وخلافاً للأجواء الاحتفالية التي شهدتها طهران الجمعة عندما راح الإيرانيون يرقصون حاملين أطفالهم على أكتافهم وهم يلوّحون بالأعلام احتفالاً بفوز منتخبهم على ويلز، فإنّ الصوت الوحيد الذي دوّى في العاصمة ليل الثلاثاء كان وقع الهزيمة أمام الولايات المتّحدة بهدف وحيد. ولمنع أيّ تظاهرات مناهضة للسلطات، انتشرت في طهران أعداد كبيرة من عناصر الشرطة، بعضهم بالزيّ العسكري والبعض الآخر بالزيّ المدني، وتركّز وجود هذه العناصر على التقاطعات المرورية الأساسية والشوارع الرئيسية التي جابتها أيضاً دراجات نارية تابعة لوحدات مكافحة الشغب. وتشهد الجمهورية الإسلامية احتجاجات غير مسبوقة اندلعت في 16 أيلول/سبتمبر حين توفيت الشابة الكردية مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة. والثلاثاء، أعلنت السلطات للمرة الأولى منذ بدء هذه الاحتجاجات مقتل أكثر من 300 شخص خلال هذه الاضطرابات التي تعتبرها الحكومة "أعمال شغب" يحرض عليها الغرب. وفي دار ثقافي في شمال طهران، تجمّعت قرابة عشرين أسرة أمام شاشة تلفزيون كبيرة لمتابعة المباراة. ومع انطلاق النزال راح الأطفال يلوّحون بأعلام بلدهم ويصيحون بأعلى صوتهم "ماذا ستفعل إيران؟ ستمزّق خصمها!"، و"هيا! هيا! إلى الأمام". لكنّ هدف الولايات المتّحدة في الدقيقة 38 أضعف الروح المعنوية لهؤلاء المشجّعين، على الرّغم من أنّ قسماً كبيراً منهم كان لا يزال يتمسّك بالأمل في أن ينقلب الحظ العاثر. وبالنسبة إلى أصغر محمدي، وهو تاجر يبلغ من العمر 50 عاماً وجاء مع ابنه لمتابعة المباراة، فإنّ ما لفت انتباهه هو الروح الرياضية التي سادت أرض الملعب في وقت تعتبر فيه الجمهورية الإسلامية الولايات المتّحدة عدوّها الأول. وأضاف محمّدي "لقد قال كثيرون إنّ هذه المباراة ستلوّثها السياسة، لكنّنا لم نرَ سوى سلوكاً ودّياً بين اللاعبين على أرض الملعب. في كلّ مرة سقط فيها لاعب أرضاً كان الخصم يساعده على النهوض". وتابع "لقد قاتل لاعبونا بكل قوتهم، وبخاصة في الشوط الثاني، وهاجموا مرّات عدّة". وعلى الرّغم من أنّها ليست قمّة كروية، لأنّ أيّاً من المنتخبين ليس مرشّحاً للفوز باللقب، إّلا أنّ المباراة بين إيران والولايات المتحدة تصدّرت عناوين الصحف بسبب دلالاتها الرمزية والسياسية، لا سيّما وانّ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين مقطوعة منذ أكثر من 40 عاماً. وبالنسبة إلى أمير مراديان، وهو طوبوغرافي يبلغ من العمر 45 عاماً، فإنّ "السياسيين يستخدمون أحياناً كرة القدم أداة سياسية، لكن برأيي لا ينبغي تسييس الرياضة". وأضاف "وددت أن تفوز إيران بالمباراة. لقد أحزنتني النتيجة كثيراً. هذه الخسارة تجعل الناس حزينين وهذا أمر طبيعي لكن علينا أن لا نفقد الأمل وأن نفكّر في البطولات المقبلة". وبالنسبة لمتفرّج آخر فإنّ الهزيمة سببها التكتيك الذي اتّبعه المنتخب الوطني. وقال "برأيي، كان لاعبونا يبحثون عن التعادل، لقد كان تكتيكاً سيّئاً، كان عليهم أن يلعبوا من أجل الفوز، وكانوا قادرين على ذلك. كان علينا أن نفوز على أميركا. هذا مؤسف". ولو تعادل المنتخب الإيراني لتأهّل إلى دور الـ16 لأول مرة في تاريخه.
مشاركة :