بكين 7 ديسمبر 2022 (شينخوا) قال عبد الرحمن أحمد الحربي، سفير المملكة العربية السعودية لدى الصين إن المملكة ستستضيف القمة العربية الصينية الأولى، حيث سيشكل حضور الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه القمة محطة بارزة في الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، وحدثاً بارزاً في مسيرة تعزيز العلاقات وتنمية الصداقة الأبدية وتوطيد الثقة السياسية المتبادلة، كما يمثل حضوره تقدما ملموسا للتعاون في إطار "الحزام والطريق"، ومقدمة لنتائج مثمرة للتعاون العملي القائم والمستقبلي بين الجانبين في مختلف المجالات. سيحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة الصينية العربية الأولى وقمة الصين - مجلس التعاون الخليجي في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، وسيقوم بزيارة دولة إلى المملكة العربية السعودية في الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر الجاري تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وقال السفير في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا، إن هذه القمة تستهدف توسيع التعاون المشترك لخلق مستقبل مشرق للعلاقات العربية الصينية يصب في توسيع مساحة تطويرها، وخلق المزيد من الروابط الوثيقة في كافة المجالات، بما يخدم مصالح الجانبين العربي والصيني، وتقديم مساهمات بناءة للسلام والتنمية العالميين، موضحا أن السياق التاريخي والحاضر القائم والمستقبل المأمول يشيرون جميعا إلى أن العلاقات العربية الصينية قائمة على مبادئ واضحة هي الاحترام المتبادل والثقة المتبادلة والمصالح المشتركة، فالتعاون بين الجانبين يخدم مصالح الجميع بلا شك. - التقارب بين الخطط التنموية الوطنية للدول العربية والصين في إطار "الحزام والطريق" وقال الحربي إنه بعد إطلاق الرئيس شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، كان للدول العربية دور مهم في التعاون مع الصين في هذه المبادرة التي تستهدف الإسهام وبتأثير كبير في تنمية الاقتصاد العالمي، وقد أعطى التعاون العربي- الصيني من خلال مبادرة "الحزام والطريق" زخما آخر لتعزيز العلاقات بين الجانبين ودفع التقارب بين الخطط التنموية للدول العربية من جهة والمبادرة الصينية من جهة أخرى، وتدعيم أواصر العلاقات العربية الصينية عبر "الحزام والطريق"، علاوة على تقديم الدعم الفكري للبناء المشترك لهذه المبادرة. وفيما يخص السعودية، أشار السفير إلى أن هناك مجموعة عوامل تلعب دورا إيجابيا في تقوية العلاقات بين السعودية والصين وتؤدي في النهاية إلى المنفعة المتبادلة للدولتين، وتأتي في مقدمتها المواءمة بين "رؤية السعودية 2030" ومبادرة "الحزام والطريق"، إذ يعمل البلدان على تسخير إمكانياتهما ومقدراتهما لخلق تجانس متسق ومنافع متبادلة من خلال تلك المواءمة التي تصب في صالح البلدين والشعبين الصديقين. ووفقا للخطط، يسعى البلدان إلى تعميق التعاون الاقتصادي بينهما عبر نقاط الالتقاء بين "رؤية السعودية 2030" ومبادرة "الحزام والطريق"، حيث تستفيد السعودية من موقعها الاستراتيجي لوصل قارة آسيا بإفريقيا وأوروبا. وفي هذا السياق، تم تدشين أول مشروعات التعاون السعودي الصيني في مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2019 وهو مشروع مصنع شركة "بان آسيا" الصينية للصناعات الأساسية والتحويلية بمدينة جازان جنوب غربي السعودية، والذي يعد باكورة الاستثمار الصيني في هذه المنطقة على وجه التحديد، حيث بلغت قيمة المشروع حوالي 1.15 مليار دولار أمريكي في مرحلته الأولى. كما أن لشركتي أرامكو وسابك حضورا فاعلا في الأراضي الصينية، فشركة أرامكو السعودية وقعت مؤخراً اتفاقا