منتدى مصر للإعلام يبحث عن حلول لاستقطاب جمهور يتمرد على المحتوى

  • 11/30/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منتدى مصر للإعلام يركز على تباعد المسافات بين الرسالة الإعلامية وما يطلبه الجمهور في عصر التطور التكنولوجي ووسائل الإعلام المتطورة، ما أفقد وسائل الإعلام التقليدية تأثيرها على المتلقين. القاهرة - تركزت مناقشات منتدى مصر للإعلام على مدار يومي الأحد والاثنين حول “الجمهور الجديد”، في محاولة للكشف عن أهم سماته وما يبحث عنه ومنصاته واستخداماته والتقنيات المتصلة بالمحتوى الموجه إليه، ولماذا لا تصل إليه الرسالة الإعلامية. وجاءت وجهات نظر المشاركين مختلفة حول الأسباب والمبررات التي جعلت الخطاب الإعلامي قليل التأثير. واختار المنتدى، لذي شارك فيه نحو 1200 صحافي وإعلامي من مصر ودول عربية وأجنبية، أن يكون عنوان نسخته الجديدة “الجمهور الجديد.. جائحة التغيير”، حيث فتح نقاشات جادة حول علاقة الإعلام بالجمهور في ظل المتغيرات التي طرأت على احتياجات الناس، ومدى تأثير منصات التواصل على الجمهور. وضمت أجندة المنتدى العديد من الموضوعات التي ترتبط جميعها بالعنوان الرئيسي للمنتدى وانقسمت إلى مسارات التكنولوجيا والمحتوى والممارسات المحترفة، ومناقشة كل ما هو جديد في صناعة الإعلام، والقضايا التي شكلتها التحديات الإعلامية خلال السنوات الأخيرة وتحولت إلى ظواهر تستحق الدراسة والحوار. من المستبعد أن يكون هناك تحول حقيقي على الأرض ما لم تكن هناك إرادة سياسية وحكومية لإعادة الاعتبار للإعلام واتفق المشاركون على أن الجمهور أصبح أكثر تمردا على ما تقدمه وسائل الإعلام، المقروءة والمرئية والمسموعة، لأن متطلباته تغيرت ويبحث عن كل جديد على مدار الساعة، في حين تتعامل بعض المنابر بشكل تقليدي ولا تستطيع مجاراة متطلبات جمهورها، وتتصاعد أهمية المنصات عند المتلقي لارتفاع سقف الحرية عليها. ويأمل البعض من المراقبين للمنتدى أن يكون بادرة لرفع سقف الحريات وتغيير السياسة التحريرية لوسائل الإعلام بعيدا عن الاصطفاف خلف الحكومة، لاسيما وأن المسؤولين عن تنظيم المنتدى قريبون من دوائر صنع القرار ورئيسته نهى النحاس مديرة النادي الإعلامي للمعهد الدنماركي من منسقي لجنة الإعلام في منتديات الشباب التابعة لمؤسسة الرئاسة. وقالت نهى النحاس إن الجمهور العربي واع بما يحتاجه من منتج إعلامي، ولم يعد هناك بديل أمام المؤسسات الإعلامية إلا أن تفهم وتدرك طبيعة وأسباب هذا التمرد، حتى تتفاعل بشكل سريع وفعال مع متطلبات جمهورها، لأن ذلك يمثل فرصة كبيرة لتطوير صناعة الإعلام بشكل عام. وكانت هذه العبارات القصيرة كافية لفهم وتشريح أزمة الإعلام المصري والعربي على حد السواء، فهناك تباعد في المسافات والأفكار بين الرسالة وما يطلبه الجمهور من الإعلام، لأن الأخير يقدم خطابا لا يتناسب مع متطلبات العصر أو الفئات المستهدفة، ويُدرك أن ذلك هو المطلوب مع أن احتياجات المتلقي مختلفة، لأنه يبحث عن الجديد. وتحتدّ الأزمة عندما تكون الرسالة الإعلامية غير مهنية ولا تتناسب مع احتياجات الجمهور، والأدهى من ذلك عندما يحدث هذا التباعد بين الطرفين في عصر التطور التكنولوجي ووسائل الإعلام المتطورة، سواء أكانت شبكات اجتماعية أم منصات إلكترونية، وهنا تفقد وسيلة الإعلام التقليدية تأثيرها. واتفق أغلب المشاركين في المنتدى على أن يكون الحدث بداية لفهم الإعلام احتياجات الجمهور، وكي لا يعمل في جزر منعزلة، مؤكدين أن مشاركة المتلقي في تطوير الرسالة الإعلامية أصبحت ضرورية، على أن تكون هذه المشاركة من خلال فهم متطلباته والسماح له بتقييم الأداء والرسالة كمدخل لتحسين المهنية. وتطرقت النقاشات إلى