الرباط - أقر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي عبدالاله بنكيران بمواجهة حزبه صعوبات بأثر رجعي للهزيمة الانتخابية الأخيرة التي أخرجته من الحكم من الباب الصغير بعد نحو عشرا سنوات في السلطة. وشكلت الهزيمة الانتخابية لإسلاميي المغرب التي وصفتها أوساط سياسية عربية ومحلية بأنها كانت مذلة، سقوطا مدويا لمشروع التمكين للإخوان وامتدت تأثيراته إلى أبعد من هزيمة سياسية محلية إلى سقوط مشروع كامل بعد نكسات متتالية لجماعات الإخوان المسلمين من مصر إلى تونس والسودان وليبيا وانقسامات داخلية داخل حزي العدالة والتنمية التركي الذي يهيمن على الحكم منذ العام 2002. وكان ينظر لحكم الإخوان في المغرب على أنه نموذج لقدرة جماعات الإسلام السياسي على الاستمرار في السلطة بعد البقاء الطويل للحزب التركي الذي يحمل التسمية ذاتها بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان أحد أهم رعاة الاخوان. لكن بنكيران الذي يواجه حزبه هزات داخلية وانقسامات منذ النكسة الانتخابية التي أعادت رسم المشهد السياسي في المغرب بفوز البديل الليبرالي بقيادة عزيز أخنوش، أصرّ في كلمته خلال افتتاح أشغال اجتماع الأمانة العامة للحزب المعروف اختصارا باسم 'البيجيدي' أو 'حزب المصباح' على أن العدالة والتنمية ليس حزبا "هشا". كما أعاد التعريف بالحزب وفق رؤية مثيرة للاستغراب قال فيها إنه ليس حزبا سياسيا "قام من أجل أيديولوجية عادية أو الدفاع عن فئة اجتماعية أو عرقية أو حزب سياسي دخل المعترك من أجل تحقيق مكاسب، بل نحن حزب نبَع من المجتمع، متكونا من شباب كانت أعمارهم تناهز العشرين، انطلق في هذه الدنيا رافعا راية الإسلام ومُدّعيا ابتغاء مرضاة الله ووجه الله والدار الآخرة". وفسرت تصريحات بنكيران على أنها محاولة للإيحاء بأن الحزب أقرب من غيره في طروحاته للشعب حينما ذكر أنه نبع من المجتمع، بينما يتناقض ذلك في فشله سياسيا حين كان في الحكم وإخفاقه بعد سقوطه الانتخابي في العودة للمشهد أو حشد الجماهير ضد سياسات عزيز أخنوش في ما يخص شواغل اجتماعية واقتصادية. وأثنى الأمين العام لـ'البيجيدي' على ما اعتبرها انجازات لحزبه وارتقاء في أرفع المناصب قائلا إنه (الحزب) "كان له مسار واستطاع أن يحقق إنجازات ويقوم بدور أساسي في بلده وأمته إلى حد الآن واعتلى أرفع المناصب الممكنة دستوريا في الوطن لمرتين"، معتبرا أن "كل هذا يدل على أنه لسنا حزبا هشّا لهذه الدرجة، لكن لا شك أنه دخلنا ما قد دخل البشر على امتداد التاريخ، كل إنسان ادّعى شيئا إلا وابتُلي ومُحِّص". وأشار في سياق حديثه عن الصعوبات التي يواجه العدالة والتنمية إلى أن "السؤال الملح المطروح علينا هل سننتصر؟"، مضيفا أن هذا الأمر "بيد الله، لكن هل سنصمد في مواقعنا والقيام بواجبنا نحو أمتنا؟ إنه أولا وقبل كل شيء هو أن نستقيم نحن". وصارح أعضاء حزبه أيضا بأنه يشعر في بعض الأحيان بأن "الدوافع إلى الاستمرار والصمود تضعف وتقِل وتحدثنا أنفسنا أن نتخلّى"، مضيفا "أمر الاستمرار في المهام والمسؤوليات التي شاءت أقدار الله أن نتحملها كان دوما يؤرقني، لاسيما بعد حضور مؤتمرات هيئات أخرى وسماعهم يتحدثون عنا". زعيم 'البجيدي' الذي أثار الجدل في أكثر من مناسبة ويتهمه خصومه من أبناء حزبه بتعميق الانقسامات، تساءل أيضا "كيف سنتمكن من الصمود والاستمرار خصوصا أننا نعِي يوما بعد يوم أن الأمور أصعب مما كنا نتصور أو نتخيل؟". وقال إن وعيه يزداد يوما بعد يوم بصعوبة المهمة وأن "هناك متدخلين كثرا ويملكون ما لا نملك ولا نطيقه ولولا لطف الله لا أدري ماذا سيكون وضعنا ووضع أمتنا.. ولكن لا فكاك فالنصر من عند الله وأنا أؤمن أن الله ينصر من ينصره". وحرص بنكيران على إظهار أنه ليس من المتشبثين بالمناصب ولا الصراع قائلا "أقول لكم بكل صراحة أنا امرؤ ضعيف ولستُ إنسانا جَلد وكندّابز (أصارع) على المواقع… منين كيكون زحام كنرجع اللّورْ (كل ما يكون هناك زحام أعود للوراء)...". وأسهب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في حديثه عن الاختلاف في الرأي وعن الحرية قائلا "لا أريد منكم أن توافقوني على كل شيء، كما لا زلت مقتنعا أن كل أخ داخل الحزب يجب أن يظل محتفظا بالحرية ديالو"، مضيفا "ليست لدي القناعة على ترويضكم وتطويعكم ولن ننجح إلا إذا كنتم أحرارا وشجعانا"، في إشارة على ما يبدو لخلافات في الرؤية والرأي داخل الحزب تعمقت منذ الهزيمة الانتخابية المدوية، بينما جدد في معرض حديثه التأكيد على صعوبة المهمة في الظرف الحالي، مؤكدا "ليس دوما تكون الأمور سهلة ووردية".
مشاركة :