عيش مغامرة العمر داخل عربة كبيرة خضعت للتعديل فهو ليس بالأمر الجديد، ذلك أنهذه الممارسة قائمة منذ خمسينيات القرن الماضي. لكن كيف كانت تجربة الترحال حول العالم، عندما لم تكن هناك أنظمة GPS، أو هواتف محمولة، أو منصات تواصل اجتماعي؟ سافر الثنائي أليك وجان فورمان، من المملكة المتحدة، عبر أوروبا، وإفريقيا، وآسيا في سيارة لاند روفر من السلسلة الثالثة عام 1977، واستعانا ببوصلة وخرائط مختلفة لإرشادهما عبر 29 دولة مختلفة، ضمنا أفغانستان وإيران. المغامرة البرية وقال الزوجان اللذان التقيا في حانة داخل مستشفى عسكري بريطاني، في ألمانيا عام 1972، وتزوجا بعد ذلك بعامين، إنهما أمضيا نحوخمسة أعواميدخران المال من أجل تحقيق هذه الرحلة المذهلة التي استمرت 14 شهرا. وبعد البحث عن سيارة مناسبة للشروع بالرحلة، رسا قرارهما على سيارة لاند روفر جديدة نسبيا يملكها عمأليك فورمان، وكان يستخدمها لنقل الخنازير والبطاطس في مزرعته. وما كان من الثنائي إلا أن حولا هذه العربة الإنجليزية الشهيرة المصنعة للطرق الوعرة إلى كارافان. ولسوء الحظ، عندما وصلا لم يتمكنا من الحصول على الوقود فورا، واضطرا إلى الانتظار أيام عدة قبل أن يتمكنا من المضي قدما. وبينما تولت جان القيادة أحيانا في بداية الرحلة، كانت أقل ثقة بشأن المناورات عبر الصحراء. لذلك قرر الزوجان أن يكون أليك السائق الرئيس، فيما اضطلعت هي بدور الملاحة. وخلال هذا الجزء من الرحلة التقيا بواحد من "الملائكة" العديدين الذين قاما بذكرهم في كتابهما: رجل يعتلي جملا، أعطاهما بعضا من حليب الإبل، قبل أن ينصحهما بالسير باتجاه مختلف. وأوضحت جان: "اكتشفنا لاحقا أننا لو استمرينا بالطريق التي نسلكها فسنسير على رمال عميقة جدا وناعمة، وربما ستؤخرنا إلى حد كبير". وتابعت أنأيتأخير، أو مسار وعر، كان من شأنه أن يعرضهما لخطر نفاد الوقود وربما الفشل بالوصول إلى المدينة التالية. وتوجه الثنائي فورمان إلى النيجر، وهي دولة غير ساحلية تقع غرب إفريقيا، ثم جنوبا إلى نيجيريا والكاميرون، حيث زارا الغابات الاستوائية المطيرة. بعدها عادا إلى أوروبا، عبر إيطاليا والنمسا، قبل التوجه إلى المجر، ومنها إلى رومانيا، وبلغاريا، وصولاإلى تركيا. وبعد زيارة إيران، وإدراكهما أنه سيتعين عليهما الانتظار نحوشهرين للحصول على تأشيرة لدخول العراق، اقترح عليهما ثنائي آخر كانا قد التقيا به، السفر إلى أفغانستان بدلامن ذلك. غرباء لطفاء لكنه لم يسمح لهما بالسفر إلى أفغانستان إلا ضمن قافلة، فما كان منهما إلا أن شكلا فريقا مع ثنائيين آخرين وانطلقوا معا. وأجبر ثنائي على العودة عندما تضررت سيارتهما، لكن تابع الآخرون الرحلة. وعندما وصلوا إلى أفغانستان، رحب بهم السكان بسهولة، بل وتلقوا دعوة لتناول الشاي في منزل عائلة محلية. وأشار أليك إلى أن "الناس كانوا بغاية الطيبة والكرم، لذا قضينا وقتا رائعا هناك". أما محطتهما التالية فكانت باكستان، حيث زارا وادي سوات، ولاهور، ثم الهند. بينما حاز التخطيط على جزء كبير من رحلتهما، لكن الزوجان