بدت المحكمة العليا الأمريكية منقسمة بشدة، اليوم الأربعاء، بشأن قضية تنظر فيها ويمكن أن تغير بشكل جذري طريقة تنظيم انتخابات الرئاسة والكونجرس. من المحتمل أن تمنح القضية التي رفعها النواب الجمهوريون في ولاية كارولاينا الشمالية المجالس التشريعية في الولايات صلاحية حصرية في تحديد من يصوت في الانتخابات الفدرالية وأين وكيف. وأثار هذا الاحتمال مخاوف بشأن الديموقراطية في صفوف اليسار – وبدرجة أقل في صفوف اليمين – في بلد منقسم بشدة وما زال يعاني تداعيات رفض الرئيس السابق دونالد ترامب قبول نتائج انتخابات 2020. وبدا القضاة الليبراليون الثلاثة في أعلى محكمة في البلاد متشككين بشدة أثناء سماع المرافعات الشفوية لمحام من ولاية كارولاينا الشمالية لصالح ما يعرف بمبدأ “هيئات الولايات التشريعية المستقلة”. وبدا أن ثلاثة على الأقل من القضاة المحافظين الستة متعاطفين مع حججه، بينما لم يتضح موقف الثلاثة الآخرين. بموجب الدستور الأمريكي، تحدد الهيئات التشريعية للولايات قواعد الانتخابات الفدرالية. وينص البند المتعلّق بالانتخابات على أن “مواعيد وأماكن وطريقة إجراء الانتخابات لاختيار أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب يجب أن يحددها المجلس التشريعي لكل ولاية”. ويستخدم مشرّعو الولايات سلطتهم لتحديد الدوائر الانتخابية للكونغرس ومواعيد الاقتراع والاتفاق على قواعد تسجيل الناخبين والإدلاء بالأصوات عبر البريد. كما يجرون في بعض الأحيان ما يعرف بالتقسيم الحزبي – وهو تشكيل دوائر في انتخابات الكونغرس لتفضيل مرشح أحد الحزبين. لكن قوانينهم تخضع إلى تدقيق قانوني من المحاكم المحلية ولفيتو محتمل من حاكم الولاية، إلا أن الوضع سيتغيّر إذا صدر قرار لصالح النواب الذين رفعوا القضية. وقال ديفيد تومسون المحامي الذي يمثل نواب ولاية كارولاينا الشمالية، “موقفنا هو أن الضوابط والتوازنات تنطبق” على الأمر، مضيفا “تنطبق الضوابط السياسية التي قرر المؤسسون منحها للكونغرس”. وبدا أن القاضي المحافظ صامويل أليتو يؤيد هذه الحجة. وقال أليتو “بغض النظر عن فهمنها لبند الانتخابات، يمكن للكونغرس دائمًا التدخل وتقرير طريقة إجراء انتخابات الكونغرس”. عواقب وخيمة لكن القاضية إيلينا كاجان، إحدى الليبراليين الثلاثة في المحكمة، حذّرت من أن مبدأ “هيئات الولايات التشريعية المستقلة” يمكن أن يكون له “عواقب وخيمة”. وأضافت كاجان: “سيعني أنه إذا قام المجلس التشريعي بأشد أشكال التلاعب بتقسيم الدوائر الانتخابية، لن يوجد للولاية علاج دستوري لذلك، حتى لو اعتقدت المحاكم أن ذلك ينتهك الدستور”. وتابعت: “سيعني أن المشرعين يمكن أن يسنوا كل أنواع القيود على التصويت.. قد يسمح ذلك للمجالس التشريعية بإقحام نفسها لإعطاء نفسها دورًا في التصديق على الانتخابات”. وقالت: “ما قد يصدم المرء هو أن هذا الاقتراح يزيح الضوابط والتوازنات العادية في طريقة اتخاذ القرارات الحكومية الكبيرة في هذا البلد”. وأردفت: “وربما يأتي التخلص من كل تلك الضوابط والتوازنات في وقت تشتد الحاجة إليها”. وحذّرت المحامية العامة إليزابيث بريلوجار، ممثلة إدارة الرئيس جو بايدن، من أن قبول مبدأ “هيئات الولايات التشريعية المستقلة” من شأنه أن “يحدث فوضى” في تنظيم الانتخابات. وأضافت بريلوجار: “ستجرى انتخابات الولايات والانتخابات الفدرالية بموجب قواعد متباينة”، مردفة: “ستغرق المحاكم الفدرالية، بما في ذلك هذه المحكمة، بمطالبات جديدة”. هراء تنبع هذه القضية المعروفة باسم “مور ضد هاربر” من نزاع انتخابي في ولاية كارولاينا الشمالية. فقد أظهر الإحصاء السكاني لعام 2020 أن عدد سكان الولاية زاد، ما أكسبها مقعدًا إضافيًا في مجلس النواب الأمريكي. فأعاد المشرعون في ولاية كارولاينا الشمالية تقسيم الدوائر الانتخابية لإضافة دائرة جديدة، لكن المحكمة العليا للولاية ألغت التقسيم بحجة أنه يمنح أفضيلة للجمهوريين من خلال تجميع الديموقراطيين في مناطق معينة ما يؤدي إلى إضعاف أصواتهم. وطعن المشرعون في القرار أمام المحكمة العليا الفدرالية بحجة أن المحاكم المحلية تعدت على سلطتهم. في المقابل، قدم الديموقراطيون وأساتذة قانون ومنظمات حقوق مدنية بارزة مذكرات تحثّ فيها المحكمة العليا على رفض المبدأ، بينما رفض الحزب الجمهوري الانتقادات ووصفها بأنها “هراء”. وستصدر المحكمة قرارها بحلول نهاية حزيران/يونيو.
مشاركة :