توقعت دراسة حديثة أن يزداد استهلاك الطاقة في المملكة العربية السعودية بمعدلات مرتفعة تصل إلى 4.4 %، سنوياً حتى عام 2035م. وهو ما يترجم الطلب على الطاقة بمعدل 350 مليون طن مكافئ نفط في السنة. وبالنظر إلى أن 85 %، من إجمالي عائدات التصدير تأتي من النفط، بالإضافة إلى أن الطلب المحلي للطاقة في المملكة يعتمد بنسبة 100 %، على الوقود الأحفوري، فإنه من المتوقع أن تفرض الزيادة في الطلب المحلي على الطاقة ضغطاً كبيرًا على عائدات التصدير للمملكة، كما أن تلبية الطلب المرتفع في قطاعي "الكهرباء والمياه"، على وجه الخصوص يتطلب التزامات استثمارية كبيرة لتوسيع وتحديث البنية التحتية لقطاع الكهرباء والمياه، وتأتي هذه الاستثمارات من النفقات العامة للدولة، لكنها ستحتاج بشكل متزايد إلى مشاركة القطاع الخاص لضمان الاستدامة. وسيستفيد القطاع الخاص بدوره من هذه الاستثمارات من الناحيتين التجارية والاقتصادية على حد سواء. ويتضح أن اسعار الوقود الأحفوري المنخفضة وتعريفات الاستهلاك للمشترك النهائي لا تدعم ترشيد الطاقة من قبل المستهلك النهائي، بل تزيد من تفاقم قضية عدم الاستدامة في قطاعي الكهرباء والمياه في المملكة. ووفقا لـ"دراسة اقتصاديات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة التحديات وآفاق المستقبل"، التي أدلى بها منتدى الرياض الاقتصادي في دورته السابعة، توقعت، أن ينمو الطلب العالمي على الطاقة بمعدل مركب للنمو السنوي مقداره 1.2 % حتى عام 2035م مدفوعاً في المقام الأول بالنمو الاقتصادي والسكاني وتحسن مستويات المعيشة، وفي الغالب سيكون على رأس هذا النمو الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أفريقيا والشرق الأوسط وأسيا (OECD). كما أنه من المتوقع أن يستمر قطاع الكهرباء في نموه المهيمن إلى أن يستحوذ على 51 %، من نسبة الطلب الإضافي على الطاقة في المستقبل على مدار الـ20 سنة القادمة. يتيح تطوير ونشر قطاع الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة فرصة استراتيجية نحو استدامة قطاع الطاقة وإضافة إلى برنامج الاستدامة، فإن قطاعي الطاقة البديلة والمتجددة سوف يسهمان ايضا بدرجة كبيرة في خلق فرص للتنمية الاقتصادية من خلال إنشاء قطاع صناعي وخدمي واعد من سلاسل القيمة، وتوفير فرص عمل لشباب وشابات المملكة، لذلك، فإن تطوير الطاقة البديلة والمتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة لم يعد مجرد اقتراح بل بالأحرى أولوية استراتيجية للمملكة. يلعب القطاع الخاص دورًا رئيسًا ومحوريًا في هذا المسعى وبناء على ذلك، فإنه لابد للأطر الاقتصادية المثلى أن تراعي معالجة العوائق الأساسية التي تحول دون مشاركة القطاع الخاص في مختلف مكونات وفئات القطاع الصناعي والخدمي للطاقة البديلة والمتجددة، علاوة على ضرورة تنفيذ الأطر الاقتصادية الفعالة لقطاع الطاقة البديلة والمتجددة، فإنه يجب حل المسائل العالقه المرتبطة بقطاع الطاقة بشكلها العام، وتشمل مسائل متعلقة بدور مختلف شركاء العمل من جميع القطاعات العامة والخاصة، ومناقشة اصلاحات منظومة دعم الطاقة، وإعادة هيكلة قطاع الكهرباء، وتطبيق معايير كفاءة الطاقة، إضافة إلى ذلك، فإنه نظراً لغياب الوعي العام نحو فرص وفوائد قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، دعت الحاجة إلى وجود برنامج قوي لتوعية المستهلك، مما يدعم التطور الشامل ونشر قطاع طاقة بديلة ومتجددة مستدام في المملكة. إن ضمان تمويل الأطر الاقتصادية هو أمر جوهري لنجاح نشر الطاقة البديلة والمتجددة من خلال مشاركة القطاع الخاص، وقد تم تقدير متطلبات التمويل لتنفيذ الإطار الاقتصادي أخذين في الاعتبار عوامل متعددة. على سبيل المثال: أهداف نشر الاستخدام، وتكلفة تطور التقنيات وعائدات المستثمرين المتوقعة، ومتطلبات تخفيض تعريفة الاستهلاك، وقد قدر إجمالي المطلوب لنشر 10-17 جيجا واط من الطاقة البديلة والمتجددة حتى عام 2025م في المملكة لتشغيل الأطر الاقتصادية ما يتراوح بين 4 مليارات إلى 12 مليار دولار. وسيظل قطاع الكهرباء هو المستهلك الأكبر للطاقة بنسبة 39 % من الطلب الكلي على الطاقة في المملكة، ويستحوذ القطاع السكني على النسبة الأعلى منه بمعدل 90 %، من طلب قطاع الكهرباء بالكامل، ويمثل قطاع النقل ثاني أكبر مستهلك بحصة 33 % من نسبة الطلب على الطاقة، فالنقل البري الذي يستهلك 92 %، من إجمالي الوقود في قطاع النقل، هو المحرك الرئيسي للطلب على الطاقة، وسيظل قطاع المياه بحصة 15%، من إجمالي الطلب على الطاقة مستهلكا رئيسا لأن هذا القطاع سيستمر في الاعتماد على محطات تحلية المياه كثيفة الإنتاج لتلبية الاحتياجات المحلية من المياه بسبب مشكلة ندرة المياه التي تعاني منها المملكة، ويستحوذ القطاع الصناعي مدفوعا بالنمو في الإنشاء والتصنيع والتعدين والصناعات التحويلية على حصة قدرها 12 %، من إجمالي الطلب على الطاقة. ولأن 85 % من إجمالي عائدات التصدير في المملكة تأتي من صادرات النفط بالإضافة إلى أن الطلب على الطاقة فيها يعتمد بنسبة 100 %، على الوقود الأحفوري، فإنه من المتوقع أن تفرض الزيادة المحلية في الطلب على الطاقة ضغطا كبيرًا على عائدات التصدير للمملكة، ويتفاقم هذا الوضع نظراً لأسعار الوقود الأحفوري وتعريفات الكهرباء المنخفضة في المملكة، ومن ثم تبرز الحاجة الملحة لإيجاد الحلول المناسبة لمسألة استدامة قطاع الطاقة في المملكة، لن تكون التحسينات من كفاءة الطاقة كافية لحل المسألة المطروحة، لذا يجب على المملكة تبني تدابير قوية نحو تنوّع مصادر الطاقة بها بعيداً عن الوقود الأحفوري بحيث تتضمن مصادر اكثر استدامة مثل الطاقة البديلة والمتجددة.
مشاركة :