انتشر عناصر الأمن في مدينتَي بكين وشنغهاي الرئيسيتين في الصين، على ضوء الاحتجاجات الواسعة في مناطق مختلفة من البلاد على التضييق على الحريات، بالإضافة إلى سياسة صفر كوفيد، والإغلاقات العامة الناجمة عنها. وبدأت الاحتجاجات في مناطق مختلفة في الصين، للمطالبة بإنهاء تدابير الإغلاق وبفتح مجالات أوسع للحريات، في موجة تظاهرات واسعة لم تشهد مثلها البلاد، منذ الاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية في العام 1989. وكان حريق نشب الأسبوع الماضي في أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ، ما أثار غضبًا عامًا إذ اعتبر كثيرون أن الإغلاق العام بسبب مكافحة كوفيد-19 أعاق مهمّة فرق الإنقاذ. واتهمت وزارة الخارجية الصينية "قوى ذات دوافع مبيتة" بالربط بين الحريق و"الاستجابة المحلية لكوفيد-19". الكثير من عناصر الشرطة وكانت تظاهرات مقرّرة لكنها لم تخرج. وشوهد في بكين وشنغهاي انتشارًا أمنيًا كثيفًا، مع مئات المركبات وعناصر الشرطة على الطرق. وقال أشخاص شاركوا في الاحتجاجات نهاية الأسبوع الماضي، إنهم تلقوا اتصالات من قوات إنفاذ القانون، تطالب بمعلومات عن تحركاتهم. في شنغهاي، قرب مكان شهد قبل أيام دعوات لاستقالة الرئيس شي جينبينغ، قال موظفون في حانة إنهم تلقوا أمرًا بالإغلاق عند العاشرة مساءً (14,00 بتوقيت غرينتش) من أجل "السيطرة على المرض". وانتشرت مجموعات صغيرة من عناصر الشرطة عند مداخل كلّ محطة مترو. وشاهد صحافيون خلال النهار توقيف أربعة أشخاص، أُفرج عن أحدهم في وقت لاحق، فيما أفاد مراسل عن اصطفاف 12 سيارة للشرطة على امتداد مئة متر في شارع وولوموكي في شنغهاي حيث جرت تظاهرة كبيرة الأحد. وقال رجل ثلاثيني: مع حلول الظلام "إن الجو الليلة متوتر جدًا. هناك الكثير من عناصر الشرطة هنا، وفي أماكن أخرى، خرجت بعض التظاهرات". في هونغ كونغ، التي هزتها احتجاجات مؤيدة للديموقراطية في عام 2019، تجمع العشرات في الجامعة الصينية، تكريماً لضحايا الحريق في أورومتشي. وهتف المتظاهرون "لا تشيحوا بنظركم. لا تنسوا". في هانغتشو الواقعة على بعد 170 كيلومترًا تقريبًا جنوب غرب شنغهاي، كانت هناك إجراءات أمنية مشدّدة، واحتجاجات متفرّقة في وسط المدينة. وقالت إحدى المشاركات، إن عشرة أشخاص اعتُقلوا. لا قيمة لأرواح البشر وتُعقّد هيمنة السلطات الصينية على المعلومات والقيود الصحية الصارمة على السفر داخل البلاد، عملية التحقق من العدد الإجمالي للمتظاهرين خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكن يشكّل هذا الحراك، لجهة انتشاره الجغرافي، أكبر تعبئة منذ التظاهرات، المنادية بالديموقراطية في العام 1989، إذ لطالما احتوت السلطات كلّ معارضة لسياسات الحكومة المركزية. ويثير التحرّك اهتماما في الخارج، فقد أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس جو بايدن "يتابع من كثب" التظاهرات في الصين. وفي واشنطن، قال طالب صيني اسمه تشين (21 عاما) "بذريعة كوفيد، يستخدم (المسؤولون) تدابير الإغلاق الصارمة بشكل مبالغ فيه، للسيطرة على سكان الصين. إنهم لا يعطون أي قيمة للبشر. ولا يزال القادة الصينيون ملتزمين بتطبيق سياسة صفر كوفيد، التي تجبر الحكومات المحلية على فرض إغلاقات عامة مفاجئة، وإصدار أوامر بالحجر الصحي، والحدّ من حرية التنقل، من أجل كبح تفشي كوفيد-19. لكن هناك مؤشرات إلى أن بعض السلطات المحلية تتخذ خطوات لتخفيف بعض القيود، وتهدئة الاضطرابات. في أورومتشي، قال مسؤول، إن المدينة ستمنح دفعة مالية واحدة قدرها 300 يوان (42 دولارًا) لكل شخص "ذي دخل منخفض أو بلا دخل"، وأعلن إعفاءات من دفع الإيجار لمدة خمسة أشهر لبعض الأسر. وأفادت وكالة أنباء الصين الجديدة، أن بكين حظرت "إغلاق البوابات في المجمعات السكنية". وكان هذا التدبير أثار غضبًا شعبيًا، إذ وجد الناس أنفسهم عالقين في منازلهم كلّما تفشّى كوفيد-19 في دائرة صغيرة. وتعهّدت لجنة الصحة الوطنية في بكين، "تسريع عملية تطعيم الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 80 عاما، ومواصلة زيادة معدل تلقيح البالغين ما بين 60 و79 عاما". ولطالما اعتُبرت معدلات التطعيم المنخفضة في الصين، خصوصا في أوساط المسنين، سببا يدفع السلطات لإطالة أمد نهجها القائم على "صفر كوفيد". وأفاد مسؤولون في لجنة الصحة الوطنية في مؤتمر صحافي أن 65,8 في المئة فقط من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 80 عاما تلقوا كامل جرعات اللقاحات.
مشاركة :