع من تحليل الذكاء الصناعي تقنية جديدة في مجال السلف البشري، والأدلّة الأحفوريّة المجهولة التي نتعامل معها ضئيلة جدًّا. ولكن تبعًا للبحث، ما وجده الفريق لا يُفسِّر عملية انجبال داخلي طويلة فقط؛ ولكن يُعطي معلومات حول من نحن اليوم.
مشاركة :