يتجه الأفارقة لفرض رؤيتهم للحل السياسي في ليبيا بعد فشل بقية المجتمع الدولي، وبخاصة العواصم الغربية، في تقريب المسافات بين الفرقاء، وبعد عجز مجلس الأمن والمؤتمرات المتلاحقة عن تجاوز حالة الانقسام والخروج بمشروع توافقي سواء بين "الكرامة" و"فجر ليبيا"، أو بين الفبرايريين والسبتمبريين، أو بين التيار الليبيرالي وقوى الإسلام السياسي، وغير ذلك من سياقات الخلاف التي تشكلت منذ العام 2011 نتيجة تناقضات الواقع الداخلي والتنافس الإقليمي والدولي على تقاسم مواقع النفوذ في البلد الثري. كشف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، في تصريح نادر، أن المجتمع الدولي كلّف الاتحاد بقيادة مسار المصالحة الوطنية في ليبيا، وقال إن الاستعدادات تجري حاليا لعقد اجتماع تمهيدي للتحضير لمؤتمر مصالحة في البلاد، مشيرا إلى ضرورة إيجاد صيغة تسمح لليبيين بالمصالحة، ثم بعد ذلك الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لاختيار من يدير شؤون البلاد، موضحا أن "هناك دفعة جديدة لعملية سياسية في ليبيا تتضمن عدة مراحل". وبحسب مراقبين، فإن الأفارقة يتزعمون حاليا محاولات السير بالأزمة الليبية نحو الحل الشامل، وهم يعتبرون أنفسهم الأكثر فهما لطبيعة الصراع، والمعنيين أكثر من غيرهم بالوضع في البلد الواقع في شمال القارة والذي كان له دور قيادي في الاتحاد خلال فترة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي، كما يتميز بدوره الأساسي في تكريس الأمن والاستقرار بشمال ووسط أفريقيا، وخاصة منطقة الساحل والصحراء. وينطلق الأفارقة في رؤيتهم من أن أي انتخابات رئاسية لن تحظى بالنجاح، ونتائجها لن تجد القبول من مختلف الأطراف المتصارعة، طالما أن المصالحة الوطنية الشاملة لن تتحقق، وطالما أن الباب لم يفتح لجميع الفرقاء لخوض المنافسات في ظل روح التسامح وعودة الثقة بينهم. وفي مقابلة تلفزيونية، قال فقي إن هناك دفعة جديدة لعملية سياسية في ليبيا تتضمن عدة مراحل و”نحن كلفنا بمرحلة المصالحة الوطنية لأنها الأساس”، مشيرا إلى ضرورة إيجاد صيغة تسمح لليبيين بأن يتصالحوا ثم بعد ذلك يتم الذهاب إلى الانتخابات لاختيار من يدير الأمور في ليبيا. البحث عن الثقة محمد المنفي: المجلس الرئاسي يثق بالاتحاد الأفريقي للمساهمة في المصالحة محمد المنفي: المجلس الرئاسي يثق بالاتحاد الأفريقي للمساهمة في المصالحة وتلفت تقارير محلية إلى أن هناك إجماعا على أن يتم عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية تحت إشراف الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وعلى تنفيذ كل ما سيتم الاتفاق عليه من طي صفحات الماضي الأليم، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والسماح بعودة المهجرين والنازحين إلى مدنهم وقراهم، وترك ملفات حقوق الأفراد أمام القضاء ليحدد التعويضات التي يراها مناسبة لجبر الضرر للضحايا. وطوال شهر نوفمبر المنقضي، قاد رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي، وزير خارجية الكونغو برازافيل جان كلود جاكوسو، سلسلة من الاجتماعات مع الفرقاء السياسيين والميدانيين والفعاليات الاجتماعية في أغلب مناطق ليبيا، خلال زيارة تعتبر الأطول من نوعها التي يقوم بها مبعوث أجنبي إلى ليبيا، حيث أكد أن الاتحاد الأفريقي يدعم جهود المصالحة الوطنية في ليبيا، وبناء دولة ديمقراطية مدنية، للوصول إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وفق إطار قانوني. ومن مدينة طبرق، شرق البلاد، قال جاكوسو بعد اجتماع مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، إن ليبيا بلد أفريقي مهم جدا، وإن الوقت حان لأن يخطو خطوات حاسمة في اتجاه حلحلة أزمته، ولا مناص من أن يرفع الاتحاد الأفريقي صوته ضد كل التدخلات الأجنبية. وأبرزت أوساط ليبية مطلعة لـ”العرب” أنه