إمام المسجد النبوي: ليس في المحرمات تقييد للحريات

  • 12/2/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. عبدالباري بن عواض الثبيتي -في خطبة الجمعة-: ليس في المحرمات والمحظورات تقييد للحريات، بل ابتلاء واستخراج لحقيقة العبودية التي تقتضي مراغمة العدو المتربص ومراقبة الله في الخلوات والجلوات، وعلمتنا الآيات أن من اقترب مما نهى الله عنه فضلا عن ارتكاب المقصود بالنهي فهو ظالم لنفسه وقد يظلم المرء نفسه بالوقوع في الشبهات المفضية إلى المحرمات في المطعم والمشرب والملبس وفي حقوق الوالدين والأرحام والأموال والمعاملات. وأضاف: قصص تحمل العبر والعظات وقد قص الله علينا قصة الخلق الأول آدم عليه السلام وزوجه حواء تبك القصة التي تجسد فيها الصراع مع الشيطان هذا الصراع الذي تنامى ومضت سنة الله أن يبقى ما بقي بنو آدم وعدوهم إبليس حتى يرث الله الأرض ومن عليها تكرر ذكر هذه القصة في مواضع عدة من القرآن الكريم لما اشتملت عليه من مقاصد جليلة وعظات بليغة، قال الله تعالى:" وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ"، أمر الله عز وجل آدم عليه السلام أن يسكن هو وزوجه الجنة، لكرامته ورفعة مقامه ومنزلته ومن كان مستجيبا لأوامر الله غدا كريما على الله وامتلأ قلبه سكينة واطمأنت نفسه وطاب عيشه، ومن كان بعيدا عن الله معرضا عنه تعالى فإنه يعيش عيشة ضنكا، أباح الله لخلقه الطيبات ووسع عليهم في المأكل والمشرب فاتسعت دائرة الحلال وضاقت دائرة الحرام ومع ذلك تغلب النفس الأمارة بالسوء صاحبها فيستشرف للمنوع ويتخطى حدود المباح ويحوم حول الحمى. وتابع: ويعظم كيد الشيطان ووسوسته فيرتبك المنهي عنه، ولذا لما نهاهما الله جل وعلا أن يقربا الشجرة سدا لذريعة الأكل منها الذي هو مقصود النهي، ولم يزل الشيطان بآدم يدلي بغرور يوسوس بمكر ويقسم بغدر حتى ذاق الشجرة ومن هنا جاءت دعوة لسلوك المنهج الوقائي بالتحذير من حمى الحرام صيانة للنفس وتحصينا للأخلاق وحماية للمجتمع وتربية للوقوف على حدود الله، وما وقع من وقع في الشرك إلا بالاقتراب من وسائله التي نهي عنها، وما وقع من وقع في البدعة إلا بتساهله في الجلوس إلى أهل البدع ومطالعة كتبهم والركون إليهم وما استمرأ أحد الكبائر إلا بوقوعه في الصغائر وإصراره عليها، وما التقنية الحديثة إلا وسيلة يتوصل بها إلى المقصود شريفا كان أم وضيعا، فيوشك من يحوم حول الحمى أن يقع فيها ويخلو بها ويقارفها أن تذهب بصلاته وأخلاقه ووقته، وتتبدل المعصية بالطاعة ووحشة القلب بالأنس بالله عز وجل.

مشاركة :