إشكالية مرتبطة بمعاناة عدة مؤسسات من انخفاض مصادر التمويل وارتفاع كلفة تدريب الكوادر، في الوقت الذي تتغير فيه سمات الفئات المستهدفة من الرسالة الإعلامية بشكل أسرع من المتوقع، ما يفرض على كل مؤسسة أن تدرب أفرادها على الإعلام العصري. ولا يزال المحتوى الصحفي المميز يفرض نفسه على الجمهور ولو بإمكانيات بسيطة، أو تم بجودة أقل، والمتلقي يتفاعل مع المحتوى المميز ولو قُدّم إليه بكاميرا هاتف محمول، وبالتالي فإن نقص الإمكانيات المادية ليس أزمة، المهم تطوير الفكرة والمضمون ليكون الجمهور هو الهدف، وليس أطرافا أخرى. ومن بين ما طُرح من مقترحات لمواجهة تمرد الجمهور على الرسالة الإعلامية التقليدية أن يتم دمج الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، بحيث يكون من السهل على الجهة مقدمة المحتوى تطوير أدائها بشكل متسارع، وأن تكون هذه الجهة قادرة على تصنيف الجمهور واحتياجاته لأن تقديم رسالة ومحتوى بعيدين عن توجهات المتلقين أمر خطير. ورأى متخصصون أن إدخال الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام هو السبيل الأمثل لمواكبة الجمهور الذي صار أكثر تحررا نتيجة التطور التكنولوجي الهائل، وإذا لم يكن ممكنا تحقيق ذلك فلا بديل عن مواجهة التحديات المتعلقة بالجمهور وتلبية احتياجاته عبر تحسين المستوى المهني وتقديم الرسالة الإعلامية بقوالب عصرية شيقة. متخصصون يرون أن إدخال الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام هو السبيل الأمثل لمواكبة الجمهور وقال خالد برماوي، خبير الإعلام الرقمي وأحد المشاركين في المنتدى، لـ “العرب” إن “فارق السرعات بين الجمهور والإعلام يرتبط بكون الناس يبحثون عما وراء الخبر، وإذا لم يجد الجمهور هذه الخدمة من وسائل الإعلام التقليدية يذهب إلى منصات التواصل الاجتماعي، وهذه أزمة تواجه الكثير من المنابر، لأنها تعاني من تحديات كبيرة في مسعاها لإقناع الجمهور أو جذبه إليها”. وأضاف أن جائحة كورونا تسببت في زيادة الإقبال الجماهيري على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا تحدٍ آخر أمام الوسائل الإعلامية الأخرى، لافتا إلى أن كسر المنابر الإعلامية للحاجز النفسي مع المتلقي ليس مهمة صعبة أو مستحيلة، فهي تحتاج فقط إلى قدر كاف من المهنية والموضوعية والإبهار وتقديم المحتوى بقوالب تناسب كل الفئات. ورغم أن تحديات مهنة الإعلام، مصريا وعربيا، في تزايد مستمر أكدت نقاشات المنتدى، الذي سوف ينظم سنويا في القاهرة، أن هناك مخاطر كبرى ستظل تهدد هذه الصناعة إذا لم تعمل على تغيير الصورة النمطية للصحافة حتى تستمر، في حين أكد الإعلامي إبراهيم عيسى خلال المنتدى أن الصحافة لن تموت، لكنها تعيش لحظة مهمة وتاريخية على مستوى التحدي المهني. وبالرغم من أن نقاشات المنتدى كانت جادة ومعمّقة وشارك فيها المئات من أبناء المهنة، سواء كانوا من المؤسسات حكومية أو من المؤسسات الخاصة، فإنه من المستبعد أن يُسهم ذلك في تحول حقيقي على الأرض ما لم تكن هناك إرادة سياسية وحكومية لإعادة الاعتبار للإعلام، وكف بعض الجهات عن التدخل في المحتوى وتوجيه الرسالة الإعلامية بشكل يتعارض مع احتياجات الناس. ويبني أصحاب هذا الرأي وجهات نظرهم على عدم تبني أغلب المشاركين في المنتدى قضية الحريات الإعلامية، رغم كونها من الشروط الأساسية لتحقيق صحافة جادة بعيدا عن القيود، لكن حتى وإن صدرت عن المنتدى توصيات بهذا الشأن فمن المتوقع أن تظل حبيسة الأدراج إذا لم تكن هناك رغبة ذاتية من المؤسسات وإرادة سياسية من الحكومة لترميم العلاقة بين الإعلام والجمهور الذي اتفق أغلب المشاركين على أنه صار متمردا على الرسالة، طالما بقيت تقليدية.

مشاركة :