هل من مصلحة العرب الالتحاق بالمحور الروسي الصيني الجديد؟

  • 11/28/2022
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

أظهرت‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬حقائق‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬أعمق‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬العالم‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬إنهاء‭ ‬مرحلة‭ ‬القطبية‭ ‬الواحدة‭ ‬والتحول‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬القطبية‭ ‬المتعددة‭:‬ أولا‭: ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬حدا‭ ‬للهيمنة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬والغربية‭ ‬عامة‭ ‬حيث‭ ‬ظهرت‭ ‬روسيا‭ ‬مجددا‭ ‬كدولة‭ ‬عظمى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬وقوة‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تنفرد‭ ‬بقيادة‭ ‬العالم‭ ‬وحدها‭ ‬تقريبا‭ ‬تأمر‭ ‬وتنهي‭ ‬وتحتل‭ ‬الدول‭ ‬متى‭ ‬شاءت‭ ‬وتسقط‭ ‬الأنظمة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعجبها‭ ‬متى‭ ‬أرادت‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حسيب‭ ‬أو‭ ‬رقيب‭ ‬خارج‭ ‬إطار‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وتدميرهما‭.‬ روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬اليوم‭ ‬أثبتت‭ ‬ليس‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬خلال‭ ‬المواجهة‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬2014‭ ‬حتى‭ ‬2022‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬ضمن‭ ‬المواجهة‭ ‬غير‭ ‬المباشرة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬روسيا‭ ‬قوة‭ ‬مؤثرة‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬حيث‭ ‬نجح‭ ‬الرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬المجد‭ ‬الروسي‭ ‬وإعادة‭ ‬بلاده‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬الدولية‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بإصلاح‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬بالعودة‭ ‬القوية‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬خاصة‭ ‬تدخل‭ ‬روسيا‭ ‬وتأثيرها‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تدخلها‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬ما‭ ‬أوحى‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬بأن‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬تريد‭ ‬استعادة‭ ‬مجد‭ ‬اتحاد‭ ‬الجمهوريات‭ ‬الاشتراكية‭ ‬السوفيتية‭ ‬السابق‭ ‬لما‭ ‬قبل‭ ‬عام1991‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬خاطئ‭ ‬لأن‭ ‬روسيا‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬بل‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬بناء‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬الاتحادية‭ ‬تستمد‭ ‬قوتها‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬ومواردها‭ ‬المادية‭ ‬والبشرية‭ ‬وطموحها‭ ‬المشروع‭ ‬بأن‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬العالم‭ ‬والتأثير‭ ‬فيه‭.‬ ثانيا‭: ‬إن‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬كدولة‭ ‬صاعدة‭ ‬قد‭ ‬بنت‭ ‬قوتها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬سنوات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والتخطيط‭ ‬والنضال‭ ‬والتطور‭ ‬العلمي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬والاستفادة‭ ‬الواسعة‭ ‬من‭ ‬مواردها‭ ‬البشرية‭ ‬والتي‭ ‬حولتها‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬اقتصادية‭ ‬جبارة‭ ‬تعد‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بل‭ ‬تعتبر‭ ‬اليوم‭ ‬سوقا‭ ‬للعالم‭ ‬ومخزنا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬الموارد‭ ‬والمنتجات‭ ‬الصناعية‭ ‬والتقنية‭ ‬بالدرجة‭ ‬الأولى،‭ ‬هذا‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬تمتلك‭ ‬قوة‭ ‬عسكرية‭ ‬ضخمة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والقومية‭ ‬ولذلك‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الصين‭ ‬ترضى‭ ‬أو‭ ‬تقبل‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬ذيلا‭ ‬تابعا‭ ‬أو‭ ‬مجرد‭ ‬قوة‭ ‬ثانوية‭ ‬وعليه‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬مكانة‭ ‬ضمن‭ ‬القطبية‭ ‬الجديدة‭ ‬المتعددة‭ ‬وتجد‭ ‬في‭ ‬التوجه‭ ‬الروسي‭ ‬ريادة‭ ‬وشجاعة‭ ‬توافق‭ ‬عليها‭ ‬وتدعمها‭.‬ ثالثا‭: ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أشرنا‭ ‬إليه‭ ‬بشأن‭ ‬القطب‭ ‬الروسي‭ ‬الصيني‭ ‬فإن‭ ‬هنالك‭ ‬قوة‭ ‬وسطية‭ ‬بارزة‭ ‬أصبحت‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬والبرازيل‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬والجزائر‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بما‭ ‬تمتلكه‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬كبيرة‭ ‬تجعلها‭ ‬تطمح‭ ‬بشكل‭ ‬مشروع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مؤثرة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬وهذا‭ ‬أصبح‭ ‬متناميا‭ ‬وبارزا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬غرابة‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تلتحق‭ ‬بالمحور‭ ‬الروسي‭ ‬الصيني‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الهند‭ ‬والبرازيل‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬ثقلا‭ ‬جغرافيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وأمنيا‭ ‬وسياسيا‭ ‬بالتالي‭.‬ رابعا‭: ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬هل‭ ‬توجد‭ ‬مصلحة‭ ‬عربية‭ ‬لتلتحق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أو‭ ‬أغلبها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بهذا‭ ‬المحور‭ ‬الجديد‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية‭ ‬لخلق‭ ‬التوازن‭ ‬المنشود‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثة‭ ‬عقود‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬دولة‭ ‬واحدة‭ ‬وإحكام‭ ‬سلطة‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬المنفردة‭ ‬بالقوة؟‭.‬ حقيقة‭ ‬إن‭ ‬مصلحة‭ ‬العرب‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬إبان‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬الانجرار‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية‭ ‬لأي‭ ‬تحالف‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬دعم‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬القطبية‭ ‬تمنح‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مثلما‭ ‬كان‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬مجالا‭ ‬للمناورة‭ ‬بحيث‭ ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬حمل‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬اتباع‭ ‬بوصلة‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطق‭ ‬فإن‭ ‬السيناريوهات‭ ‬المستقبلية‭ ‬للنظام‭ ‬العالمي‭ ‬يمكن‭ ‬فهمها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التطورات‭ ‬والمتغيرات‭ ‬الجديدة‭ ‬والتي‭ ‬أشرنا‭ ‬إلى‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬الروسي‭ ‬والوضع‭ ‬الصيني‭ ‬المتصاعد‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬سعي‭ ‬معلن‭ ‬وصريح‭ ‬وقوي‭ ‬للتحول‭ ‬نحو‭ ‬التعددية‭ ‬القطبية‭ ‬وهذا‭ ‬معناه‭ ‬الاتجاه‭ ‬سريعا‭ ‬نحو‭ ‬زوال‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الأحادي‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬نتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لانهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬مما‭ ‬مكن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬العالم‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وأمنيا‭ ‬بمفردها‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وتشير‭ ‬أغلب‭ ‬التقارير‭ ‬والدراسات‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬ما‭ ‬سيساعد‭ ‬على‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬القطبية‭ ‬التعددية‭.‬

مشاركة :