واجها نصيبهما العادل من اللقاءات الصعبة. وقرر الثنائي التوجه إلى أعلى نقطة لأعلى طريق في العالم بلاداخ، وهي منطقة جبلية تقع شرقي وادي كشمير. وشرحت جان أن "أليك وقف عند القطب الجنوبي في القارة القطبية الجنوبية، لذلك اعتقد أنه سيكون من الرائع الذهاب إلى أعلى نقطة في أعلى طريق بالعالم لمطابقة ذلك". وبينما كانت هناك لافتات تشير إلى طريق القمة، كانت هناك أيضا رسائل تحذر السائقين من أنه لا يسمح لهم بالذهاب إلى أبعد من ذلك. وقرر الثنائي الاستمرار صعودا،وبحسب "السي إن إن" مروا بحاجز مفتوح، ووصلواإلى القمة. لكن في طريق عودتهما، كان الحاجز منخفضا، وواجههما أحد الحراس. وأشار أليك إلى أن الحارس كان مسلحا وقال لهما: "إلى أين تذهبان؟ لا يفترض بكما أن تكونا هنا"، فقدما اعتذارهما، وأكملا طريقهما. بعدها توجها إلى نيبال، حيث قضيا عيد الميلاد في كاتماندو، قبل العودة إلى المملكة المتحدة. ورغم أن الثنائي بذلا قصارى جهدهما لإبقاء عائلتيهما على اطلاع متواصل بمغامرتيهما، إلا أن هذا لم يكن سهلافي ذلك الوقت. وقالت جان: "لم نتمكن من الاتصال بأسرتينا"، لافتة إلى أنه "كان علينا الاعتماد على الرسائل. ونحاول إخطارهم متى يرسلون رسائل إلى نقاط معينة سنكون فيها في وقت محدد". وعندما عادا في مارس1978، لم يخبرا عائلتيهما بموعد وصولهما، وتركا الأمر مفاجأة. وما أن استقرا في المملكة المتحدة، حتى أنجب الثنائي ابنتين، إستر وهايدي، وقاما بالعديد من الرحلات العائلية في سيارتهما "لاند روفر". صفحة جديدة وبعد ذلك أنجبا ابنهما تشارلز، وقررا شراء مقصورة يمكن إرفاقها بمؤخرة السيارة بحيث يكون هناك مساحة كافية لجميع أفراد الأسرة. وفي عام 1985، انتقلت عائلة فورمان للعيش في مالي لمدة 14 عاما. وولدت ابنتهما الصغرى ماريا في شمال ساحل العاج. وواصلت الأسرة استخدام لاند روفر للسفر داخل المملكة المتحدة كلما عادوا إلى ديارهم. وقالت جان: "لطالما شكلت جزءا من حياتنا، حتى تخلينا عنها حرفيا". وعندما انتقلت العائلة للعيش في ألمانيا بعام 1999، أعيدت سيارة لاند روفر إلى منزلهم في مقاطعة هيرتفوردشاير في المملكة المتحدة، حيث بقيت لأعوامعدة. وفي نهاية المطاف، نقلتها العائلة إلى ألمانيا، حيث تركت في فناء المنزل لمدة 17 عاما. وفي عام 2018، بدأ أليك بتفكيك القسم الأمامي ولم يتبقمنها سوى محاور الهيكل والعجلتين فقط. وفي مايو 2021، سحبت السيارة على مقطورة إلى فرنسا من قبل صديق للعائلة، الذي أحضرها إلى حظيرة في مزرعته، حيث تركت إلى يومنا هذا. مشروع التمويل الجماعي ورغم ذلك، أطلق تشارلز فورمان أخيرا حملة تبرعات Kickstarter في محاولة لجمع الأموال لنشر كتاب صور جديد يحتوي على نحو300 صورة من رحلة والديه البرية، وبهدف أن يعيد تأهيل السيارة، لاستعادة مجدها السابق. كما أطلق موقع explmore.com الإلكتروني في عام 2016، المتمحور حول المغامرة التي غيرت حياته. ويحظى المشروع بأهمية خاصة بالنسبة لتشارلز، يتضمن ذكريات طفولته الجميلة خلال الترحال في سيارة لاند روفر.
مشاركة :