يبدو التاريخ بكل ما يتيحه من حكايا ومشاهد قادراً على اجتذاب جمهور الفنون بأعمارهم المختلفة، ففي معرض «فانتازيا» الذي تستضيفه دار الأوبرا المصرية تستقر حكايات من زمن قديم على الجدران في حُلّة معاصرة تُجدد حكايات التاريخ. فحكايات الحب الخالدة كما حكاية كليوباترا ويوليوس قيصر، تستقر في واحدة من لوحات المعرض، مجددةً معها ذكرى اغتياله المؤلم وفراقه لكليوباترا أشهر ملكات مصر القديمة، في عمل للفنانة المصرية منى قنديل المشاركة في المعرض الجماعي الذي يضم أربع فنانات، مع كل من الفنانة حافظة كمال وشيرين رجب ونور الكموني، ويستمر حتى الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. «أطرح في مشروعي حكايات مستلهمة من التاريخ المصري والإنساني بشكل عام، ينقسم كل عمل عادة إلى عدد من المشاهد التي تطرح في النهاية قصة تاريخية، كما قدمت في لوحة مشهد الإعدام الشهير ليوليوس قيصر وحبه لكليوباترا، وهناك لوحة أخرى تصوّر أول جريمة قتل في تاريخ الإنسان بين قابيل وهابيل». كما تقول منى قنديل في كلمتها لـ«الشرق الأوسط». وتبدو سفينة نوح بكل ما تحمله من رسالة وتراث إنساني واحدة من القصص التي استلهمتها قنديل في أعمالها المعروضة: «قدمت كذلك مشاهد من رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، وهناك أماكن تاريخية مثل دار الأوبرا الخديوية بفخامتها عند تأسيس الخديوي إسماعيل لها قبل حادث حريقها الشهير، وهناك في الأعمال مبانٍ لها قيمة وتاريخ مثل قلعة صلاح الدين ومسجد محمد علي، والكنيسة المعلقة، وأقدم كذلك لوحة مستوحاة من خريطة القُطر المصري التي تم الاحتفاظ برسمها على سطح السجادة التاريخية الموجودة حالياً في قصر الاتحادية، وتُظهر كلاً من الخديوي إسماعيل، والخديوي عباس حلمي الذي نفذت في عهده، ونسجت في مصنع الغزل والنسيج في دمنهور». وفي واحدة من أعمال المعرض يمكن لقاء «إيزادورا»، من القرن الثاني قبل الميلاد، وقصة حبها المأساوية التي كتبها التاريخ قبل آلاف السنوات، وجمعت بين إيزادورا الفرعونية، ذات الجذور الإغريقية، وبين الضابط المصري حابي. وأطلق عليها الكثير من الألقاب؛ منها «شهيدة الحب» و«جولييت مصر القديمة»، وتقول الفنانة المصرية شيرين رجب، المشارِكة في المعرض، إنها قامت بتقديم عمل مستوحى من قصة إيزادورا التي انفعلت بها فنياً، وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أميل للتعبير عن التراث وحكاياته المصرية القديمة، بأسلوب يجمع بين التجريدية والتأثيرية، وأستخدِم الأسلوب المعاصر الذي يعيد تقديم تلك المشاهد التراثية في أسلوب أقرب للأجيال الجديدة». وتبرز في أعمال الفنانة حافظة كمال ملامح الألفة والنوستالجيا، في تكوينات جمالية تبرز العناصر المحلية ونقوشها، كالشبابيك والمزهريات والطيور، والكتابات العربية، والرموز التراثية؛ كالكفوف والهلال، وتبدو السوريالية ولغة الأحلام هي الأقرب لعالم الفنانة نور الكموني. وتعتبر منى قنديل أن «المعرض يجمع بين أساليب واتجاهات في التعبير الفني لكل فنانة من المشاركات، وهو ما يتناسب مع فكرة الفانتازيا التي يطرحها المعرض، ولمسها الجمهور من رواد المعرض»، على حد تعبيرها.
مشاركة :