لندن - أسقطت المحكمة الإدارية في لندن الاثنين شكوى قدمتها جبهة بوليساريو الانفصالية عبر منظمة بريطانية غير حكومية تعمل لحسابها لإنهاء اتفاق الشراكة بين بريطانيا والمغرب بذريعة أن المنتجات المصدرة قادمة من أقاليم جنوبية "متنازع عليها" ما يدعم وجهة نظر الرباط ومقاربتها بشان وحدة أراضيها. ويمثل القرار القضائي انتصارا دبلوماسيا جديدا للمغرب الذي كثف جهوده خارجيا من اجل الحصول على اعتراف دولي بسيادته على اقليم الصحراء كما يمثل دفعا لمشروع الحكم الذاتي. ووقعت كل من بريطانيا والمغرب اتفاقية الشراكة في 26 من اكتوبر/تشرين الأول 2019 وذلك بعد خروج لندن من الاتحاد الأوروبي في عهد رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون بهدف تعديل الترتيبات التجارية ودخل الاتفاق حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني من سنة 2021. واعتبر مراقبون ان القضاء البريطاني منح الضوء الأخضر للحكومة البريطانية للتمسك باتفاق الشراكة من اجل تعزيز التعاون مع المغرب واستقبال المنتجات القادمة من الأقاليم الجنوبية ما يشير ضمنيا لاعتراف لندن بان تلك الأقاليم جزء من الأراضي المغربية كون منتجاتها منتجات مغربية كغيرها من منتجات بقية مناطق المملكة. وليست هذه المرة الأولى التي تسعى فيها بوليساريو وبعض القوى الموالية لها في أوروبا لاستهداف المصالح المغربية ووضع عراقيل امام التعاون الاوروبي المغربي في الجانب الاقتصادي حيث خاضت الرباط معارك دبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بمنتجات الأقاليم الجنوبية ودفعت بعض القرارات القضائية المخالفة للواقع المغرب إلى إيقاف الاتصالات مع الاتحاد في 2016. وكانت محكمة العدل الأوروبية أصدرت حينها حكما أوليا يقضي بإلغاء اتفاقية تبادل المنتجات الزراعية والصيد البحري بين الجانبين لتضمنها منتجات الصحراء المغربية لكن التطورات السياسية التي أعقبتها دفعت الطرفين المغربي والأوروبي الى تعزيز الحوارات والنقاشات لايجاد أرضية لقاء. وأثار القرار القضائي في بريطانيا ارتياح الحكومة حيث سيفسح الباب لمزيد من تعزيز التعاون بين البلدين حيث جددت السلطات البريطانية التزامها بمواصلة الشراكة مع المغرب. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة التجارة الدولية البريطانية وفق ما نقلته وكالة الانباء المغربية “إننا نحيي الحكم الصادر سنواصل العمل بتعاون وثيق مع المغرب لتثمين المبادلات بين بلدينا، التي تبلغ قيمتها 2.7 مليار جنيه إسترليني". واضاف "إننا متحمسون لمواصلة مبادلاتنا مع نظرائنا المغاربة من خلال مجلس الشراكة برسم السنة المقبلة". وتضع اتفاقيات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حدودا للأسعار التفاضلية للمنتجات التي تصدرها المغرب بما فيها منتجات إقليم الصحراء فيما يرى مراقبون ان القرار القضائي الأخير سيمثل دفعا هاما لتعزيز الشراكة بين الرباط ولندن التي تبحث عن أسواق جديدة وواعدة ما بعد بريكست. ويمثل القرار القضائي وموقف حكومة ريشي سوناك دفعة هامة للدبلوماسية المغربية حيث سيفتح القرار الطريق امام حكومات أوروبية اخرى لتعديل موقفها لصالح دعم وحدة التراب المغربي ودعم مشروع الحكم الذاتي كما يكشف حجم الإخفاقات التي منيت بها الجبهة الانفصالية وداعمتها الرئيسية الجزائر على الساحة الأوروبية والدولية. وكان المغرب نجح في استمالة مواقف بعض الدول الأوروبية كألمانيا واسبانيا التي دعمت في السابق موقف بوليساريو لكنها غيرت موقفها لدعم مشروع الحكم الذاتي حفاظا على مصالحها الاقتصادية. ولا يمكن عزل الموقف البريطاني عن مواقف قوى دولية فاعلة في الساحة على غرار الولايات المتحدة التي دعمت مشروع الحكم الذاتي وسيادة المغرب على اقليم الصحراء. ويرى مراقبون أن مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب سيمثل دافعا لعدد من الدول الأوروبية لتعزيز تعاونها مع المغرب في خضم ازمة الطاقة العالمية بسبب توقف الإمدادات الروسية بعد الحرب على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي وبالتالي تغيير مواقفها لصالح مشروع الحكم الذاتي. وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أكد مرارا ان ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب الى العالم.
مشاركة :