مع مجموعة "نورينكو" الصينية لتطوير مشروع هواجين المتكامل للتكرير والبتروكيماويات في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ الصينية. وأكد الحربي على الدعم العربي للصين في المحافل الدولية، كدعم الصين لاستعادة مقعدها في الأمم المتحدة، وأيضا دعم الصين للدول العربية في قضاياها العادلة وخاصة في القضية الفلسطينية. وقدمت الدول العربية والصين نموذجا يحتذى في التعاون والارتقاء بمستوى العلاقات رغم التحديات. وقد تجاوز الجانبان العربي والصيني مرحلة تبادل المساعدات إلى التعاون المشترك والبناء من أجل دفع التنمية وتعزيز التعاون وتبادل المنافع والاستفادة المشتركة. وأضاف السفير أن الرصيد الكبير الذي تراكم للعلاقات العربية -الصينية على مدار أكثر من ستين عاما خلت يمكن أن يكون قاعدة انطلاق لعلاقات عربية-صينية أكثر قوة وتنوعا في المستقبل، خاصة وأن الجانبين يؤمنان بأن "السلام والتنمية" هما المسار الصحيح، وأن حجم المصالح المشتركة بينهما يتنامى بشكل كبير. - قوة دافعة كبيرة للعلاقات السعودية الصينية في كافة المجالات وأوضح الحربي أنه بالرغم من أن السعودية كانت آخر دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في عام 1990، إلا أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تنمية متسارعة منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية. كما شهدت العلاقات الثنائية قوة دافعة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال رفع مستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وتأسيس اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى على هامش الزيارة التاريخية الأولى للرئيس شي جين بينغ للمنطقة في عام 2016، والتي بدأها بزيارة للسعودية التقى خلالها بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وأضاف السفير أن العلاقات السعودية الصينية تمر حاليا بفترة ذهبية، فالتعاون والتنسيق والتشاور والعمل المشترك بين البلدين وخاصة بعد عام 2016، يقوم على أسس رفيعة من التفاهم المشترك والمصالح المتبادلة سواء على المستوى الثنائي والاقليمي والدولي أو في المحافل والمنظمات الدولية. ومن تلك الأسس الهامة الفهم المشترك لشواغل كل دولة، والحرص على استمرار التواصل واللقاءات بين مسؤولي البلدين بما يسهم في تعزيز التفاهم بينهما وفقا لمصالحهما وحقوقهما المشروعة. وبالرغم من كل المنعطفات والسياقات التاريخية، حافظ البلدان على العمل بشكل جاد لتوطيد علاقاتهما في شتى المجالات والأصعدة، مستفيدين من قدراتهما ومكانتهما الذاتية، وتأثيرهما الملحوظ في الخريطة الدولية. وقال السفير إن السعودية هي الشريك التجاري الأول للصين في منطقة الشرق الأوسط، وتحتل أيضا المرتبة الأولى للدول المصدرة للنفط إلى الصين، بينما الصين هي الشريك التجاري الأول للمملكة لسنوات طويلة متتالية. وتُظهر الأرقام الاقتصادية بين البلدين تناميا مستمرا في حجم التبادل التجاري، فمن حوالي 500 مليون دولار أمريكي عام 1990، قفز حجم التبادل التجاري إلى 87.3 مليار دولار في عام 2021، وهذا يؤكد ما لدى البلدين من إمكانات وفرص واعدة وجدية في تنمية العلاقات التجارية بما يخدم مصالحهما المشتركة. وأضاف السفير أنه رغم الظروف الاقتصادية الدولية التي فرضتها جائحة كوفيد-19، إلا أن البلدين عملا بتوافق متسق على تجاوز تلك الأوضاع ومواصلة دفع التبادل التجاري والاقتصادي بينهما. وهذا دليل آخر على أن اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى واللجان المنضوية تحتها تعد ركيزة أساسية ورافعة مهمة لتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات، حيث أنها تعمل وفقا للمصالح والمنافع