يتم حاليا الإعداد لعقد اجتماع تمهيدي لمؤتمر المصالحة في النصف الثاني من يناير القادم، وأن الهدف هو تنظيم مؤتمر المصالحة في ربيع 2023 تحت إشراف الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، رئيس اللجنة رفيعة المستوى لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي حول ليبيا، وبحضور ممثلين عن دول عربية وأفريقية وأجنبية ومنظمات دولية وإقليمية. وأشارت ذات الأوساط إلى أن المؤتمر سيجمع الأطراف السياسية والاجتماعية وسيكون مسبوقا باجتماع لأمراء الحرب، بهدف ترتيب مشروع حل الميليشيات وجمع السلاح وتوحيد المؤسسة العسكرية في كافة أرجاء البلاد، كما ستقدم اللجان القانونية مقترحاتها بخصوص العدالة الانتقالية. وتابعت أن العواصم الغربية أصبحت على قناعة تامة بأن المرحلة الحالية هي مرحلة الاتحاد الأفريقي وما سيبذله من جهود لجمع الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة للحوار، بهدف طي صفحة الماضي والخروج بالبلاد من النفق الذي وقعت فيه منذ 12 عاما، بسبب عقلية الغنيمة والصراع على السلطة ونهب الثروات والصراع الخارجي على النفوذ، وكذلك نتيجة تنامي ظاهرة التطرف والإرهاب وشبكات الفساد والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وغيرها. فرصة لوحدة الليبيين موسى فقي: من الضروري إيجاد صيغة تسمح لليبيين بأن يتصالحوا موسى فقي: من الضروري إيجاد صيغة تسمح لليبيين بأن يتصالحوا وينطلق الأفارقة في مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية في ليبيا من تجارب سابقة عرفتها القارة ومثلت نموذجا مهما في أبعاده الإنسانية والحضارية والسياسية والاجتماعية، لاسيما في جنوب أفريقيا ورواندا، وكذلك من معرفتهم بالخصوصيات الثقافية والاجتماعية لشعوب القارة، والتي يصعب على النخب الغربية إدراك تفاصيلها وتأثيراتها على الواقع بجميع تفرعاته. وأبرز رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي خلال لقائه الثلاثاء مع رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية محمد بخاري أن المجلس الرئاسي يولي الاتحاد الأفريقي ثقة كبيرة للمساهمة الجادة في المصالحة الوطنية في ليبيا، وهو ما زال يولي الاتحاد الأفريقي ثقة كبيرة وعزيمة الشعب الليبي للمساهمة الجادة والفعالة للوصول إلى المصالحة الشاملة في البلاد، معتبرا أن المصالحة الوطنية تعد اللبنة الأولى في بناء نظام ديمقراطي عادل وشفاف يرتضيه الشعب وكافة الأطراف السياسية في دولة ليبيا بما يخرج البلاد من حالة الانسداد السياسي، لافتا إلى أن “التدخلات السلبية العشوائية لبعض الأطراف السياسية لن تمنح الفرصة لوحدة الليبيين، والوصول إلى الانتخابات”، وفق تقديره. ويقصد المنفي بالإشارات الواردة على لسانه، أطرافا داخلية وإقليمية تعمل على عرقلة خطة الاتحاد الأفريقي لتحقيق المصالحة في ليبيا، يرجح محللون أن يكون من بينها رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة والدائرون في فلكه داخليا وحلفاؤه في المنطقة ممن يعتبرون أن المصالحة قد تعصف بمصالحهم وحساباتهم المرتبطة بنفوذ أطراف بعينها في غرب البلاد. وكان مجلس الأمن الدولي أكد من خلال قراره رقم 2656 في الثامن والعشرين من أكتوبر الماضي أهمية إجراء حوار وطني وعملية مصالحة شاملة وجامعة تستند إلى مبادئ العدالة الانتقالية، ورحب بالجهود التي يبذلها المجلس الرئاسي لبدء عملية المصالحة الوطنية، بدعم الاتحاد الأفريقي، بما في ذلك تسهيل اجتماع حول المصالحة الوطنية في ليبيا في الأشهر المقبلة. ومما يشير إلى أهمية الدور الأفريقي، اختيار دبلوماسي سنغالي مخضرم هو عبدالله باتيلي لتولي مهمة المبعوث الأممي إلى ليبيا، وذلك بعد جميع سابقيه العرب والأوروبيين في الوصول إلى حل واقعي للأزمة. انشرWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :