لم تكن الصورة التي رفعتها جماهير الأرجنتين أمام المكسيك لمارادونا، وهو يمنح «لمسة توهج» ونور لميسي، على غرار اللوحات التراثية، مجرد صور تلخص رؤية «الأمة الأرجنتينية» لـ«الفتى الذهبي». وتحول ميسي إلى «ملهم» الشعب الأرجنتيني في «مونديال 2022»، ما رفع سقف الطموحات، بعد الأداء المتميز الذي قدمه أمام المكسيك، وقاد فريقه إلى الفوز في مباراة صعبة، وأمام منافس قوي، وبالتالي إحياء الآمال في التأهل إلى دور الـ16، وهو ما احتفلت به الصحف العالمية. المفارقة أن ما حققه ميسي من توهج وسطوع، تزامن مع أرقام حققها أسطورة الكرة العالمية والأرجنتينية الراحل دييجو مارادونا، وهو سر الإلهام الذي خيم على عشاق «التانجو» تجاه «البرغوث». مواجهة المكسيك حملت رقم 21 لميسي في «المونديال» الذي حطم فيه أرقاماً قياسية وتاريخية بعضها غير مسبوق، بعيداً عن الأداء داخل الملعب، حيث استطاع أن يعادل رقم مارادونا بخوض 21 مباراة في النهائيات، وفي الوقت نفسه، عادل رقم مارادونا في الأهداف بهدفه الافتتاحي من قذيفة في شباك المكسيك، ليصل إلى 8 أهداف في كأس العالم. وإذا كان ميسي سجل رقماً قياسياً جديداً، بعدما أصبح أصغر لاعب يسجل ويصنع في مباراة واحدة بـ«المونديال» في «نسخة 2006»، وهو بعمر 18 عاماً و357 يوماً، فإنه خلال لقاء المكسيك أصبح أكبر لاعب في تاريخ البطولة يسجل ويصنع في مباراة بكأس العالم، وهو بعمر 35 عاماً و155 يوماً منذ «نسخة 1966»، كما أصبح أول لاعب في التاريخ يصنع أهدافاً في كأس العالم خلال «5 نسخ» متتالية، وهو رقم غير مسبوق، حيث صنع ميسي 6 أهداف خلالها، ما يعني مشاركته بـ14 هدفاً في البطولة «8 أهداف تسجيلاً و6 أهداف صناعة»، بينما في مسيرته بالكامل في الأندية والمنتخبات صنع 286 هدفاً، منها 51 هدفاً لمنتخب الأرجنتين، وسجل 702 هدف في كل محطاته. وخلال عام 2022 مع باريس سان جيرمان ومنتخب الأرجنتين لعب «الساحر» 24 مباراة، سجل خلالها 19 هدفاً وصنع 15 هدفاً ليكون أكثر لاعب صناعة وتسجيلاً هذا العام، كل تلك الأرقام تجعل ميسي «ملك الصناعة» وزائر الشباك. وخلال مباراتين في «المونديال» الحالي أمام السعودية والمكسيك، سدد ميسي 7 مرات، منها 5 مرات على المرمى، وسجل هدفين وصنع هدف، ومرر الكرة 92 تمريرة، منها 3 تمريرات مفتاحية، وقام بـ16 مراوغة، ليكون ثاني أكثر لاعب بالبطولة، بعد أنخيل دي ماريا «18 مراوغة». رصدت صحيفة «التليجراف» هذا التوهج الاستثنائي لميسي أمام المكسيك، والذي تزامن مع معادلة كل أرقام دييجو مارادونا في بطولة يصفها الكثير بأنها ستكون الأخيرة لميسي الذي ربما لن يتمكن من اللحاق بـ«مونديال 2026»، حيث يكون عمره أكثر من 39 عاماً، ويتوقع له الاعتزال خلال عامين من الآن. وبعدما عادل كل أرقام مارادونا مع «التانجو» باستثناء الفوز بلقب كأس العالم، ترى التليجراف أن ميسي أصبح جاهزاً لارتداء تاج مارادونا هذا الموسم، من واقع إصرار الجماهير الأرجنتينية على أن تجمع بينه وبين صورة دييجو. وقالت التليجراف: «اللحظة التي أثبت فيها ميسي أن قميص الأرجنتين يعني له الكثير، فليس هناك وقت أفضل من هذه البطولة، ليظهر ميسي استعداده لارتداء التاج». وعند انطلاق المباراة بين الأرجنتين والمكسيك، كان هناك ما لا يقل عن 10 بوسترات ضخمة في الملعب ترتفع تكريماً لمارادونا الذي توفي قبل عامين ويوم واحد، وأجرت التليجراف لقاءً مع بعض المشجعين الذين قالوا «نحن هنا لتكريم مارادونا، لأننا نشعر بوجوده، ونأمل أن يشعر به ميسي أيضاً لأننا بحاجة لهما». وهو ما حدث بعد الدقيقة 64، عندما أطلق قذيفة من خارج المنطقة سكنت الشباك، ليحقق من خلالها رقماً قياسياً جديداً سجله «البرغوث» باسمه، بعدما رفع رصيده من الأهداف خارج المنطقة إلى 4 أهداف في كأس العالم، خلال «5 نسخ» ليكون أكثر اللاعبين في العالم الذين يحققون ذلك الرقم، متفوقاً على دييجو فورلان وديفيد فيا، ولكل منهما 3 أهداف فقط من خارج المنطقة في «المونديال»، التمريرة تلقاها ميسي من أنخيل دي ماريا قبل التسديد، ليسجل هدفاً يحمل رقم 93 للأرجنتين خلال 168 مباراة في كل البطولات. من جانب آخر تعاطت وسائل الإعلام العالمية مع توهج ميسي باحتفال كبير، حيث عنونت صحيفة ذا صن «لحظة سحر ميسي تبقي آمال الأرجنتين على قيد الحياة»، وقالت الميرور «بطولة ليو ميسي تنقذ الأرجنتين»، بينما وصفته الماركا بأنه «الرجل الساحر»، وقالت إن ميسي ظهر مرتدياً ثوب مارادونا في «لحظة ملحمية».
مشاركة :