القامشلي (سوريا) - لم يمر وقت طويل على دفع التحالف الدولي بقيادة واشنطن تعزيزات عسكرية للمناطق الكردية في شمال سوريا، حتى دفعت روسيا العالقة في حرب أوكرانيا والداعم الرئيسي للنظام السوري، الأربعاء بتعزيزات عسكرية لمناطق تسيطر عليها القوات الكردية والجيش السوري في محافظة حلب في شمال سوريا على وقع تهديدات تركية بشن عملية برية، وفق ما أفاد سكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان. ويأتي التحرك العسكري الروسي بعد أيام من تأكيد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، أن العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا لا تؤثر على دور بلاده في سوريا. وحذرت كل من واشنطن وموسكو تركيا من تنفيذ هجوم بري كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن عنه على اثر عمليات جوية تركية مكثفة استهدفت معاقل المسلحين الأكراد في شمال سوريا. وتعد تلك التعزيزات الروسية الأولى في المنطقة منذ أن شنت تركيا قبل عشرة أيام ضربات جوية قالت إنها استهدفت المقاتلين الأكراد، ووسط تهديدات أنقرة بشن هجوم بري جديد ضد مناطقهم في تل رفعت (شمال حلب) وكوباني ومنبج (شمال شرق حلب). وأفاد سكان في تل رفعت عن وصول تعزيزات عسكرية روسية إلى المدينة ومحيطها، مشيرين إلى أن القوات الروسية وضعت حاجزا جديدا عند خط تماس يفصل بين مناطق سيطرة القوات الكردية وتلك الواقعة تحت سيطرة أنقرة والفصائل السورية الموالية لها. وأشار المرصد السوري بدوره إلى تعزيز القوات الروسية أيضا تواجدها في مطار منغ العسكري المجاور الذي تسيطر عليه قوات النظام. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن "قد يكون الهدف من تلك التعزيزات وقف أو تأخير العملية التركية". وطلبت قوات سوريا الديمقراطية وعلى رأسها وحدات حماية الشعب الكردية، من روسيا التدخل لدى أنقرة للحؤول دون تنفيذ تهديداتها بشن هجوم بري جديد ضد مناطق سيطرتها. وحثت روسيا التي تعد أبرز حلفاء دمشق مرارا أنقرة الداعمة لفصائل في المعارضة السورية، على عدم التصعيد. ومنذ سنوات تنسق موسكو مع حليفتيها طهران وأنقرة حول الملف السوري. وتبعد مدينة تل رفعت 15 كيلومترا عن الحدود التركية وتسيطر عليها وعلى قرى قريبة منها قوات كردية تضم مقاتلين نزحوا من عفرين المجاورة قبل سنوات كما تتواجد فيها قوات روسية. وتحيط بتل رفعت مناطق تتنوع القوى المسيطرة فيها بين الجيش السوري مدعوما من روسيا من جهة وأنقرة والفصائل السورية الموالية لها من جهة ثانية. وتفصل مناطق تحت سيطرة القوات التركية تل رفعت عن غالبية المناطق الأخرى الواسعة، التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشمال شرق البلاد. وأفاد المرصد السوري بوصول تعزيزات روسية أيضا إلى محيط مدينة كوباني الحدودية، فيما قال مسؤول أمني في المدينة إن القوات الروسية "سيرت دورية" في المنطقة برفقة مروحية. وتنتشر قوات روسية في مناطق سيطرة الأكراد القريبة من الحدود بموجب اتفاق تم التوصل إليه في 2019 لوقف هجوم سيطرت خلاله أنقرة على منطقة حدودية. ومنذ 2016، شنت أنقرة ثلاث عمليات برية، استهدف خصوصا المقاتلين الأكراد وسيطرت مع فصائل سورية موالية لها على مناطق واسعة قرب حدودها. وعبرت عدة دول غربية عن مخاوفها من شن تركيا عملية برية واسعة في شمال سوريا، محذرة من أن المنطقة في غنى عن اي تصعيد عسكري جديد وسط دعوات دولية لأنقرة بضبط النفس، بينما تتذرع الأخيرة بحماية أمنها القومي والرد على هجوم اسطنبول الدموي الذي ألقت فيه بالمسؤولية على تنظيمات كردية وقالت إن المرأة التي زرعت قنبلة في شارع الاستقلال تم تجنيدها في كوباني وتنتمي لجماعات كردية مسلحة. ودعت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها أنالينا بيربوك تركيا اليوم الأربعاء إلى الامتناع عن أي غزو بري لشمال سوريا أو توجيه ضربات عسكرية لشمال العراق. وقال مسؤولون أتراك يوم الاثنين إن القوات التركية تحتاج إلى أيام فقط لتكون جاهزة لشن توغل بري في شمال سوريا، الذي تهاجمه بأسلحة بعيدة المدى وطائرات حربية منذ أيام. وقالت بيربوك على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بوخارست حضره أيضا نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو "أدعو تركيا على وجه السرعة للامتناع عن اتخاذ تدابير من شأنها زيادة تصعيد العنف، مثل غزو بري محتمل لشمال سوريا أو عمل عسكري في شمال العراق". وتأتي عمليات القصف التركية على الفصائل المسلحة الكردية عبر الحدود في سوريا بعد تهديد منذ أشهر من الرئيس التركي رجب طيب أردغان بغزو بري جديد يستهدف القوات الكردية، التي يصفها بأنها إرهابية. وقالت بيربوك "يُطبق القانون الدولي بالطبع عندا يتعلق الأمر بالوقاية من أعمال الإرهاب". وتنظر سوريا لتركيا على أنها قوة احتلال في شمالها وتقول دمشق إنها ستعتبر أن أي توغلات تركية جديدة "جرائم حرب".
مشاركة :