المشتركة التي تصب في خدمة البلدين وشعبيهما، وتمثل امتداداً للتعاون الثنائي بين السعودية والصين والذي لم يقتصر فقط على الجوانب السياسية أو الاقتصادية والتجارية أو الاستثمارية. وقال السفير إن التبادلات بين السعودية والصين لم تقتصر على المنتجات المادية، وإنما امتدت إلى المجال الفكري، مما شكل صداقة عميقة بين الجانبين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تم على هامش زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود للصين في عام 2017، افتتاح فرع لمكتبة الملك عبد العزيز في جامعة بكين. وهذا الفرع يقدم خدمات كبيرة في مجال التبادل الثقافي والمعرفي بين البلدين، كما أنه يسهم بشكل كبير في رفع مستوى وعي الطلاب الصينيين والأجانب والمثقفين والأكاديميين بمكانة المملكة الحضارية والثقافية، حيث يحتوي الفرع على حوالي 30 ألف كتاب، حسبما قال السفير. وأضاف الحربي أنه على هامش زيارة ولي العهد محمد بن سلمان للصين في عام 2019، اُعلن عن إدراج اللغة الصينية ضمن المناهج الدراسية في السعودية، بالإضافة إلى ما أعلن مؤخرا عن عزم وزارة التعليم السعودية ابتعاث عدد كبير من الطلاب إلى الصين للدراسة خلال السنوات المقبلة. كما أن أعرق الجامعات الصينية تهتم بتعليم اللغة العربية ونتائج ذلك واضحة حيث أن كثيرا من الأكاديميين والمسؤولين والدبلوماسيين والطلاب الصينيين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة. - نتائج المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني استثنائية وهامة سواء للشعب الصيني أو للمجتمع الدولي وفي معرض حديثه عن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني، قال الحربي إن المؤتمر شهد نجاحا أبهر كل المتابعين للشأن الصيني. وكانت النتائج والقرارات استثنائية وهامة سواء للشعب الصيني أو للمجتمع الدولي. وأشار إلى أن انتخاب شي جين بينغ أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في المؤتمر يعتبر أساسا قويا لاستمرار الصين في تنفيذ خططها ورؤاها المستقبلية. وقال السفير إنه منذ تولي الرئيس شي جين بينغ إدارة الحكم في الصين، تشهد البلاد تطورا مطردا في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والإصلاحية، فالصين بفضل ذلك التطور تتبوأ الآن المرتبة الثانية كقوة اقتصادية عالمية. كما أن الخطط المستقبلية التي تم الإعلان عنها في المؤتمر تهدف لبناء دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل والدفع القوي لعملية إحياء النهضة العظيمة للأمة الصينية. من جهة أخرى، أشار الحربي إلى أنه يتضح من نتائج انعقاد المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني أن مهمة رئيسية للحزب هي البناء والتقدم وفقا لخطط وتطلعات الشعب الصيني، والعمل بجد على الاتحاد مع الشعب الصيني من كافة القوميات وقيادته لبناء دولة اشتراكية قوية حديثة على نحو شامل وتحقيق الهدف المئوي الثاني، والدفع بالنهضة على نحو شامل في المسيرة الجديدة، مضيفا أن الدولة الصينية قد أكدت في مقاصد سياستها الخارجية التزامها الدائم بالحفاظ على السلام والاستقرار في العالم وتعزيز التنمية المشتركة، والعمل على الدفع ببناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وهي ملتزمة ومتمسكة بانتهاج السياسة الخارجية السلمية المستقلة، وتطوير التعاون الودي مع كافة الدول على أساس التعايش السلمي، والاستمرار في نهج الانفتاح على الخارج، وتشارك بنشاط في إصلاح وبناء منظومة الحوكمة العالمية، وتكرس القيم المشتركة للبشرية، بما يوفر فرصا واعدة لدول العالم للاستفادة من التنمية الجديدة في الصين، ومواجهة كافة التحديات العالمية بشكل مشترك.
مشاركة :